غادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس قمة مجموعة العشرين أبكر مما كان مقررا في الوقت الذى هاجمت فيه عدة دول غربية روسيا حيث اتهم توني أبوت رئيس الوزراء الاسترالي ، بوتين بأنه يريد استعادة "مجد القياصرة أو الاتحاد السوفياتي". وكانت أولى بوادر مشاحنات القمة عبر تصريحات أطلقها ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني بأن روسيا ستشهد المزيد من العقوبات الاقتصادية إذا لم تتوقف عن دعم "الانفصالين" في أوكرانيا، بل وصل الأمر إلى حد اتهام كاميرون لبوتين بأنه لا يحترم كلماته وتعهداته، وتشبيه ما تقوم به موسكو تجاه كييف بسلوك هتلر تجاه الدول الأصغر والأقل قوة من ألمانيا. وباستقباله نظرائه صباح أمس سعى أبوت إلى التخفيف ولو قليلا من المناخ المشحون لهذه القمة التي تستمر حتى اليوم في المدينة الواقعة شرق أستراليا، التي تحول وسطها على ضفاف نهر برزبن إلى حصن منيع تحلق فوقه المروحيات، وحيث تظاهر مئات المعارضين سلميا ضد مجموعة العشرين. وقال أبوت إنه سيكون أمرا مستحبا لو استطعنا التحدث فيما بيننا باستخدام أسمائنا الأولى، لأنني أعتقد أن ذلك سيساعد على الأقل بأن يسود جو ودي بيننا مهما كانت الخلافات. ثم دعا ضيوفه إلى حفل شواء على الغداء تحت ثلاث خيام بيض على وقع موسيقى عازفي جيتار، وبحسب توزيع المدعوين على مائدة الغداء لم يكن بوتين جالسا إلى جانب معارضيه الأكثر شراسة، لكن بين أنجيلا ميركل وديلما روسيف وآخرين. وأثناء عرض مسرحي نظم بعد الظهر تبادل بوتين الضحك مع الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما، أما فرنسوا هولاند فوجد نفسه هو الآخر في قلب التوتر لأن موسكو أمهلته 15 يوما لتسليم السفينة الحربية ميسترال التي طلبتها روسيا من فرنسا وبسببها تسممت العلاقات بين البلدين. ودعا بوتين هولاند في بداية لقاء بينهما إلى "تخفيف مخاطر" التوتر الدولي "وعواقبه السلبية" على العلاقات بين بلديهما، وقال إنه يجب أن نفعل ما بوسعنا لتقليل المخاطر والعواقب السلبية على علاقاتنا الثنائية. وقد حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما في قمة برزبن وضع التغير المناخي في صلب مناقشات مجموعة العشرين التي افتتحت في ظل توترات دبلوماسية بين روسيا والغرب. كما تحدث الرئيس الروسي مع رئيس الوزراء البريطاني بشأن سبل تحسين العلاقات المتوترة بين روسيا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، كما أعلن متحدث باسم الكرملين. وصرح المتحدث ديمتري بيسكوف بأن بوتين وكاميرون عبرا عن اهتمام بتحسين العلاقات بين روسيا والغرب وتبني تدابير فعالة لتسوية الأزمة الأوكرانية، ما سيسهل التخلي عن الخلافات. ولم تدرج أستراليا، التي تستضيف قمة رؤساء الدول والحكومات الأكثر قوة في العالم، موضوع البيئة في أولويات هذا الاجتماع، لكن أوباما الذي يكثف الحديث عن المسائل المناخية منذ الإعلان عن اتفاق غير مسبوق مع الصين لخفض انبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، قرر أمرا آخر. وذكر أوباما في خطاب ألقاه في جامعة برزبن على هامش قمة العشرين "إن تمكنت الصين والولايات المتحدة من الاتفاق في هذا الخصوص، فبإمكان العالم أيضا أن يتوصل إلى اتفاق، وأعلن في الخطاب ذاته مساهمة بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى الصندوق الأخضر في الأمم المتحدة من أجل المناخ. وقد صفق الحضور بقوة لأوباما الذي كسب التأييد بتصريحاته اللافتة، وهذه الأجواء الفرحة قد تتباين مع المناخ الذي يسود مناقشات رؤساء الدول والحكومات، ولا سيما مع التوترات بين روسيا والغرب التي تلقي بظلالها على هذه القمة. وبخصوص المسائل الاقتصادية الموضوع الرئيسي التقليدي لمجموعة العشرين التي يفترض أن تصادق دولها الأعضاء التي تمثل 85 في المائة من الثروة العالمية على خطة ترمي إلى تسريع نمو إجمالي ناتجها الداخلي في وقت يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي، بينما الولايات المتحدة هي المنطقة الوحيدة التي يتقدم اقتصادها بقوة. وفيما يتعلق بموضوع الضرائب الحساس بعد بضعة أيام من كشف معلومات حول ممارسات لوكسمبورج الضريبية، التي تسمح لشركات متعددة الجنسيات بتقليص ضرائبها يتوقع أن توافق مجموعة العشرين على التقدم في التبادل الآلي للمعطيات المصرفية والشق الأول من خطة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة التهرب الضريبي.