يؤكد الكثير من الخبراء أن المعلومات التي تكونت لدينا خلال الثلاثين سنة الماضية؛ يفوق حجمها جميع المعلومات التي تراكمت لدينا خلال الخمسة آلاف سنة التي سبقتها، وقيل إن من يمتلك المعلومة يمتلك القوة، لذا أطلق المهتمون على المعلومة مسمى «السلاح الناعم»؛ لأنه امضى قوة من السلاح الناري، ويستطيع حشد الملايين والتأثير المباشر عليهم دون إطلاق رصاصة واحدة. هذا السياق يفرض عليّ أن أطرح اسئلة هامة هنا، وهي: ما مدى مساهمة «سلاحنا الناعم» العربي- بوسائله المرئية والمسموعة والمقروءة- في مؤازرة عملية «إعادة الأمل» التي انطلقت للتو؟، وما مدى تفاعله مع قرار مجلس الامن رقم الامن رقم 2216؟، وهل ما زالت بعض وسائل هذا الاعلام تدور في فلك ما قبل «عاصفة الحزم» أم كانت حاضرة في عمق العاصفة؟ وهل سنرى حضوراً أقوى لها في عملية «إعادة الأمل»! أم سيستمر حضورها خجولاً كما كان؟. ما يعتصرني من ألم- وأنا أتابع «بعض» وسائل اعلامنا العربي «المائع» والضعيف، مقارنة مع المواقف السياسية والعسكرية العربية والعالمية الحازمة والصلبة الموحدة- هو أنه منذ انطلاق «عاصفة الحزم» في صباح يوم الخميس الموافق 26 مارس 2015م، بقيادة المملكة ومشاركة عدد من الدول الخليجية والإقليمية وحتى كتابة هذه السطور، وهذا «البعض» من اعلامنا لا تتجاوز متابعته نقل المواقف السياسية الرسمية على استحياء.. بل أنا أذهب إلى أبعد من هذا فأحدثك- عزيزي القارئ- في غير تحفظ ولا احتياط، مؤكداً أن بعض وسائل اعلامنا العربي تغرد خارج السرب، وكأن العاصفة سعودية قطرية، أو لنقل خليجية بحتة، ولا شأن لباقي الدول العربية فيها، بينما «عاصفة الحزم» أيقظت الضمير العربي والعالمي من سباته؛ لإنقاذ شعب اليمن ودولته من تلك العصابات التي عاثت به فساداً، بينما يبدو أن بعض وسائل اعلامنا العربي منذ انطلاق العاصفة لم ترسم لنفسها خطة معينة، ولم تضع برنامجا واضحا، وكأن المعارك تدور في بلاد «الواق واق» وليست تدور في عمقها الاستراتيجي. إن هذا المقال بكل ما يحويه ويمثله من مواجهة مباشرة مع «بعض» وسائل الاعلام العربي، هو الطريق الأمثل لوضع النقاط على الحروف، ولا مجال هنا للمجاملات؛ لأن مسألة ما يدور في اليمن يهم الأمن القومي العربي من الخليج الى المحيط، وعلى الاعلام العربي أن يهب بكل وسائلة ويرص الصفوف في مواجهة التحدي «الصفوي» الذي يهدد الأمة بأسرها، والفرصة الآن سانحة لهذا الاعلام بشكل أكبر بعد انتهاء عملية «عاصفة الحزم» وانطلاق عملية «إعادة الأمل»، وأملي ألا يفهم «بعض» الاعلام العربي ما أعني بمفهوم خاطئ، فالنقد الايجابي الهادف إلى تقويم الأخطاء بعقلانية هو ما أدعو إليه وأتمسك به، وأن ابتعاد الاعلام العربي عن التفاعل والانصهار مع احداث الامة يجعله اعلاما ناقصا متخلياً عن مسئولياته. وهنا أدعو الاعلام العربي لينتهز فرصة انطلاقة عملية «إعادة الأمل» ليتوحد مع الهم العام، ويعيد تشخيص الأحداث، وينخرط في الالتزام الذي التزم به مجلس الأمن، ويساند القيادة السياسية والعسكرية المشاركة في عملية «إعادة الأمل» وذلك في إطار تحقيق مسئولياته تجاه رص الصف وترسيخ الانتماء العربي ودعم الجهود. عملية «إعادة الأمل» ستكون فرصة ثمينة لبعض الاعلام الذي تخلف عن الركب، ليستيقظ من سباته، ويسهم في رفع وتعزيز الروح المعنوية للمرابطين والمقاتلين على الجبهة، فكل كلمة تعني دعماً معنوياً لأبطال العاصفة العسكريين ولشعوب المنطقة المدنيين وللقيادة السياسية التي بادرت بإطلاق «العاصفة والأمل». الجهود الإعلامية العربية مطلوبة في هذه المرحلة، واعني بداية عملية «إعادة الأمل»، فنحن هنا في حاجة الى إطلاق حملة إعلامية «ناعمة» تتبناها مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.. بل والمؤسسات العربية، على أن يساهم فيها رجال الفكر والعلم والدين ونجوم الرياضة والفن وطلبة الجامعات والمدارس، ويكون هدفها نشر الأهداف النبيلة لعملية «إعادة الأمل»، ولعله من المفيد أن يقوم الإعلام اليمني بشكل خاص والإعلام العربي بشكل عام بتبني رسائل أمنية موحدة من الخليج الى المحيط تدعم جهود عملية «إعادة الأمل». مدير مراكز «اسكب» للاستشارات الأمنية والعلاقات العامة