من بين كل المنجزات المعجزات التي حققها في (سنغافورة)، فقد ارتبط اسم الزعيم الخالد (لي كوان يو) بالعلك (اللبان)، وقد منعه مبالغة في الحفاظ على نظافة بلده، التي استلمها وهي مرتع للبعوض، ومرعى للخنازير البرية! وبالمناسبة؛ فإن الشيء الوحيد الذي لم يحققه الزعيم المتوفَّى فجر الاثنين، هو أنه لم يحدِّد بالضبط: هل البعوض حاملٌ أم ناقلٌ أم حاضنٌ لحمى الضنك بجدة؟ ومع ذلك يقدمه التاريخ ـ الذي لا يظلم ولا يرحم ـ شاهداً على أن التاريخ ما غيره صناعةّ (نخبوية) خاصة، وليست شعبية عامة طامة! وقد ضربنا مثلاً ـ رغم منع الوزارة للضرب ـ بتجربة الجمهورية الفرنسية الأولى، والتجربة الأمريكية المعاصرة لها: حيث قتل (الشعب) الفرنسي إمبراطوره، وزوجته التي نصحت من لا يجد خبزاً بتناول (البسكويت)! واستجابةً لغريزتها (الطوطمية) لم تلبث (الجماهير) أن صنعت إمبراطوراً (شعبوياً)، هو الزميل (نابليون بونابرت)، أكبر مهايطٍ في التاريخ! بينما صنع منتخب كرة قدم فقط، عرف بالآباء الـ(11)، الدول الأمريكية المتحدة، بنظامٍ جمهوري ديموقراطي، اضطر (جورج واشنطن) لفرضه في البداية، خلافاً لرغبة (الجماهير)، التي كانت تريد تنصيبه إمبراطوراً خالداً!! والتاريخ يشهد أنه تزامن مع تجربة (لي كوان يو) تجربتان عربيتان: الأولى صنعها (الحبيب بورقيبة)، ولكن نهمه للسلطة، جعله يأكلها تدريجياً، منذ إعلانه رئيساً أبدياً (1976)! والثانية بدأها الملك ( فيصل بن عبدالعزيز)، في فترة حكمه القصيرة (1965 ـ 1975)؛ حين ألغى نظام مجلس الشورى القديم، وأحلَّ مكانه نظام مجلس الوزراء القائم إلى اليوم! وقد شكّل الفيصل حكومته من وزراء شباب (تكنوقراط)، وضعوا البنية النظامية الأساسية، والخطط الاستراتيجية الطموحة، بما عُرف وقتها بـ(المبادئ الفيصلية)، وكانت (25) مبدأً، يستغرق تنفيذها (25) سنةً، فيما عرف بالخطط الخمسية! وظلت تدرَّس في مادة التاريخ إلى عام (1403 هـ/ 1982م)! ونحن نشير إليها اليوم لما تقتضيه الأمانة التاريخية، أما كيف ترهَّلت البيروقراطية حتى كادت تشوِّه منجزاتنا الوطنية؟ فلن يجيب على هذا إلا خادم الحرمين الشريفين/ سلمان عبدالعزيز، الذي ما زال يتخذ القرار الحاسم تلو الآخر، ولن يتوقف حتى ينحني له التاريخ؛ صانعاً خالداً له! نقلا عن مكة