تراجع مسؤول في صندوق النقد الدولي عن الإحصائيات التي نشرها الصندوق بخصوص ملكية المنازل في المملكة التي لا تتجاوز 34 في المائة من السكان. بعد ذلك بأقل من أسبوع ظهر تصريح جديد يشير فيه الصندوق إلى مزايا نظام المعاشات الذي "يستمتع" به متقاعدو المملكة. لعل الصندوق أصبح يجامل في إحصائياته بسبب عدم مساءلته من قبل وسائل الإعلام، أو إهمالنا لما يترتب على هذه التصريحات، لكن الأكيد هو أن الصندوق يدين لنا بمبالغ كبيرة كمساهمات في رأسماله. المتضرر الأكبر من عمليات اللف والدوران هذه هو الاقتصاد السعودي، وبالتالي المواطن والدولة بشكل عام. ذلك أن الإحصائيات تسهم في وضع الإصبع على الجرح والبدء بالعلاج، وما لم تكن الإحصائية صادقة ودقيقة وشفافة، فهي ستؤدي إلى التعامي عن مشكلات حقيقية موجودة، أو التعامل مع مشكلات غير موجودة أصلاً. تتساءلون عن التصريح الجديد وما فيه من المغالطات فأقول: أول إشكالية هي في التلاعب بالأرقام، التقرير يذكر أن صافي دخل المعاشات بلغ 449 مليار ريـال العام الماضي، بينما يذكر التقرير أن صافي الإيرادات للمؤسسة العامة للتقاعد بلغ نحو 10 في المائة، ثم يعود ليغالط نفسه ويقول إن أصول المؤسستين بلغت 939 مليار ريـال. هذا يعني أن عائدات استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات تتجاوز 60 في المائة، وهو أمر لا يمكن تصديقه. فالإحصائية تهدف إلى تبرير موقف ولكنها لا تسلك الطريق الأنسب لذلك. تجنب التقرير الحديث عن عيوب نظامَي التقاعد اللذين يحرمان الورثة من معاش أحد الوالدين في حالة الوفاة، وهذا هضم للحقوق وإلغاء لجهود وعمل 40 عاماً. كما ذكر أنه لا ضرائب على المعاش التقاعدي، ونسي أنه لا ضرائب على كل المعاشات، فكيف يعتبر ذلك ميزة للمتقاعدين. قضية مهمة جداً أهملها التقرير وهي العناء الذي يعيشه المتقاعد الذي لا يحصل على تأمين صحي أو تخفيضات مهمة في الخدمات، وهو عيب طالما شكا منه المتقاعدون ونبّه إليه الكُتاب. الأمر الأكثر إثارة للاستغراب هو قضية الحد الأدنى لأجور المتقاعدين، التي لم تقر إلى الآن ولم يتطرق لها التقرير، وهو إن لم يكن في حدود سبعة آلاف ريـال، فلن يكفي سداد التزامات العصر الحاضر.