ينتقي الشاعر والصحفي العراقي ريسان الفهد، في مجموعته الشعرية القتل بكاتم الحب، مفردات من يوميات الحياة العراقية التي خيم عليها الموت، ويصهر المأساة العراقية طيلة عقود في مفردات شعرية. ويذكر الباحث والناقد حيدر الأسدي أن مفردات الألم العراقي اليومي، كالعنف والقتل والألم، حاضرة في الأدب والفن العراقي بصورة واضحة، وهذا يعود لطبيعة علاقة المثقف العراقي مع مجتمعه وبيئته، فالأديب يتأثر ويؤثر في اليومي العراقي مما جعل لتلك المفردات هيمنة واضحة في ثقافتنا. ويشير الأسدي في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذه الملاحظة لا تشمل الأدب بأجناسه المختلفة فحسب، بل تشمل كثيرا من الدراسات والبحوث والرسائل وأطروحات الدراسات العليا، حيث تضمنت كثيرا من تلك المفاهيم بفعل تسيدها على بنى النصوص الأدبية والثقافية. لذة وألم ويقول الأسدي إن الأمثلة كثيرة ولا يمكن حصرها في هذا المجال، فحين تطّلع على نتاج أي أديب عراقي خصوصا أدباء ما بعد فترة الثمانينيات، تظهر بشكل جلي تلك المفردات وتكون حاضرة بقوة كأبطال وليس كشكليات مكملة للنصوص، وهذا ما تلمسه في ثنائية الحب والقتل التي يستخدمها ريسان الفهد في ديوانه الجديد والمتميز. ويقول الشاعر ماجد البلداوي عن الكتاب للجزيرة نت إن قراءة الديوان تمنح جواز سفر لرحلة محفوفة بالمخاطر الجميلة والمفاجآت غير المتوقعة. ويشير الشاعر والصحفي ريسان الفهد -صاحب المجموعة الشعرية- إلى أن تجربته في الشعر بدأت من الألم المتجذر في الحياة العراقية. ويقول الفهد للجزيرة نت إن أغلب عناوين نصوص القتل بكاتم الحب جاءت نتيجة معاناة شخصية وأحداث واقعية، لهذا يستهويني الخوض في رحم المعاناة العراقية التي هي معاناتي أيضا، وهو ما يقرّب النص إلى المتلقي الذي يجد نفسه في الكتاب. الحلم والواقع في مقدمة الكتاب ذكر الشاعر عبد الكريم العامري أن قراءة انطباعية لنصوصه تحيل المتلقي إلى عوالم حلمية لم يجد بدا إلا الغوص فيها تاركا خلفه واقعا مريرا، وبهذا فإن تجربة الشاعر الفهد تعد واحدة من التجارب المتميزة بين الأدباء العراقيين الذين شهدوا عدة حروب، وهذا ما يترك أثره على نصوصهم التي كتبوها في ظل المعاناة اليومية. ويتلذذ الشاعر الفهد بطريقته في اختيار المفردة الممزوجة بالحب والرومانسية والمفاجآت اليومية، فهو يقول في القصيدة التي حمل الكتاب عنوانها أقتل يوميا بسلاح الحب/ أذبح بسكين العشق/ أشنق بضفيرة حبيبتي: من يطالب بدمي.. من..؟. ومع تأثير اليومي المعاش وظّف الفهد التقنيات الحديثة واختار مفرداتها في عدد من نصوص كتابه: بيني وبينها/ لوحة صماء اسمها الكيبورد/ خالية من العواطف... وذكر الشاعر محمد صالح عبد الرضا أن الفهد استطاع توظيف عمله كصحفي في قصائده من خلال الالتقاطات اليومية ببصيرة وباصرة مقنعة للقارئ، وبذلك فهو صحفي وشاعر في زمن كثر فيه مدّعو العلم بالصحافة أو فقراء القدرة الشعرية. يذكر أن الكاتب ريسان الفهد هو من مواليد البصرة عام 1960 وبدأ الكتابة منذ عام 1982، وشغل منصب رئيس تحرير في عدد من الصحف خلال مسيرته الصحفية، ومنح وساما من جامعة لاهاي للصحافة العالمية لجهوده المتميزة في الصحافة والأدب.