انتشرت مع بداية العام الجديد موجة من الإعلانات في شوارع مدن سورية كدمشق وحلب وحمص وحماة وطرطوس، تدعو السوريين إلى الأمل والتفاؤل وتغيير حياتهم نحو الأفضل، بينما قابل مواطنون الحملة بالسخرية لكونها تدعوهم إلى حياة مختلفة في ظل حرب وقتل وتهجير. وتحت شعار "عيشها غير"، دعت هذه الحملة الجديدة المؤسسات العامة والخاصة، المعيشية منها والخدمية، للانضمام إليها عبر تقديم خدمات وحسومات وتسهيلات للمواطنين على مدار العام أو خلال فترة محدودة منه. وبالفعل، بدأت العديد من المؤسسات مثل وزارات النقل والإعلام والتجارة وغيرها بالانضمام إلى الحملة، وكذلك بعض الجهات الخاصة كالمطاعم ومحلات بيع الألبسة، وتم الإعلان عن عروض وحسومات تلك الجهات على الصفحات الخاصة بالحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك ضمن الإعلانات التي انتشرت بكثافة على الطرقات. ورغم ترويج الإعلام الرسمي بشكل كبير لهذه الحملة باعتبارها "دعوة لتعزيز المواطنة وتحمل المسؤولية"، فإن تزامنها مع رفع الحكومة لأسعار المواد الأساسية وهي المازوت والخبز والغاز أثار سخرية آلاف المواطنين بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم، وجعل التشاؤم عنواناً لعامهم الجديد عوضاً عن التفاؤل. إعلانات الحملة انتشرت مع بداية العام في مدن سورية عدة(الجزيرة نت) دون فائدة فمروة -وهي ربة منزل تعيش في دمشق- قالت إن هذه الحملة تبدو كأنها اتفاق ضمني بين مخططيها وبين الحكومة السورية "لتحويل حياة المواطن السوري بالفعل إلى شكل مختلف، فآلاف العائلات السورية تعيش أسوأ أوضاعها منذ سنين خلت". وأضافت "لسنا بحاجة إلى حملة وإعلانات وحسومات، وإنما بحاجة إلى إيقاف الحرب كي نتمكن من إعادة بناء حياتنا من جديد". وتتفق سارة -وهي موظفة قطاع حكومي مع هذا الرأي- إذ تقول إن مطلقي هذه الحملة يعيشون خارج سوريا دون شك. وتابعت "قبل أن نعيش حياتنا بشكل مختلف علينا أن نعيشها"، وتساءلت "هل جرب أحد من مخططي هذه المبادرة النزول إلى الشوارع كي يرى آلاف النازحين والمشردين ومئات المواطنين الذين يسيرون كل يوم إلى أعمالهم وجامعاتهم بسبب عدم توافر وسائل المواصلات؟". أما الطالب الجامعي أحمد فيرى أن المستفيدين من الحملة هم شريحة صغيرة جداً من المجتمع السوري وعلى رأسها المؤسسات والشركات المشاركة، أما المواطن العادي والشرائح الفقيرة فلن تشعر بأي تغيير ملموس من حملة بعيدة كل البعد عن واقعها المعيشي. ويؤكد الناشط الدمشقي عمر الشامي ما سبق، إذ يقول إن الإعلانات المنتشرة في الطرقات بشكل مزعج أحياناً، تحمل صوراً وعبارات تذكّر بمقولة ماري أنطوانيت الشهيرة التي طلبت من مواطنيها الفقراء تناول الحلوى إن لم يكن الخبز متوافراً، "فعن أي حسومات وخدمات تتحدث حكومة عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لمواطنيها؟". وطالب الشامي في حديثه للجزيرة نت بمحاربة الفساد المستشري في كافة أنحاء البلاد، خاصة مع انتشار تجار الحرب والسوق السوداء الذين كان لهم الدور الأكبر في دخول ملايين السوريين تحت خط الفقر، وذلك بحسب إحصائيات الأمم المتحدة. " المواطنة سارة: هل جرب أحد من مخططي هذه المبادرة النزول إلى الشوارع كي يرى آلاف النازحين والمشردين ومئات المواطنين الذين يسيرون كل يوم إلى أعمالهم وجامعاتهم بسبب عدم توافر وسائل المواصلات؟ " توجه حكومي بدوره قال الناشط الإعلامي محروس المقيم في دمشق إن استياء السوريين من رفع الأسعار يبدو بديهياً في ظل الحرب التي أرخت بظلالها على الوضع الاقتصادي في كافة أنحاء البلاد. غير أنه يرى أن هذه الحملة "ستعود بالفائدة على المواطنين الذين أثقلت كاهلهم حربٌ طويلة الأمد، وذلك إن تم بالفعل الالتزام بالخطوات المعلن عنها من حسومات وتخفيضات وتسهيلات". وأضاف محروس للجزيرة نت "تشير الحملة الإعلانية الضخمة المرافقة لهذه المبادرة -إضافة إلى مشاركة وزارات الدولة وبعض فعاليات القطاع الخاص- إلى كونها توجهاً حكومياً هدفه تقديم الحسومات وزيادة الخدمات". وزاد "رغم وجود عدد كبير من المواطنين الذين يرفضون أداء الحكومة أو يقيمونه على أساس النتائج الخدمية المقدمة للمواطن، فإن شريحة كبيرة من السوريين ما زالت تثق بالحكومة وقدرتها على تقديم الأفضل رغم ظروف الحرب".