قبل المصارف، وقبل تطور وسائل النقل عبر السيارات والطيارات، عندما كانت الإبل هي وسيلة النقل الأكثر استخداما، كيف كانت تتم الحوالات المالية قديما، وما سيأتي هو توضيح لذلك. تسمى الحوالة المالية قديما السفتجة، وقيل بفتح السين، وجمعها سفاتج، وهي معربة، وذكر الجرجاني في كتابه التعريفات أنها "إقراض لسقوط خطر الطريق"، وزاد الفيروزأبادي في القاموس المحيط: "أن يعطِي مالا لآخر، وللآخر مال في بلدِ المعطي، فيوفيه إياه ثمَّ، فيستفِيد أمن الطريقِ". وهي ورقة يكتبها رجل لآخر كي يتسلّم مالا من رجل ثالث في بلد ثان. وهناك من يرى أنها حوالة مالية، وآخرون يرون أنها قرض. وكان التجار قديما يتعاملون بها، وارتبط هذا المصطلح بهم، فقد جاء عند القاضي التنوخي في "الفرج بعد الشدة": "واستدعى دواة، وكتب لي إلى الرجل سفتجة، كما يكتب التجار". فإذا كان هناك تاجر في قرطبة بالأندلس وأراد دفع مال إلى رجل يريد السفر إلى مصر، وهذا الرجل يخاف سرقة المال في الطريق، فإن تاجر قرطبة يكتب له سفتجة بمبلغ محدد إلى تاجر أو وكيل يتعامل معه في مصر، فيسلم له الرجل السفتجة ويتسلَّم المال. اللهم ارزقني وارزق القراء الكرام بسفاتج لا حصر لها.