×
محافظة المنطقة الشرقية

«العربي الوطني» يدشن قسماً خاصاً للسيدات بالحزام الأخضر

صورة الخبر

إنني في مقالي هذا أريد أن أقدم فقط (شهادة للتاريخ)، وقبل أن أطرح شهادتي لا بد أن أستدرك كنوع من المحايدة، فلا أنا (مع أو ضد) من يدلون بشهاداتهم، خصوصا أنهم كلهم انتقلوا إلى الرفيق الأعلى، وأنا للأسف لازلت أرقص على إيقاع الحياة. والشهادات كلها تتحدث عن واقع المرأة الذي (كان) في بلادنا ــ خصوصا ما يتعلق بموضوع (النقاب) تحديدا. وبحكم شغفي بقراءة ما كتبه الرحالة عموما، وذلك من مشاهداتهم بالحياة الإجتماعية في الجزيرة العربية، ابتداء من القرن الخامس عشر الميلادي حتى بداية القرن العشرين، وكلهم وعن بكرة أبيهم لم يشاهدوا امرأة منقبة ــ خصوصا في شمال الجزيرة وجنوبها. ومن الصعب في هذه العجالة، وفي هذا الحيز المحدود أن أورد الكثير من الأمثال، ولكنني أورد منها مثالين فقط. فها هو (جون فلبي) ــ أو (عبد الله) بعد أن أسلم ــ ، نزل مع رفاقه على ظهور الحمير من الطائف إلى مكة عبر جبال (الهدا) وذلك عام (1930)، وكل المحطات أو المقاهي التي استراحوا بها كانت النساء هن اللواتي يباشرن عليهم، وكن حسب تعبيره: يتقافزن حول الأماكن كالغزالات. وإليكم ما ذكره المرحوم (حمد الجاسر) عندما ذهب إلى عسير عام (1347) هجرية ويقول: استأجر لي بيتا رجل لقبه (الحبيني)، وهو دلال، وحفار قبور، ومؤذن، ومن رجال الحسبة، وذو صلة بالقاضي، وعندما حان وقت العشاء، وإذا به يأتي ومعه خمس نسوة أمه وزوجته وثـلاث من أخواته وكن على جانب من الجمال ليتشاركن معي بالأكل، فاستنكفت من الأكل معهن، وانفردت وأعطوني أكلي. ولا أنسى أن صاحب البيت قد استأجر فتاة قحطانية لترعى غنمه، واسمها (شاطرة)، وهي تعجب كل من رآها، وهي سافرة بالطبع كنساء تلك المنطقة المتحلية بالصفات العربية الأصلية. ويمضي الجاسر قائلا: كان يعقد في مدينة أبها سوق أسبوعي، ومما يلفت النظر فيه أن النساء اللواتي يحضرنه من تهامة يلبسن نوعا من القبعات الكبيرة المعمولة من الخوص، وتسمى (الطهفة) ولباس كثير منهن الإزار والصدارة، بحيث تبدو أجزاء كثيرة من الجسم، وكان الناس في ذلك الوقت على جانب كبير من الطيبة، قل أن تجد من يتعرض للنساء، وأهل أبها يجلبون الماء من بئر ليست بعيدة عن البلدة ماؤها عذب، فكان المرء يرى أسراب الفتيات تتوالى إلى هذه البئر، ولاعتدال جو هذه البلاد كانت نساؤها على جانب كبير من صباحة الوجوه والرقة ــ إنتهى. سؤالي هو: هل نحن الذين تغيرنا، أم أن الزمان هو الذي تغير؟!. وردي على نفسي أقتبسه من هذين البيتين من الشعر: نعيب زماننا والعيب فيــناوما لزماننا عيب سوانــا ونهجو ذا الزمان بغير ذنبولو نطق الزمان لنا هجانا.