قالت مصادر مقربة من أجهزة الاستخبارات المركزية سي.آي.إيه في واشنطن: إن تنظيم داعش أعدم الطيار الأردني معاذ الكساسبة إثر فشل محاولة كوماندوز أردنية-أميركية لإنقاذه في اليوم السابق، وتمت عملية الإنقاذ الفاشلة بـمحاولة إنزال نفذت بعد قصف جوي كثيف شنته مقاتلات أميركية وأردنية معززة بمروحيات أباتشي وناقلات الجنود العملاقة تشينوك للمجمع الذي كان الطيار كساسبة معتقلاً فيه قرب الرقة، بعدما استنتجت الاستخبارات أنه نقل إلى الموقع الذي استهدف، حيث كان هناك على الأقل محاولتان لإنزال مظليين تابعين للقوات الخاصة الأردنية والأميركية في ريف الرقة، ولكن المحاولتين فشلتا بسبب الدفاعات النارية الكثيفة من قبل مسلحي داعش بما في ذلك مضادات الطائرات وبالتحديد رصاص المدافع المضادة 20 مم الأميركية الصنع التي تعتبر الأكثر فتكاً على ارتفاعات منخفضة، التي كان غنمها التنظيم من الجيش العراقي الذي انهار في الموصل، وقالت باحثة في معهد ودرو ويلسون للدراسات الدولية، إن صورة تنظيم داعش تعرضت لضرر كبير بعد عملية إحراق الطيار الأردني، مضيفة أن ما أقدم عليه التنظيم قد يدفع بعض دول المنطقة لإعادة النظر بخياراتها نحو خطوات أعنف ضده، وواصل التحالف، بمشاركة أردنية قصف معاقل التنظيم المتشدد، ونفى الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية أنباء تحدثت عن مشاركة الملك عبدالله الثاني في طلعات جوية لضرب تنظيم داعش، وقال: إن كل ما تداولته المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي بهذا الخصوص عار عن الصحة، فيما ثار جدل واسع بعد استشهاد داعش بفتوى الإمام أحمد بن تيمية، لعملية إحراق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، غير أن بعض الفقهاء اتهموا التنظيم بتحريف الفتوى وإخراجها من سياقها. وفي التفاصيل, قالت آمال مدللي، الباحثة في معهد ودرو ويلسون للدراسات الدولية، إن صورة تنظيم داعش تعرضت لضرر كبير بعد عملية إحراق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، مضيفة أن ما أقدم عليه التنظيم قد يدفع بعض دول المنطقة لإعادة النظر بخياراتها نحو خطوات أعنف ضده، واعتبرت قرار الإمارات تعليق مشاركتها في العمليات ضده مبررا في ظل طلبها وضع خطط للبحث والإنقاذ. وقال مدللي، رداً على سؤال حول ما إذا كانت تعتبر أن إعدام الأردن لساجدة الريشاوي وزياد الكربولي ليس له نتائج حقيقية: لقد رأينا في الأردن دعوات الثأر، وأظن أن هذا الضغط دفع باتجاه تنفيذ عملية الإعدام، ولكن الأصوات في الأردن والعالم العربي برمته تطالب باستراتيجية أكبر وأكثر تكاملاً للتعامل مع المشكلة الحقيقية التي لا يمكن معالجتها بالضربات الجوية فحسب، بل يجب أن يكون هناك جانب سياسي للحل. وتابعت الباحثة السياسية بالقول: الوحشية التي أقدم عليها تنظيم داعش مؤخراً فتحت عيون الناس على حقيقته، وقد يكون هذا العمل بمثابة نقطة تحول، وأعتقد أن النيران التي أضرمت بجسد الطيار الأردني أحرقت أيضا النموذج الذي كان تنظيم داعش يريد تقديمه للكثير من الناس في المنطقة، أنا أعتقد أننا سنرى الكثير من التبدلات وسنرى الناس يتحركون ضد داعش، وقد رأينا بالفعل المظاهرات في عمان ضد وحشية التنظيم، وهذا الأمر سينتشر الآن. وحول قرار الإمارات تعليق عملياتها ضمن قوات التحالف الدولي، قالت مدللي: الإمارات تطالب بتحسين إجراءات البحث والإنقاذ بحال تكرار حصول حادث مشابه لإسقاط الطائرة الأردنية، وهذا أمر مشروع، وأظن أنه لا بد من وجود استراتيجية فعالة تقدم ضمانات للدول حيال ما يمكن أن يحصل لجنودها بحال سقوط طائراتهم وجهود إنقاذهم. وتابعت مدللي : أعتقد أنه قلق مشروع ويمكن معالجته بوضع استراتيجية شاملة وخطط جديدة، كما يجب التطرق إلى الجانب السياسي من المشكلة وهي المتعلقة بإجراء انتقال سياسي في سوريا، فهذا الأمر معلق منذ عامين وأظن أن هذا الأمر من بين المشاكل الرئيسية التي أدت إلى هذا الوضع. وعن إمكانية قبول دول عربية لمبدأ نشر قوات برية لمقاتلة داعش ردت مدللي بالقول: علينا أن ننتظر لمعرفة ذلك، فما حصل مع الطيار الكساسبة كان له تأثير على الناس وقد يدفعهم إلى تبدل استراتيجياتهم، وأظن أن الجميع سيعيدون التفكير في خياراتهم وهذا الخيار هو أحد البدائل الموجودة. التفكير في الاستراتيجيات الجديدة والخطوات المقبلة أمر مطروح لأن الخطط المطبقة حاليا ليست بالنجاح الذي كان متوقعاً. رد قاس من جهته، قال وزير الداخلية الأردني حسين هزاع المجالي: إن الاجتماع الأمني الذي ترأسه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني فور وصوله إلى العاصمة عمّان من واشنطن قيّم ماحصل خلال 24 ساعة الماضية، كما قيم الوضع كاملاً في السابق والحاضر والمستقبل، وهو سري لا أستطيع الإفصاح عنه. وأكد الوزير أن الرد سيكون قاسياً، وأنها جريمة بشعة وسنظهر للتنظيم الظلامي ما هي قوة الأردن، وسنثأر للطيار الكساسبة، لكي نعلن للتنظيم الإرهابي بأنه لايستطيع أن يعبث بأمن المملكة والأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي. وأضاف المجالي، أن الأردن لن يكون مكتوف الأيدي، نحن جزء رئيسي ورأس حربة لمكافحة التطرف الذي يسيء للدين الإسلامي الحنيف. وأكد أن الحرب على الإرهاب بمختلف أشكاله هي حرب الأردن والعرب والمسلمين قبل أن تكون حرب الدول الغربية، مشيراً إلى أن التنظيم يختبئ خلف الستار الديني ليسيء للدين الإسلامي الحنيف المتسامح. اجتزاء الفتوى وعرض التنظيم خلال فيديو إحراق الكساسبة لموقف ابن تيمية من خلال رسالة ظهرت على الشاشة جاء فيها: فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان، فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع، الأمر الذي دفع مراقبين مثل جمال الخاشقجي، إلى الإشارة لـاجتزاء الفتوى. وتشير الكتب الفقهية إلى أن المثلة تتعلق حصراً بـالجثث وليس بالأحياء، وإلا فإن ذلك يدخل في إطار التعذيب، ويذكر بحث للشيخ عبدالله زقيل تحت عنوان القولُ المبينُ في حكمِ التحريقِ والمُثْلةِ بالكفارِ المعتدين أن الفقهاء كانوا على ثلاث آراء، الأول أن المُثْلةَ حرامٌ، وذهب إلى ذلك الزمخشري والصنعاني والشوكاني، أما الرأي الثاني فهو لا يذهب إلى التحريم بل يقوم بـالكراهة، وممن ذهب إليه النووي وابن قدامة الذي قال: يُكْرَهُ نَقْل رُؤُوسِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، وَالْمُثْلَةُ بِقَتْلَاهُمْ وَتَعْذِيبُهُمْ. أما القول الثالث فهو الذي ذهب إليه ابن تيمية وهو يمثّلُ بالكفارِ إذا مثّلوا بالمسلمين معاملةً بالمثل، وينتقل عنه زقيل قوله في فتاواه: فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاص، كما قال: وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسٍ، وَرَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ.. الْمُثْلَةُ حَقٌّ لَهُمْ، فَلَهُمْ فِعْلُهَا لِلِاسْتِيفَاءِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ، وَلَهُمْ تَرْكُهَا وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ، وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي التَّمْثِيلِ بِهِمْ زِيَادَةٌ فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لَهُمْ عَنْ نَظِيرِهَا، فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي التَّمْثِيلِ الشَّائِعِ دُعَاءٌ لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ، أَوْ زَجْرٌ لَهُمْ عَنْ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ هُنَا مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ، وَلَمْ تَكُنْ الْقِصَّةُ فِي أُحُدٍ كَذَلِكَ، فَلِهَذَا كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ. وأعاد مغردون الإشارة إلى أبحاث دينية صادرة من جامعات حكومية في السعودية، مثل البحث الذي يحمل عنوان التحريق بالنار، والموجود على موقع إحدى الجامعات السعودية، وجاء فيه أن العلماء اختلفوا في التحريق في فعل ذلك وفي هوية من يتعرض للإحراق، سواء من الأعداء أو المجرمين، ويذكر البحث أن أبابكر الصديق وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، وكلهم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، أجازوا تحريق الأعداء بالنار خلال المعركة، في حين كرهه صحابة مثل عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس. ونشرت مواقع جهادية صورة من الفتوى، جاء فيها: إن الأحناف والشافعية ذهبوا إلى جواز التحريق مطلقًا، وإن تفسير المهلب بن صفرة لقوله صلى الله عليه وسلم: النار لا يُعذب بها إلا الله، ليس هذا النهي على التحريم، بل على سبيل التواضع.