تعتبر سوتشو مدينة مهمة في جنوب شرقي الصين تشتهر بتراثها التاريخي والثقافي فضلاً عن جمالها الطبيعي، وتنبع أهمية المدينة كذلك من كونها المحطة الجنوبية للقناة الكبرى ، وهي عبارة عن ممر مائي طويل يربط بين شمال وجنوب الصين. كانت تعرف سوتشي على مدى عدة قرون بصناعة الحرير المزدهرة فيها والقنوات الواسعة والجسور حيث كانت توصف بأنها فينيسيا الشرق، وتعتبر حدائقها العديدة أمثلة رائعة لتصاميم المناظر الطبيعية الصينية الكلاسيكية. كانت سوتشو هي عاصمة مملكة وو في الفترة من القرن الثاني عشر وحتى القرن الرابع قبل الميلاد، حيث كانت هي المركز التاريخي لثقافة وو، وما زالت لهجة سوتشو القياسية هي اللهجة القياسية للغة الوو، التي تعرف غالباً حالياً بلغة أهل شانغهاي. وأصبحت مدينة سوتشو اليوم إحدى المدن الرئيسية في منطقة دلتا نهر اليانغستي الاقتصادية في الصين نظراً لمساهمتها الكبيرة في إجمالي الناتج المحلي الصيني، وكما كانت مركزاً لتجارة الحرير ومكاناً للحدائق والقنوات المائية فقد كانت المدينة وما زالت إلى اليوم ملاذاً للعلماء والفنانين والحرفيين المهرة. تم الحفاظ على تراث سوتشو العريق في العديد من الحدائق الخاصة وحدائق الساحات العامة الجميلة، لكن هذه المدينة الطموحة لا تقايض على ماضيها بمستقبلها الذي تمضي إليه بثقة، ويمكن لجولة خارج المسار المطروق إلى بعض أحيائها القديمة أن تكون مرضية تماماً، فسوتشو هي مدينة تعج بالحركة والتطور، وإن كنت قادراً مع ذلك على رؤية آثار الحياة القديمة جداً في المنطقة حول القنوات المائية. وعليك الاستعداد للإحساس بقليل من الخيانة في الكتيبات الإرشادية التي تكيل المديح للمدينة الغريبة التي يعود تاريخها لألف عام، فإعلانات محال خدمة تدليك الأقدام المنتشرة بكثافة في طريق زاي بي تقودك للإحساس بأن نصف سكان المدينة يعملون في محترفات التدليك، بينما النصف الآخر هم عملاء محتملون لتلك المحال. وفي الوقت نفسه فقد نمت سوتشو بوصفها مركزاً رئيسياً للمشروع المشترك للصناعات ذات التكنولوجيا الفائقة، حيث تضم المدينة أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم حالياً، وهي من أهم المنتجين المنفردين لأجهزة الكمبيوتر المحمولة في العالم، وتعتبر منطقتا سوتشو الصناعية في الشرق وسوتشو نيو ديستريكت في الغرب مقراً للعديد من الشركات من أمريكا الشمالية وأوروبا وشرق آسيا وأستراليا، وتشمل قائمة منتجاتها الصناعية الرئيسية الرقائق الدقيقة، ونظم ذاكرة الفلاش، والإلكترونيات، وأجهزة الكومبيوتر، ومعدات تكنولوجيا الاتصالات، والأدوات الكهربائية، والكيماويات والمواد المتخصصة، ومكونات السيارات، والأدوية، والكثير غيرها. ويقود هذا لشعور بالتناقض الصارخ حيث كانت مشارف المدينة أراضي زراعية قبل عشر سنوات فقط، وهناك في الوقت الحالي طرق سريعة بأربعة مسارات تربطها مع مدينة شنغهاي، حيث يستخدم المشاة وراكبي الدراجات الهوائية والدراجات الثلاثية العجلات مسارات مختلفة في تلك الطرق إلى جانب السيارات. حديقة تشو تشنغ يوان تقع هذه الحديقة التي يعني اسمها حديقة المدير المتواضع، في شارع دونجباي في الركن الشمالي الشرقي من المدينة القديمة، وقيل إنها تكلفت حمولة سفينة من الفضة واستغرق بناؤها ستة عشر عاماً كاملة، وهناك جولات سياحية يومية في الحديقة، على الرغم من أنها باللغة الصينية (الماندارين). ضمن الجولة هناك نظرة إلى جذوع شجرة منحوتة يطلق عليها تشاينيس ماريدج، تليها رحلة بالقارب عبر القنوات المائية في الحديقة التي تضم مجموعة لاتصدق من أشجار البونساي (بين جينغ) باللغة الصينية، والتي تستحق رحلة في حد ذاتها. حديقة وانغ شي يوان يعني اسمها حديقة سيد الشباك، وهي تقع أسفل درب صغير يتفرع من طريق فنغهوانغ رود إلى الجنوب من البلدة القديمة، وتم إنشاؤها أصلاً في العام 1140 وتمت إعادة صياغتها في عام 1770 من قبل البيروقراطي تسونغ زونغ يوان. يعتبر المجمع المتكون من منزل وحديقة أحد أصغر، وأجمل المجمعات والأكثر تناسقاً في سوتشو، وفي بعض الأمسيات يتم تنظيم العديد من العروض الاحتفالية والفنون الأدائية التقليدية حيث يمكن أن تستغرق الجولة في الحديقة نصف يوم أو أكثر. حديقة شي زي لين تقع حديقة شي زي لين ويعني اسمها حديقة غابة الأسد، قبالة طريق ليندون في مكان قريب من حديقة تشو تشنغ يوان، وهي إحدى أكبر أربع حدائق في سوتشو، وتتميز بالمجموعة الرائعة من الصخور المتآكلة والمحفورة التي كانت موضع تقدير كبير من قبل علماء الفنون الكلاسيكية الصينية، حيث كانت الحديقة في الأصل جزءًا من دير بوذي. يتبع تخطيط الحديقة العديد من المنعرجات والمنعطفات ومن السهل أن تضيع تماماً بين هذه المسارات المتعرجة فيها. حديقة هي تانغ يو سي يعني اسمها ضوء القمر فوق بركة اللوتس، وتقع على بعد 45 دقيقة من مركز مدينة سوتشو، وهي تقع في شيانغ تشنغ التي تعتبر إحدى ضواحي سوتشو. تتكون هذه الحديقة الصغيرة من عدة أحواض زهور اللوتس الصغيرة، حيث تتفتح زهور اللوتس الجميلة في الصيف وسط بحر من أوراق اللوتس العائمة، كما أن بها كذلك بضعة أنواع من زهور خشخاش الماء، وتنمو بعض نباتات اللوتس في أوعية فخارية على جانب الممرات. هناك برج للمراقبة يتيح رؤية بانورامية للبرك الموجودة في الحديقة، وليس به مصاعد، كما يمكن الوصول لمعظم مناطق الحديقة عن طريق الكرسي المتحرك على الرغم من وجود القليل من الجسور الخشبية التي لا تحتوي على سلالم، وهناك مطعم صيني، ومحل لبيع الشاي والمشروبات والمثلجات والوجبات الخفيفة. متحف سوتشو وضع تصميمه المهندس المعماري آي إم بي الذي عاش معظم حياته في الولايات المتحدة وكان من المعماريين البارزين فيها وربما يكون عمله الأكثر شهرة هو الهرم الزجاجي خارج متحف اللوفر في باريس، كما صمم عدداً آخر من المتاحف بما فيها قاعة شهرة الروك آند رول في كليفلاند. تخلى بي عن تقاعده في الثمانينات من عمره للعودة إلى سوتشو ليصنع المتحف الذي زاوج فيه بين حساسية الحداثة وإحساس منازل جيانغنان التي ولد فيها وتقع في منطقة جنوب نهر اليانغستي التي تتميز بتطور طبقات مفكريها وحساسيتهم الجمالية. منطقة جسر لي غونغ دي يقع جسر لي غونغ دي في بحيرة جينجي في سوتشو، وهي أكبر البحيرات الموجودة داخل المدن الصينية، وهو مبني بطراز العمارة القديمة الأنيقة والحساسة بطول إجمالي يبلغ 1400 متر، وجرى تشييده في عهد الإمبرطور غوانغكسو من قبل لي تشوكيونغ، حاكم مقاطعة يوان خه. عملت شركة هارموني غروب مؤخراً على إعادة التخطيط والتطوير الشامل للمنطقة الجنوبية الغربية من بحيرة جينجي بما فيها جسر لي غونغ دي، حيث أصبحت الواجهة البحرية بقعة الترفيه والتسلية والنقطة التجارية المفضلة للطبقة العليا في سوتشو بعد إعادة تحديثها وهي تغطي مساحة تقرب من 200 ألف متر مربع. تضم منطقة جسر لي غونغ دي شارعاً تجارياً على الطراز الدولي الذي يدمج منتجع وسبا ريغاليا الراقي، ومتاجر الأزياء ومرافق العناية الصحية والمطاعم ومرافق الترفيه والمعالم السياحية والترفيهية الثقافية، ويضم علامات تجارية شهيرة من دول مثل الدنمارك وإيطاليا وألمانيا واليابان وبلجيكا وهونغ كونغ، في الوقت الذي تم معه الحفاظ على المساكن التقليدية في منطقة لي غونغ دي. أوبرا سوتشو لا تشتهر سوتشو بحدائقها الكلاسيكية الأنيقة وثقافتها التقليدية فحسب ولكنها تشتهر أيضاً بدور الأوبرا الرائعة فيها، ويعد متحف الأوبرا في سوتشو أفضل مكان لأولئك الراغبين في معرفة المزيد عن فن الأوبرا في المدينة، وعن تاريخ الفنون الصينية المحلية في مقاطعة جيانغسو. بدأ العمل في المتحف الذي يعد أحد المواقع التاريخية المهمة الموضوعة تحت حماية المحافظة في العام 1982 وفتح أبوابه أمام الجمهور في العام 1986. يقع برج صناع الموسيقى داخل المتحف، وهو مبنى يبرز الإرث الذي خلفته سلالة تشينغ (1644 - 1911)، والمبنى الرئيسي عبارة عن منصة كلاسيكية مع سقف مقوس مصمم، بحيث ينتج تأثيراً للصوت جيداً جداً، وتشكل المربعات الموجودة في الجانبين الشرقي والغربي مع القاعة الكبيرة في العمق مسرحاً يتصف بالجمال الكلاسيكي الشرقي الأخاذ. تقام العروض المهنية للغاية داخل المبنى الكلاسيكي يوم الأحد من كل أسبوع، وهي ممتعة حتى لغير الناطقين باللغة الصينية، وتدمج عروض الصوت والضوء بين التأثيرات المعمارية المعاصرة والتاريخية.