×
محافظة الرياض

دراسة: 73% من مستشفيات الرياض لم تُسْهِمْ في التوعية بـ"كورونا"

صورة الخبر

نشطت صناعة الزي الموحد وزادت أعداد الشركات والمصانع العاملة فيه، ولعل هذا المجال من أكثر المجالات الصناعية المهنية التي يمكن أن تنخرط فيها الفتيات السعوديات، حيث تعدّ الخياطة مهنة قريبة ولصيقة بالنساء، مارسنها في مراحل حياتهن بالبيوت، كما كانت مادة الخياطة والأشغال اليدوية جزءًا من المناهج التعليمية. وعلى الرغم من إنشاء كليات تقنية تخرّج فتيات مؤهلات ومدربات على مستوى احتياج سوق العمل، إلاّ أنّ انخراط المرأة في مجال العمل في مصانع الملابس ومنها مصانع الزي الموحد لا زالت شاغرة للعمالة الوافدة الرجالية، حيث كان ممكناً أن يتم استيعاب المواطنات في الأعمال التي تتواءم مع طبيعة المرأة بالمصانع، ويمكن أن تستفيد منها الكثير من الأسر، خصوصاً التي تضم المطلقات والأرامل، والسيدات اللاتي لم تسمح لهن ظروفهن بإكمال تعليمهن، من خلال تهيئة أماكن وأجواء مناسبة تلائمهن؛ مما يساعد المرأة في تصنيع الأزياء الموحدة، خصوصاً وأن تدريبهن لن يكون صعباً؛ لأنّ العملية مصنعية كل ما تحتاجه شيء من الإشراف على خط الإنتاج والمعالجة المحددة. كما يمكن من الجهات الحكومية تكثيف عمل المرأة في صناعة الزي الموحد الخاص بالمدارس الحكومية، فلكل مرحلة زي معين، وأيضاً يمكن أن يكون المصنع يعمل للجهات الأخرى كالشرطة وحرس الحدود والطيران، وكل ذلك يصب في رفد الاقتصاد على أساس تحريك الأيدي العاملة نحو مواقع الإنتاج المناسبة. قوانين ضبابية وذكرت "علياء السديري" -سيدة أعمال- أنّ العمل في مجال صناعة الزي الموحد يعتمد على الكميات والإنتاج، من أجل تحقيق الربح، وبالتالي قلة الإنتاج تعني الخسارة، وعليه فإنّ عمل السعوديات في المجال صعب، حيث لا يمكنهن تحقيق ما يتطلبه العمل من جهد متواصل لأعلى كمية إنتاج، من أجل أن أغطي احتياجات السوق، مبيّنةً أنّ طبيعة العمل لا تناسب المرأة أو الشاب السعودي، حيث ساعات العمل الطويلة، وحجم الإنتاج المتزايد، والمواصلات، كما أنّ البعض لا يقبل بمهنة تعتمد على تركيب الأزرار، أو قص "باترون"، أو تجميع قطع المنتج، إلى جانب أنّ مثل هذه الأعمال لا يمكن أن يصل راتب العامل فيها إلى (4000) ريال، والوضع يختلف مع الوافد الذي يؤدي كل هذا العمل وبراتب أقل، وقدرة إنتاج أكبر بكثير. وقالت: "إنني أحتاج لموظفات كاشير في المحال، وبائعات، إلاّ أنّ هناك قيودا وشروطا معيقة وغريبة من وزارة العمل، كأن أفصل المحل بين البائعات والبائعين، وأضع درجا ومدخلا منفصلا لدخولهن، وغيرها من الشروط غير الواقعية"، ممتدحةً بعض العاملات السعوديات لديها ممن يعملن في مجال متابعة طلبات العملاء، والأعمال الإدارية التي يؤدينها بتمكن، متذمرة من عدم وضوح القوانين والأنظمة الخاصة بوزارة العمل، واستغلال الموظفين لذلك وابتزاز أصحاب العمل والمستثمرين؛ مما جعلهم يواجهون عقبات تعيق التوسع في المجال، وسد احتياجات السوق المتزايدة، ومن ذلك رفض طلب زيادة استخراج فيز عمالة. وأضافت أنّ المصنع لديها ينتج بنسبة (30%) من طاقته؛ بسبب نقص العمالة، ومنذ تسعة أشهر وحتى الآن لم تصدر التأشيرات، بينما سوق العمل يزداد توسعاً في حجم الطلب محلياً وخارجياً، وفي الجمارك يتم إيقاف البضائع بسبب عدم وجود مختبرات لاختبارها في الرياض، فيضطرون لإرسالها للمنطقة الشرقية، ويدفع المستثمر في المقابل مبالغ تغطية تكاليف بقائها في الجمارك، وبالتالي تعطيل العمل لعدة أشهر، مشيرةً إلى أنّها في إحدى المرات طُلب منها إجراء اختبار لبضاعة بعد سنتين من دخولها السوق، متحسرة أنّها لا تستطيع تشغيل المصنع الذي بنته "طوبة.. طوبة" بكامل طاقته الإنتاجية؛ بسبب قوانين عقيمة، مؤكّدةً أنّها تتلقى عروضاً وتسهيلات لإنشاء مصانع للزي الموحد، وبالشروط التي ترغبها في دول خليجية مجاورة، وخلال يومين هناك تمكنت من الحصول على (500) تأشيرة. كفاية إنتاجية وبيّن "عبدالملك السيف" -صاحب مصنع للزي الموحد- أنّ هناك صعوبة في الحصول على التأشيرات، بالإضافة للمصاريف الزائدة، كالإقامات، والتأمين، إلى جانب أنّ العامل الآن أصبح يعرف ماله وما عليه، ويعرف القوانين؛ لذلك قد يكون خيار السعودة أفضل، معتبراً أنّ ذلك جزء من مسؤوليتهم الاجتماعية تجاه الوطن، إلاّ أنّ الواقع خلاف ذلك، أي أنّ القوانين والأنظمة من جهة وتبعات تشغيل المرأة السعودية المكلفة، فمثلاً لا بد من توفير مكان مناسب لهم، ومواصلات، حتى يضمن حضورهن في الموعد المناسب، إذ أنّ العمل يعتمد على الإنتاج، ثم يأتي دور الفصل في مكان العمل؛ مما يعيق صاحب العمل من متابعة سريانه، حيث إنّ العاملات النساء يجب أن يفصلن ولهن خصوصيتهن، بينما هو يراقب العمال من خلال كاميرات، بالإضافة إلى أنّ العمل لا يتطلب سوى عمل يدوي بسيط، لكنه دقيق ويتطلب سرعة عالية؛ لأنه يعتمد على حجم الإنتاج العالي، بينما الراتب لا يتجاوز (1500) ريال وقد يصل إلى (2000) في حالة العمل الإضافي. وأضاف أنّ الزي الموحد كسلعة غير قابلة للزيادة، بل العكس، فالمدارس تأخذها بسعر رمزي وتبيعها بضعفه على الأهالي، مؤكّداً أنّ السعوديات لا يناسبهن العمل في مجال مصانع الزي بصفة خاصة، حيث ساعات العمل الطويلة، معتبراً أنّ المشاغل هي الأكثر ملائمة، حيث تشكل دخلها من العمل في الخياطة مبالغ طائلة مقارنة بالزي، تستطيع معه صاحبة المشغل تغطية تكاليف تشغيل السعودية، وهناك سعوديات خريجات معاهد خياطة وكليات استطعن أن يستثمرن في مشروع مشترك للمشاغل، منوهاً أنّه ومن باب المسؤولية الاجتماعية بإمكانه أن يوظف سعوديات من ذوات الظروف الاجتماعية الخاصة، رغم عدم تحقيقهم كفايتهم الإنتاجية. عمل خاص ولفتت "نادية محمد" إلى أنّ لديها تجربة جيدة في مجال الخياطة، ولظروفها الأسرية عملت في مشغل خياطة لفترة، قبل أن تستقل بعملها، حيث تؤدي مهام عمل مساعدة للخيّاطة، وكان ضغط العمل كبيراً، خاصةً في المواسم، وعلى الرغم من أنّ دخل المشغل كان جيداً إلاّ أنّ الرواتب لا توازي الجهد المبذول، موضحةً أنّه لولا الحاجة لما استمرت فيه، منوهةً بأنّها كانت تفضل العمل في مصنع، حيث هناك قوانين وأنظمة تحكم العمل، إلى جانب وجود الترقية الوظيفية أو الزيادة في الراتب بحسب الإنتاج، بينما في المشغل لم تطبق صاحبته أي قوانين أو أنظمة، إنما حسب ما تراه مناسباً لمصلحتها، مشيرةً إلى أنّه ولحسن حظها وثقة صاحبة المشغل أوكلت لها مهمة العمل كمديرة، فما لبثت أن اكتسبت خبرة وعلاقات في السوق، لتستقل فيما بعد بعملها الخاص. عمل ممل وكشفت "فاطمة" أنّها عملت لأشهر في أحد مصانع الزي الموحد، وكان من المفترض أنّها في مجال التركيب والخياطة كعاملة، إلاّ أنّ صاحب المصنع كان يهدف من عملها رفع عدد السعودة، من خلال إنشاء قسم نسائي، ثم ما لبثت أن تركت العمل؛ لأنّها لم تر جدوى من عملها فيه، مضيفةً: "العمل في المصانع عموماً غير مرغوب لدى كثير من الأهالي، حيث عادة ما تكون بعيدة، والمواصلات مكلفة، وطبيعة العمل مملة، وتحتاج إلى تركيز وسرعة". نظرة دونية وأوضحت "دانة عبدالرحمن" أنّها درست في مجال الخياطة، إلاّ أنّها لا تفكر بالعمل في مصنع كعاملة، معتبرةً أنّها تستحق ما هو أفضل، ومهما كان ستظل طبيعة العمل تعكس نظرة دونية من المجتمع، لافتةً إلى أنّها تفكر بالدخول في مجال الاستثمار مع مجموعة من الصديقات، حيث إنّ المشاغل مجال جيد للعمل، لكنها غير منظمة وتحكمها الأهواء الشخصية لصاحبة العمل، وليس هناك تطبيق للقوانين والأنظمة التي تكفل الحقوق للعاملات، رغم أنّها تدر ربحاً جيداً لأصحابها.