مروان الجبوري-بغداد يعيش العراق منذ عقود حروبا وأزمات متتالية، ضربت سلمه الأهلي ونسيجه الاجتماعي، وخلفت جيوشا من الأرامل والأيتام والفقراء والمعدمين، وهي تركة ثقيلة لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول جذرية لإشكالاتها. ومع ازدهار عمل منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة نشأت عشرات الفرق التطوعية الشبابية بالعراق، آخذة على عاتقها تقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة، والذين تتزايد أعدادهم في دوامات الصراعات المستمرة، حيث لا تربط معظم المتطوعين أي رابطة بالعمل الحزبي والسياسي كما يقول معظمهم. وعلى سبيل المثال تكونت حملة "بصمة خير" عام 2012 على يد خمسة طلاب في كلية الإعلام بالجامعة العراقية، وكان العمل الإغاثي على رأس نشاطاتهم التي تزداد اتساعا وتنوعا. ويقول عدنان إياد وهو أحد أعضاء الحملة إنهم يعتمدون في تمويلهم على تبرعات الأعضاء وبعض المواطنين، وقد استطاعوا جمع وشراء مواد غذائية وعينية تتضمن المستلزمات الأساسية للمائدة العراقية بالإضافة إلى أغطية وألعاب للأطفال، وتوزيعها على النازحين الذين تتزايد أعدادهم في بغداديوما بعد آخر. ويضيف عدنان أنهم شرعوا في جمع الأدوية لتقديم المساعدة لنحو مئة عائلة من محافظتي الأنبار وصلاح الدين، وذلك بالاتفاق مع عدد من الأطباء والصيادلة الذين زاروا مع الفريق تلك العوائل وقدموا العلاج لها، لافتا إلى وجود خدمات أخرى مثل إقامة دورات تعليمية وتطويرية. تعد الأسواق الخيرية التي تقيمها الفرق التطوعية أحد أهم مصادر تمويلها (الجزيرة) وسائل متنوعة وتتنوع الوسائل التي يسلكها المتطوعون لجمع التبرعات، حيث توسعت في السنوات الأخيرة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وحالة الاستقرار النسبي الذي تعيشه العاصمة بغداد. ومن أبرز تلك الوسائل إقامة أسواق خيرية في بعض الأندية والمتنزهات والكليات، مما يسهم في جمع مبالغ مالية جيدة كما يقول القائمون عليها، بالإضافة إلى التفاعل الذي تناله هذه الفرق عبر صفحات موقع فيسبوك، كما يلجأ المتطوعون إلى التطواف على بعض المحال التجارية الكبيرة والمطاعم، ووضع صناديق التبرع فيها. ويقول نصير محمد من فريق "أورزت آشور" التطوعي إنهم استطاعوا منذ انطلاقتهم قبل ما يقارب ستة شهور من إقامة عدد من الفعاليات الخيرية والثقافية في مناطق مختلفة من بغداد وحزامها، ولا سيما في مدينة الصدر ومخيمات النازحين على أطراف بغداد، واستطاعوا إيصال الدعم إلى عشرات الأيتام والمهجرين. ويؤكد للجزيرة نت أنهم لا يتلقون أي دعم من أية جهة سياسية أو حزبية، وأنهم حريصون على أن تشمل نشاطاتهم جميع مناطق العاصمة دون تمييز طائفي أو جهوي. وقد تم اختيار الفريق مؤخرا من قبل المرصد الوطني للشباب كأفضل حملة تطوعية ضمن أربعين فريقا مشاركا آخر، وهو ما يدفعهم -كما يقول نصير- إلى بذل مزيد من الجهود لتقديم الدعم لمستحقيه. ترتفع نسب الفقر في العراق باستمرار مع غياب الدور الحكومي كما يقول المنتقدون(الجزيرة) اتهامات للحكومة وتبدو الصورة غير واضحة على الصعيد الحكومي، فلا توجد إحصاءات لأعداد الفرق التطوعية فضلا عن توفير الدعم المباشر لها، باستثناء تزويدهم بقواعد للبيانات تتضمن أعداد الفقراء وأماكن وجودهم. ويقول الناطق باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عمار منعم للجزيرة نت إن عمل الوزارة يقوم على مكافحة الفقر والبطالة عبر تقديم إعانات مالية ورواتب شهرية للمسجلين لديها، بالإضافة إلى تشغيل وتدريب المتضررين وذوي الدخل المحدود. ويضيف أن الوزارة تسعى إلى التواصل مع الجمعيات الخيرية والمجموعات التطوعية من أجل إمدادهم بالمعلومات اللازمة لإيصال الدعم إلى مستحقيه. لكن كثيرا من الناشطين ينتقدون "غياب" دور الوزارة، ويتحدثون عن تقصير حكومي في مكافحة الفقر الذي تزداد نسبه بصورة مطردة حسب إحصاءات محلية ودولية، حيث يعد العراق من أكثر دول المنطقة ارتفاعا في نسب الفقر، رغم أن موازنته السنوية الأخيرة بلغت أكثر من مئة مليار دولار.