الحياة الجامعية قد تكون متعة وزادا، وقد تكون هدرا للطاقة وشقاء، لكن الأمر يعود أولا وأخير لك أيها الطالب، أنت من يختار شكل ونوعية هذه الحياة، طريقة تفاعلك وتعاملك مع كل ما يمر عليك يحدد مستقبلك، يجب أن تعلم عزيزي الطالب أن الجامعة هي المكان الذي تبدأ فيه صناعة مستقبلك، بين جدرانها تبدأ بالتفكير في حياتك كلها وليس فقط مستقبلك المهني أو الأكاديمي، نعم قد تكون ليس كما توقعت أو سمعت، ولكن أمامك الفرصة لكي تعيشها وتتعلم وتخوض الخبرة، نوعية هذه الخبرة وتفاعلك معها سوف يساعدانك في مواجهة كل ما يمر عليك من تحديات فيما بعد، ومن هنا أريد أن أشاركك ببعض النصائح التي جمعتها لك، لستَ ملزما بها ولكن إن استطعت أن تتبعها سوف تسهل عليك هذه المسيرة. عندما تلتحق بمجال معين، تجد أن هناك مواد إجبارية ومواد اختيارية، حاول في المواد الاختيارية أن تنوع كي لا تسجن نفسك في التخصص وتقيد فكرك في عالم محدد، تعامل مع كتيب المواد الجامعية وكأنك تتعامل مع قائمة طعام حيث تجد فيها من كل شكل ونوع؛ أدب، تاريخ، فلسفة، علوم، لغات، قانون، إعلام، إدارة، تسويق..إلخ، ابحث بينها عما يثير انتباهك واهتمامك وسجل وخض التجربة، المراد هنا أن توسع من آفاق فكرك وتفتح المجال أمامك على أن تحتك مع نوعيات مختلفة من الطلبة، واحرص على متابعة جداول المحاضرات والدورات وورش العمل التي تقدم من قبل مختصين من خارج الجامعة أو داخلها، اختر ما يشدك.. كل ما حضرت أكثر توسع مخزون المعرفة لديك، ثم سجل ذلك في ملف سيرتك الذاتية، التي يجب أن تقوم بتجهيزه من السنة الأولى، حيث تضع فيه إضافة إلى ما سبق، وثائق تثبت كل ما قمت به من أنشطة أكاديمية أو اجتماعية، واحرص على أن تأخذ خطاب تزكية من كل أستاذ بحيث يضع فيها الصفات والمهارات والقدرات التي لاحظها فيك خلال مشاركتك في المادة أو النشاط الذي شاركت فيه، المهم هنا أن تنغمس في الحياة الجامعية ولا تترك أي شيء دون أن تخوض به وتجربه من النشاط المسرحي إلى التطوعي إلى العلمي إلى الرياضي... لا تتخرج دون أن تضع بصمتك، قد تدخل الجامعة مجرد اسم أو رقم ولكن لا تفارقها إلا وأنت عنوان. ولا تنسى أن تقرأ على قدر ما تستطيع ثم أكثر، أحيانا نسأل أحدهم: من هو كاتبك المفضل؟ يردد أسماء في مجال معين، غالبا ما سمع عنهم ولكنه لم يقرأ لهم سوى ما عرض على صفحات التواصل الاجتماعي من مقتسبات، أما العمل كاملا فلم يشاهد حتى الغلاف! إن القراءة مهمة في الحياة الجامعية، بل إنها الأساس... لأن القراءة وحدها سوف تزيد من مخزون المفردات لديك وترتقي بنوعية فكرك وحديثك، وتدعمك في أي حوار، أو نقاش، أو مناظرة شفهية كانت أم كتابية، لأنها لن تمدك فقط بالحجج والأدلة بل بالأفكار أيضا، ابحث عن الكتب الإضافية التي يضعها لك الأستاذ في مفردات المادة واقرأها ولا تعتمد فقط على الكتاب المقرر، تابع الصحف العربية والأجنبية وحلل وقارن، كن واعيا ومتابعا لكل ما يحدث حولك محليا أو عالميا، ولا تقيد نفسك بمصدر واحد يقيد فكرك، إن فكرك لكي يكون حرا يجب أن يدعم بالاطلاع على جميع وجهات النظر، ليس مطلوبا منك أن تتقبل ولكن المفروض منك أن تحكم قبل أن تقرأ وتطلع، احرص على أن تكون قائدا لا أداة، اخرج من الدائرة لترى الصورة كاملة، المهم ألا تسمح لأحد أن يفرض عليك رأيا أو موقفا، أنت من يقرر لا المجموعة أو الأكثرية، وانتبه لمن يستغل مشاعرك من أجل أن يجرك إلى حيث يريد، وفي لحظة تفقد استقلاليتك وتصبح أداة في يد لاعب يبحث عن حماسة الشباب واندفاعه لكي يجعله وقودا يحرق به أو خنجرا يغرسه في خاصرة الوطن. تعرف على حقوقك وواجباتك وتعرف على كل المرافق والخدمات التي تقدم لك، لا تترك شيئا للصدفة أو حسب الحاجة، نظم وقتك في المذاكرة ولكن لا تنسى أنك إنسان بحاجة للترويح عن النفس وقضاء بعض من الوقت مع الأسرة والأصدقاء، اقترب من أساتذتك وتعرف عليهم أكثر من خلال زيارتهم في مكاتبهم حتى لو كان لإلقاء السلام، اجعل وجهك معروفا وابتسامتك تسبقك حيث ما ذهبت، واسأل عن كل ما يخطر على بالك فيما يقدم لك من مادة علمية.. إنه من حقك، وإن شعرت بالإحراج أو أن الأستاذ لا يحب الأسئلة ويعتبرها مقاطعة لسير المحاضرة، انتظر إلى نهاية المحاضرة، أو استخدم البريد الإلكتروني أو صفحة المناقشة على موقع أستاذ المادة، عندما نقول لا تتنازل عن حقك لا يعني أن تتعدى وتتطاول، كل شيء يأتي بالأدب والاحترام، وحاول أن تبتعد عن الأسئلة التي ترفع ضغط الأستاذ خاصة تلك التي تأتي والأستاذ منهمك ومندمج في شرح نقطة مهمة وفجأة تأتيه أمثلة من الأسئلة التالية: "هل هذه المعلومة داخلة في الاختبار، هل الاختبار موضوعي أم مقالي، هل يمكنني أن أقدم بحثي بعد الوقت المحدد؟"، يجب أن ينصب اهتمامك على المعرفة والمهارة لا على الدرجة، هناك فرق! نعم فالأولى تساعدك على اكتساب المعلومة والثانية تحدد لك طريقة التعامل مع المعرفة على أنها مادة للحفظ من أجل درجة! لدي الكثير ولكن المساحة لا تسمح... فاملأ الفراغ أنت وابحر في الشبكة العنكبوتية وتعرف على العالم الجامعي في بلاد أخرى، ادخل المنتديات الجامعية للاختصاصات المتعددة وتابع ما يدار من حوارات ونقاشات، صدقني.. إنك ستجد الكثير مما سيفيدك.. في النهاية القرار لك في أن تجعل من الحياة الجامعية رحلة أو محنة.