كانت أول رسالة تلقتها القيادة المصرية الجديدة بعد نجاح حركة تمرد وشباب الثورة المصرية من استعادة ثورتهم، وعزل الرئيس محمد مرسي، كانت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - هنأ فيها المستشار عدلي منصور رئيس مصر «المؤقت»، وأشاد فيها بما قام به رجال القوات المسلحة، الذين أخرجوا مصر في هذه المرحلة من نفق الله يعلم أبعاده وتداعياته. هذا الموقف يُعتبر رسالة دعم واضحة للشعب المصري تحمل التفاؤل بأن يتمكن هذا الشعب الشقيق من استعادة المبادرة التي أتاحتها له ثورة 25 يناير 2011 وأن ينهض مجدداً كما كان يفعل دائماً في أوقات الملمات والتحديات الكبرى دون أن يسمح لأي قوة، داخلية كانت أم خارجية، من إعاقة إرادته أو طريقه نحو المستقبل. *** وإذا كانت علاقة البلدين الشقيقين قد مرت ببعض المنحنيات صعوداً وهبوطاً، فقد استطاع البلدان دوماً استعادة لحمتهما والدفع بعلاقاتهما إلى الأمام. ومن يمكن أن ينسى خطاب خادم الحرمين الشريفين للوفد المصري رفيع المستوى الذي ضم أبرز القيادات السياسية في مصر إبان الأزمة التي مرت بالبلدين بعد ثورة 25 يناير، الذي عبر فيه الملك عبدالله عن عمق العلاقات بين البلدين وأكد فيه - حفظه الله - على عدد من الأسس الثابتة التي تقوم عليها العلاقات السعودية - المصرية: - إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها - إن علاقات المملكة مع مصر «أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليها، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها»، - إن العلاقات بين البلدين «تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة». - «إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة» - «إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح». *** وهكذا فإذا كانت المملكة قد فتحت أبوابها، وقبل هذا قلبها، للشعب المصري وكانت بجانبه في أحلك الظروف، فإنه في ضوء ما تواجهه الشقيقة مصر من مشكلات اقتصادية سببها ثلاثون عاماً من سوء الإدارة والفساد، وعمق منها بعد الثورة انعدام كفاءة في إدارة الدولة، فإن هناك حاجة لتعزيز التعاون الإقليمي بين الدول العربية ذات الفوائض المالية وتلك التي تحتاج الى تدفق للاستثمارات. وأقترح هنا مجدداً مشروعاً خليجياً على غرار مشروع «مارشال» الذي تبنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لمساعدة أوربا وانتشالها من أزماتها الاقتصادية. هذا المشروع لن يكون منحة أو مساعدة غير مستردة لمصر وبقية الدول العربية التي تأثرت إقتصادياً ومالياً، بل قروض طويلة الأجل تستردها الدول المانحة، ويستفيد منها كافة الأطراف، يعود بالفائدة على الدول المانحة التي سيكون تمويلها للمشاريع والاستثمارات شراكة تعود عليها بالأرباح، كما تستفيد منها الدول الممنوحة في دعم اقتصادياتها. وهو مشروع يتجاوز الجانب الاقتصادي ليحقق ضمان الأمن والاستقرار لدول المنطقة الذي هو القاعدة الأساسية للتنمية. نافذة صغيرة: [[لقد تجلّت مصر الكريمة المضيافة عظيمة بمليكها وقادتها وشعبها، عزيزة بنهضتها ، قوية بجيشها وما جيش مصر إلا جيش العرب (...) كلانا – والحمد لله – موقن بأن القوة في وحدة الكلمة، وأن الأخ درع لأخيه، فإن تآخينا من شأنه أن يوثق عرى التآخي بين شعبينا، وما شك أحدنا في أن مصلحة البلدين تقضى بوحدة اتجاههما السياسي ووحدة السبيل الذي يسلكانه في منهاجهما الدولي، ذلك مبدؤنا ومبدأ شعبنا يتوارثه الأبناء، ويبقى – إن شاء الله – على وجه الدهر بهذه الروح]] رسالة الملك عبد العزيز آل سعود إلى الملك فاروق / 22 يناير 1946 nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain