الحراك السياسي والثيوقراطي الحالي في الوطن العربي، خصوصاً في مصر الذي أخذت الإيفانجليكية فيه حصتها الكبرى وتحديداً عندما أقحمت الطوائف والأحزاب الدينية نفسها في السياسة والطمع في السلطة، التي تبدو أقرب لوصف «تشيدستر»: الذي يرى أن «السياسة والدين هما بعدا التجربة الإنسانية خلال ممارستها الهادفة للسلطة». فما تشهده أرض الكنانة هذه الأيام من حراك انتخابي هو امتداد لثورات الربيع، التي كان هدفها التغيير وإصلاح الأنظمة وتحسين الأوضاع المعيشية، التي انطلقت من الصفر كون الصفر هو الأمن والأمان والاستقرار، الذي يخيم في سماوات الوطن العربي كنقطة ثابتة ومركزية، ومرحلة قد تجاوزتها تلك البلدان الثائرة لتبدأ مرحلة أخرى تهدف إلى تحسين معيشة الإنسان وتطور المكان كهدف أساسي ارتكز على قاعدة أمنية وديمقراطية كانت قد تحققت بفضل الأنظمة السابقة، التي أصر الثائرون على استبدالهم كهدف ظاهري للوحة التغيير. وهو ما تسبب في ضياع هدفها الأساسي، خصوصاً بعد أن زُجَت الدول العربية في حراك سياسي كردينالي مزّق الوطن العربي الإنسان والمكان والعقيدة إلى أشلاء حزبية وطوائف وحركات وتنظيمات جعلت من السلطة والتسلط هدفاً لها، وهي الحسنة الوحيدة التي أرى أنها تمخضت عن تلك الثورات، بينما هُدمت القاعدة الأساسية التي ارتكزت عليها تلك الثورات ليغيب الأمن ويضيع الاستقرار وتختفي الأهداف، وتُمحى الأماني التي بُنيت على أساسها قواعد التغيير لتعود من جديد بحثاً عن أمان يحفظ الأرواح وسلام يعيد للبلاد استقرارها تماماً، كما كان في السابق إبان الأنظمة السابقة التي يصرح المرشحون لرئاسة تلك الدول بتحقيقها كهدف أساسي في برامجهم الانتخابية، بينما يحاول بعض الرؤساء في الدول الأخرى تحقيقه كقربان لفترة رئاسية أخرى أو فدية لكرسيه الرئاسي كما يحدث في اليمن هذه الأيام. يستعرض مرشحا الرئاسة في مصر رفع قواعد الأمن والأمان وسلامة المواطنين ومحاربة الإرهاب والقضاء عليه كأهم عنصر وأفضل هدف من أهداف البرنامج الانتخابي وهو العنصر الذي يرنو إليه الشعب في الوقت الحالي كوتر يرى أن العزف عليه أقرب وأطرب وسيلة لملامسة مسامع الشعب وكسب أصواتهم. فقد صرح عبدالفتاح السيسي إبان حملته الانتخابية لرئاسة جمهورية مصر العربية بذلك، وكذلك بقية مرشحين في مصر، والدول العربية لرئاسة بلدانهم في القضاء على الإرهاب وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحفاظ على حياة المواطنين وسلامة الممتلكات وهو الأمر، الذي كان محققاً وثابتاً قبل بداية الثورات لتعود الدائرة تدور من مركزها.