×
محافظة المنطقة الشرقية

هزة أرضية محسوسة على أبها وجازان وخميس مشيط

صورة الخبر

لم يتبادر لذهني أدنى شك بموافقة المعارضة السورية الممثلة بالائتلاف الوطني على حضور مؤتمر جنيف 2 المقرر عقده اليوم. فحتى لو لم ترضخ للضغوط العربية والدولية الشديدة عليها بما فيها التهديد بوقف كافة أنواع المساعدات، إلا أن موقفها على الأرض سيئ إلى حد كبير ما يجبرها في النهاية على الموافقة على الحضور. ولكن لم أتوقع أن تدعى إيران لحضور المؤتمر بمثل هذه السهولة وذلك في ضوء تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المتشددة حيال دعوتها لحضوره ما لم تلتزم علنا بتفاهم Communiqué جنيف 1 في يونيو 2012 والتي تنص على تشكيل جسم سياسي سوري مستقل يتوافق عليه طرفا النزاع الممثلين في المؤتمر ليشرف على فترة انتقالية توقف خلالها أعمال القتال وتنتهي بتوفير المناخ المناسب لانتخابات سورية حرة نزيهة. ومع اقتراب موعد عقد المؤتمر حدثت ثلاثة تطورات هامة يمكن الربط بينها وإن بدت الأمور خلاف ذلك. أما التطور الهام الأول فتمثل في فتح جبهة قتال جديدة ضد الجيش الحر من جماعة دولة العراق والشام الإسلامية (داعش) التي يقال بأنها تنتمي للقاعدة لوضع الجيش الحر وفصائل المقاومة الإسلامية الأخرى بين فكي كماشة ذراعاها داعش وجيش بشار في تناغم عجيب بين الطرفين النقيضين من الناحية النظرية والأيديولوجية. وبالتزامن حدث التطور الثاني والمتمثل في تصعيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للموقف في الأنبار تحت شعار مقاومة التطرف السني في منطقة الأنبار التي تشكل حدودها البطن اللين لسوريا للتأكد من قطع الإمدادات عبرها للمعارضة السورية المسلحة. أما التطور الثالث فقد كان في إعلان المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، بعد تسع سنوات من الصمت، وفي توقيت يدعو للتساؤل، عن توجيه اتهاماتها لأعضاء من حزب الله بتنفيذ الجريمة لصالح أطراف أخرى ربما كان النظامان السوري والإيراني من ضمنها خاصة بعد تسرب أنباء مفادها أن اثنين من القتلة يعيشان الآن على الأراضي الإيرانية بخلاف من قام نظام بشار بتصفيتهم جسديا على مدى السنوات الماضية. وأوضح أن التطورين الأول والثاني يضعفان من موقف المعارضة السورية المسلحة على الأرض أما التطور الثالث فيضعف موقف نظام بشار وحلفائه إيران وحزب الله في أي مفاوضات ذات علاقة بالوضع السوري. فمن أخرج هذا المسلسل لسير الأحداث؟ ولماذا؟ تشير الدلائل إلى أن ما يجري هو نتيجة لتفاهم وتنسيق بين القوتين العظميين الراعيتين لمؤتمرات جنيف لفرض حل قد لا يرضي مختلف الأطراف في سوريا. ففي الميدان هناك طرف يحرك داعش والمالكي على الأرض ويجبر المعارضة المسلحة على خوض معارك جانبية مع تهديدها بقطع المساعدات وتأليب الجيران الأتراك عليها. والطرف الآخر يشارك بفعالية في المجهود الحربي لنظام بشار بتشغيل طائرات الاستطلاع ودعم قواته الجوية بالصيانة وقطع الغيار والبراميل المتفجرة للإيحاء بتسريع الحسم لصالح النظام خاصة في جبهة حلب دون حسم حقيقي لإرهاب المعارضة وتخضيع النظام. أما على الجبهة الإقليمية فيتم التلويح لإيران وحلفائها من أحد الأطراف باتهامات المحكمة الدولية وإمكانية تصعيد الموقف بحسب التطورات، ليقوم الطرف الآخر بدور الناصح الأمين لإقناع إيران وحلفائها بضرورة تليين مواقفهم. وهكذا رأينا كيف اضطرت المعارضة السورية المنضوية تحت لواء الائتلاف للتنازل في النهاية عن شروطها، وإعلان الموافقة على حضور المؤتمر. كما رأينا بشار الأسد وهو ينفي تصريحه بأنه لن يتنازل عن السلطة لإحدى وسائل الإعلام العالمية، ورأينا إيران وهي توافق سرا لا علنا – كما هي عادتها – على تفاهمات جنيف 1 كشرط لدعوتها للمؤتمر وهو ما تم فعلا. ولكن المعارضة السورية التي استجابت لتأكيدات كيري باستحالة دعوة إيران للمؤتمر ما لم تعلن موقفها المساند لتفاهمات جنيف 1، فوجئت بتوجيه الدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة لإيران بعد أقل من 24 ساعة من إعلان موافقتها هي على الحضور، وبمثل هذه السهولة وكأنما كان الداعون ينتظرون تلك الموافقة من المعارضة على أحر من الجمر لفرض حضور إيران عليها، ودون التزام إيران العلني بأية شروط، ما دفع بالائتلاف السوري لتعليق موافقته على حضور المؤتمر حتى تعلن إيران موقفها وتسحب قواتها من سوريا. ولكن في ضوء ما يجري على الأرض وخلف كواليس السياسة الدولية، أرى أن كافة الأطراف السورية والإقليمية تعاني من ضعف شديد في مواقفها بعد أن فرطت بكافة أوراقها لهذا الطرف الراعي أو ذاك، وبالتالي فإن التشدد المفتعل في مواقف أي منها وتحمل تبعاته رفاه فات وقته، ولا مفر من تمثيل الجميع في المؤتمر وتجرع الحلول التي طبخت على نار هادئة ليتناولوها باردة برودة السم الذي طبخت فيه.