تمر منطقتنا بحالة خلط أوراق، وارتباك؛ وذلك إثر انتهاء مرحلة أوباما، وانطلاق أميركا ترمب. يحدث ذلك بسبب مواقف الرئيس ترمب الذي يرى أن محاربة الإرهاب أولوية، ويرى إيران دولة راعية للإرهاب، ويريد تحالفًا يتصدى لها في المنطقة. كما يريد ترمب إنشاء مناطق آمنة في سوريا، وبدعم سعودي، ويبدو أن واشنطن تتخذ مواقف مختلفة تجاه أزمة اليمن، أكثر تشددًا من حالة التمييع التي كانت عليها إدارة أوباما. وهناك مواقف إدارة ترمب المتحمسة، والمربكة، حيال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. كل ذلك دفع الرئيس الإيراني إلى زيارة عمان والكويت، ومحاولة التواصل مع السعودية. ورأينا بشار الأسد يحاول إرسال رسائل إلى الرئيس ترمب؛ على أمل النجاح في خدعة جديدة، وكعادة الأسد. وخرج حسن نصر الله معلنًا قبوله وقف إطلاق النار والمحادثات السياسية بسوريا، مدعيًا أنه قد تم تجنب إسقاط النظام بنسبة 99 في المائة، مع محاولة تغيير الموضوع، والانتقال للقضية الفلسطينية، والقول إن لقاء ترمب ونتنياهو يعني انتهاء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن يسمع نصر الله يعتقد أنه كان من المؤيدين للمفاوضات، والحل السلمي، وليس أحد أبرز من تاجروا بالقضية الفلسطينية لخدمة الأهداف الإيرانية في المنطقة. حسنًا، اختلطت الأوراق، ماذا بعد؟ دعونا ننطلق مما قالته افتتاحية «فاينانشيال تايمز»، التي كتبت تعليقًا على تصريحات الرئيس ترمب حول القضية الفلسطينية، لتذكير الرئيس الأميركي بأنه لا داعي لمحاولة تقديم حلول جديدة، والمقاربة الأفضل هي إعادة إحياء مبادرة السلام العربية، وهي مبادرة سعودية، قدمها ولي العهد آنذاك، الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز- رحمه الله. وهذا يعني بكل بساطة، أنه في حال الرغبة الجادة للتعامل مع الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي فلا بد من العودة للمبادرة العربية، السعودية. كما أن الجدية في التصدي للإرهاب تعني أنه لا بد من الاستعانة بالقوة السعودية المميزة في مكافحة الإرهاب، التي على إثرها نال ولي العهد السعودي، وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ميدالية «جورج تينيت» التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للعمل الاستخباراتي المميز بمجال مكافحة الإرهاب؛ نظير إسهاماته غير المحدودة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين. هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فإذا أردنا الحل في اليمن فلا بد من العودة للمبادرة الخليجية، وعمادها الجهد السعودي - الإماراتي، التي تحولت إلى قرار أممي، والأمر نفسه في لبنان، ومهما قال الإيرانيون، حيث إن عماد استقرار لبنان هو اتفاق الطائف. وعليه، فإن السؤال هنا هو: أين هي المبادرة الإيرانية المفيدة بالمنطقة؟ أين جهدها لتحقيق السلم، والاستقرار؟ ولذلك؛ هو ليس صراعًا سعوديًا إيرانيًا، بل نحن أمام منهجين مختلفين؛ السعودية التي تسعى للاستقرار والسلم، وهو ما يؤكده الملك سلمان بن عبد العزيز، دائمًا، مقابل سعي إيراني لخلق مزيد من الفتن والفوضى من أجل ترسيخ نفوذها. ولذلك؛ ومهما اختلطت الأوراق فإنها تثبت أن قوة السعودية هي العقلانية، التي يجب عدم التفريط فيها، ومهما تطورت الأحداث؛ ولذا فإن السعودية تملك اليوم كثيرًا من أوراق اللعبة، بينما نرى الارتباك الإيراني الواضح.