عاد التوتر إلى محاور الاشتباكات التقليدية في طرابلس أمس، حيث سمعت أصوات الرشقات النارية فضلًا عن أعمال القنص التي تستهدف محيط منطقة الزاهرية واوتوستراد طرابلس الدولي، وعملت وحدات الجيش اللبناني على الرد بكثافة وبشكل مركز على مصادر النيران لإخمادها. ووصل رصاص القنص إلى مناطق بعيدة من أماكن الاشتباكات وبدت حركة السير شبه مشلولة في مختلف شوارع مدينة طرابلس. وشدد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل على أن «الأجهزة الأمنية لن تكون «كبش المحرقة» في طرابلس وليتحمل الجميع مسؤوليتهم» واعتبر الرئيس السنيورة أن هناك مصلحة وسريعة في أن يبادر حزب الله إلى الانسحاب من سوريا اقتداءً بمصلحته بداية، وثانيًا لمنع المزيد من التدهور في العلاقات اللبنانية - اللبنانية، وبالتالي اتقاء للشرور التي يمكن أن تأتي إلى لبنان بمجرد أن فتحنا الأبواب على مصارعيها لدخول هذه العواصف والرياح الشديدة إلى لبنان. من جهته اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «جولة العنف المتفجر في طرابلس ينذر بانكشاف أمني خطير وأخطر ما في الأمر هو عمليات القنص التي تشعل المدينة». وأضاف: «أعمال القنص قد لا تكون لا من التبانة ولا من الجبل ويؤسفنا أن بيئتنا حاضنة لأسباب التفجر ما يجعلها في أكثر الأحيان ضحية سياستها الضيقة»، مشيرًا إلى أنه «لا بد من المحافظة على البيئة الوطنية التي تميز لبنان ومجتمعه وتحبب به الأجانب الذين يعيشون فيه أو يقصدونه». من جانبه اعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن هناك من يعمل من أجل إبقاء طرابلس جرحًا نازفًا، ورأى أن هناك حاجة لأن تعمد الدولة إلى سحب السلاح من الجميع في طرابلس. ورأى أن التراخي الأمني منذ تفجيري المسجدين دفع بالبعض لأن يحاول أن ياخذ زمام الأمر بيده، ولأن استعمل السلاح للقصاص ممن ليسوا هم مسؤولون عن هذا الأمر وقال: هذا أمر مرفوض جملةً وتفصيلًا ونعرف أنه لا يجوز لا بالقانون ولا بالشرع ولا بالإنسانية ..فلا تزر وازرة وزر أخرى، ومعتبرًا أن هذا يشكل مظهرًا من مظاهر تردي دور الدولة وحضورها وهيبتها. كلام الرئيس السنيورة جاء خلال ندوة صحفية عقدها في مكتبه في الهلالية- بصيدا أمس وقال: إن الوضع في طرابلس لم يعد بالإمكان مداواته بالمراهم والإجراءات الظرفية أو العابرة وإن هناك حاجة من أجل اتخاذ قرارات حازمة يتم تنفيذها حتى لو اقتضى الأمر تغيير رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية في المدينة من أجل أن يسود شعور أن هناك أمرًا جديدًا سيتم تطبيقه. من ناحيته شدد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل على ان «الأجهزة الأمنية لن تكون «كبش المحرقة» في طرابلس وليتحمل الجميع مسؤوليتهم». وفي حديث تلفزيوني أمس، رأى أن «هناك بعض الأشخاص في طربلس لا يريدون استقرار الوضع في المدينة»، مؤكدًا أن «الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها ضمن المعقول»، لافتًا إلى أن «الجيش مستعد لإنهاء الوضع في طرابلس لكن لا يريد تحويلها إلى مخيم نهر بارد ثانٍ».وأكد أن الدولة والأجهزة الأمنية «على أتم الاستعداد لتثبيت الأمن والأستقرار وتعزيزهما، على الرغم من وجود العقبات والمشكلات، التي هي في معظمها خارجية، وتتعدى الحدود اللبنانية»، لافتًا إلى أن «هناك مرحلة صعبة، تنتظر لبنان، وتمتد خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2014». وأوضح أنه «تم الاتفاق على توحيد إمرة القوى الأمنية في طرابلس وتسليمها للجيش، بموافقة رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة. سنضرب بيد من حديد لتثبيت الأمن ومنع التدهور الذي يدفع ثمنه غالبًا المواطنون الأبرياء». ورأى أنه «على المتحاورين السياسيين المعنيين بطرابلس التفاهم على الخطة الأمنية التي يمكن أن نقوم بها»، وقال: «نحن ندعو إلى الحوار والتفهم كي نمنع الخراب عن طرابلس لأن القصة في هذه المدينة معقدة وصعبة جدًا». في حين اعتبر النائب عماد الحوت أن ما يحصل في طرابلس محاولة لخلق فتنة بين العلويين والسنة، داعيًا الدولة إلى حسم أمرها وحماية أمن المواطن ومحاسبة الخارجين عن القانون. وأكد الحوت في تصريح امس ان المسلحين في طرابلس يتمتعون بغطاء من قبل بعض الأجهزة الأمنية، قائلًا إن طرابلس أصبحت صندوق بريد بين الداخل والخارج. ودعا إلى رفع الغطاء عن كل المخلين بالامن إلى أي جهة كانوا، وتساءل الحوت: لماذا لم يتم حتى الساعة إلقاء القبض على النائب السابق علي عيد ونجله رفعت عيد؟ مضيفًا: إن اللجوء إلى الأمن الذاتي هو من أخطر وجوه غياب الدولة، وطالب السياسيين بتغليب مصلحة لبنان الوطنية على مصالحهم الشخصية الضيقة. من جهته أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني في تصريح أمس إلى أن الأوضاع ستستمر على ما هي عليه في لبنان، بانتظار كلمة السر وماذا سيكون موقف إيران بعد الاتفاق مع الغرب وكيف ستحدد سياستها تجاه السعودية ودول الخليج العربي؟، وما مضمون الجزء المخفي من هذا الاتفاق؟، وهل سيقتصر على معالجة السلاح النووي ورفع العقوبات، أم سيتعداه إلى أمور غير معلنة؟، لأنه في العادة تكون الاتفاقات المخفية أكثر بكثير من المعلنة، خصوصًا بين الدول المعنية بسياسات العالم، فإذا كانت إيران اتخذت جانب الاعتدال والانفتاح، سيكون هناك ليونة من جانب «حزب الله» عن الشروط. وشدد على أن «هذه الشروط لا زالت تعرقل تشكيل الحكومة طوال هذه المدة، فإذا ما تغير الموقف الإيراني فقد نشهد تشكيل الحكومة في وقت قريب». مشيرًا إلى أن لبنان دخل بالفعل في نفق خطير، بسبب سياسة الهيمنة المتبعة من قبل «حزب الله»، منذ سنوات عدة وانتشاره في مناطق مختلفة من سوريا، ما زاد من خطورة ما يجري في المنطقة على لبنان». وأضاف أن من تداعيات هذا التدخل العسكري إلى جانب النظام السوري «عراق» آخر، هذا شيء مخيف وخطير، لافتًا إلى أن «حزب الله» كان يقول، إنه دخل الحرب في سوريا ليمنع دخول «القاعدة» والتكفيريين إلى لبنان، لكن ما حصل هو العكس تمامًا، لقد أدى دخول الحزب للقتال في سورية، إلى دخول التكفيريين إلى لبنان بأعداد كثيرة، وهذا يشكل مصدر قلق على كل مواطن لبناني، لذلك مازلنا نصر على مطالبة «حزب الله» الانسحاب من سوريا والعودة إلى منطق العقل والانفتاح على الطرف الآخر والتخلي عن الشروط التعجيزية. على صعيد آخر داهمت مخابرات الجيش فجر أمس منزل قائد أحد محاور القتال في الأسواق الداخلية في طرابلس حاتم الجنزرلي، وتم اعتقاله مع 5 من مسلحيه، بالإضافة إلى مصادرة عدد من الأسلحة والذخيرة، بسبب إطلاقه النار على عناصر الجيش اللبناني». و»احتجاجًا على توقيفه عمدت عناصر تابعة للجنزرلي إلى إقفال طريق باب الحديد على مدخل أسواق طرابلس بالإطارات المشتعلة، مطالبين بإطلاق سراحه فورًا». إلى ذلك سطر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر استنابات قضائية إلى الأجهزة الأمنية في الشمال بالبحث والتحري عن الأشخاص الذين يشاركون في الحوادث الأخيرة في طرابلس.