ظلّ مستشفى "كليفلاند كلينيك" الأميركي، على مدى عقود، يُقدّم الرعاية الصحية لأصحاب المقام الرفيع، من صفوة مجتمع الشرق الأوسط، الذين يقطعون نصف الكرة الأرضية سفراً، لتلقي العلاج به. وقريباً، سيكون بوسع الشخصيات الشرق أوسطية الرفيعة، التخلّص من عبء هذه الرحلة الشاقة، إذ أعلن المستشفى الذي يتخذ من أوهايو مقراً له، افتتاح فرع عصري له فائق التطوّر يضمّ 364 سريراً، في جزيرة المارية، في إمارة أبوظبي، أوائل العام المقبل، فيما يُعتبر واحداً من أكثر المشاريع طموحاً لمستشفى أميركي في الإمارات. وتأتي عملية التوسّع، في الوقت الذي خفض فيه مستشفى "كليفلاند كلينيك" مئات الملايين من الدولارات من عملياته في الولايات المتحدة، ليستعد لخفض الإنفاق في القطاعين الحكومي والخاص، وفقاً لخطة الرئيس الأميركي باراك أوباما للرعاية الصحية. وقال الدكتور توبي كوسغروف، الرئيس التنفيذي لـ"كليفلاند كلينيك" إن الإجراء سيساعد على درّ أرباح جديدة. وقال كوسغروف، في مقابلة الأسبوع الماضي، أثناء قمة "رويترز" الصحية، نحن ننظر إليها وكأنها أموال الوقود التي ندفعها، تعود إلينا في كليفلاند.. إنها أموال تعود إلينا". ويساعد "كليفلاند كلينيك" بالفعل في إدارة قسم الحالات الحرجة في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، ولكن المشروع الجديد سيضع ولأول مرة اسمه وكوادره في المنطقة. وحاولت مستشفيات نظيرة لها، مثل "مايو كلينيك"، جاهدة التوسّع في المنطقة فيما مضى. وقال كوسغروف إن صفقة "كليفلاند كلينيك"، التي تستمر 15 عاماً، وتدفع بموجبها دولة الإمارات رواتب الأطباء والنفقات الإدارية، تسمح للشركة بتجنّب المخاطر المالية. وقال كوسغروف إن سمعة "كليفلاند كلينيك" قد تتضرّر إذا لم يقدّم خدمة بالجودة نفسها في الفرع الجديد. ولهذا السبب فإن 70% من 150 طبيباً جرى التعاقد معهم للمشروع، يأتون من أميركا الشمالية، وعمل كثير منهم في الفرع الرئيسي للمستشفى. وسيدرّب المستشفى ألفين آخرين من طاقم العمل بالمستشفى، من الفنيين إلى الممرضات. وفي الوقت الذي تخاطب فيه نحو 70 دولة "كليفلاند كلينيك" ليفتتح فروعاً له بها، يقول كوسغروف إنه يتعيّن عليه أن يرى كيف سيعمل مشروع أبوظبي أولاً، قبل النظر في مزيد من التوسّع. وفي أوهايو، يوفّر "كليفلاند كلينيك" لمرضاه الأثرياء، الذين يأتون إليه من الخارج، أجنحة خاصة يمكن فرض كردونات أمنية عليها. وينسّق موظفو المستشفى، بشكل وثيق، زيارات الصفوة ويشرفون على المترجمين والاقامات في الفنادق. وبلغت السياحة العلاجية ذروتها عام 2000، عندما سافر حوالي 4100 مريض أجنبي لتلقي العلاج في "كليفلاند كلينيك"، غير أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، في نيويورك وواشنطن، أدّت إلى تراجع هذه الزيارات. ففي عام 2012 استقبل "كليفلاند كلينيك" 3200 مريض من الخارج، 35 % منهم من الشرق الاوسط. ومع تراجع تردّد المرضى الدوليين، بدأت المستشفيات الأميركية تصدير علاماتها التجارية للطبّ الأميركي إلى الخارج. ففي عام 2005 فتح "مايو كلينيك"، الذي يتخذ من روتشيستر بولاية مينيسوتا مقراً له، فرعاً للقلب في مدينة دبي للرعاية الصحية، التي تضمّ 120 منشآة طبية، لكنه أغلق بعد ذلك بخمسة أعوام، بعد أن بذل جهوداُ مضنية لجذب المرضى. وقالت ميستي هاثاواي، مدير الممارسة الدولية ورئيس التسويق في "مايو كلينيك": "لتتقاضى الأموال التي تحتاجها لتغطية نفقاتك، عندما يكون لديك طاقم مدرب في الولايات المتحدة، وتكنولوجيا متطورة.. فإنك تحتاج إلى أعداد مرتفعة للغاية.. مايو كلينيك لم تكن النموذج المناسب، في الوقت المناسب". وقال جيلبرت مودج، نائب رئيس "بارتنرز هيلث كير إنترناشونال" التابعة لمدرسة هارفرد الطبية، التي خطّطت لتوفير خدمات استشارات طبية لمستشفى كبير، كان مُقرراً أن يفتتح في دبي، ولكن تمّ تأجيل الافتتاح، إن الركود جلب "أوقاتاً اقتصادية عصيبة هناك للجهود الطبية". واليوم استعاد الاقتصاد عافيته، وأصبحت الإمارات مستعدة لمحاولة توسيع قطاعها الطبي، مرة أخرى. وأضاف "أعتقد أنهم تعافوا، وأعادوا تقديم أنفسهم وستكون مدينة طبية حيوية للغاية". يُشار إلى أن عاهل السعودية الراحل الملك خالد بن عبد العزيز أجرى جراحة في القلب، في مستشفى "كليفلاند كلينيك"، وقطع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الراحل، سبعة آلاف ميل، لإجراء عملية زراعة كلية في المستشفى. اميركاالاماراتمستشفىصحةمستشفيات اميركيةالركود الاقتصادي