رصد: حسن أبوزينب بعد أن أسدل الستار على نهائيات كأس العالم بانتهائها في ملفات التاريخ الرياضي ببطل جديد تمثل هذه المرة وبخلاف كل التوقعات في الماكينات الألمانية فإن الحكومة البرازيلية استيقظت رغم مرارات الهزائم الثقيلة وتحطم حلم اللقب السادس على مشكلة جديدة زادت هماً جديدا لحكومة الرئيسة ديلما روسيف ..المشكلة تتمثل في كيفية التعامل مع الآلاف من الجماهير الأجنبية التي قررت الإقامة غير النظامية في البرازيل رافضة العودة إلى بلادها ..يأتي في صدارة هؤلاء مشجعو كرة القدم الأرجنتينيون المتعصبون الذي شوهدوا وهم يخيمون على الشواطئ البرازيلية بالرغم من انتهاء كأس العالم منذ شهر تقريبا. وكان ما يقارب المائة وستين ألفاً من هؤلاء قد سافروا إلى البرازيل قبل النهائيات لمؤازرة منتخبهم وبالرغم من أن الغالبية منهم غادروا البرازيل بعد هزيمتهم من المنتخب الألماني. إلا أن هناك عشرات الآلاف التي خططت للبقاء في البرازيل وبدء حياة جديدة على الرغم من نفاد مدخراتهم المالية . أحد هؤلاء وهو يعمل في قطاع التمثيل واسمه لوكاس بازان كان قد وصل في ريو دي جانيرو منذ شهر تقريبا ومنذ ذلك الوقت فقد ظل يعيش على وجبات الطعام المدعوم وبالذات من المطعم الذي يقدم الحساء. يقول الممثل البالغ من العمر 23 عاما: "البرازيل مذهلة، أريد البقاء لمدة قد تبلغ أسابيع أو أشهر أو أكثر. لا نية لي للعودة إلى بلادي سأنتظر إلى أين سيأخذني زورق الحياة وإلى أين سيأخذني الطريق أو يجرفني التيار" . تقارير وسائل الإعلام المحلية تؤكد أن عشرات الآلاف من جماهير الكرة الأرجنتينية ومعظمهم من الشباب الذكور الذين في عمر العشرين وأقل من ثلثهم من النساء مازالوا في البلاد . الشرطة الاتحادية في البرازيل رفضت حتى الآن الكشف عن أعدادهم . ولكن السلطات البرازيلية أبدت قلقها وخوفها الآن من أن تطالب هذه الجموع باستحقاقات الرعاية الاجتماعية أو محاولة العيش هنا من خلال الاستجداء سيما وأن الأرجنتين تعاني منذ سنوات من حالة انهيار اقتصادي مع ارتفاع معدلات البطالة. بيدرو أنطونيو فيجيريا دي ميلو، الذي يرأس وكالة السياحة بمدينة ريو يقول: إن الضوابط والرقابة على حدود برية يمتد طولها 780 ميلا وهي الحدود التي تجمع البرازيل مع جارتها الجنوبية الأرجنتين كانت متراخية للغاية خلال البطولة. فأخذنا على حين غرة. ففي أي مكان في العالم فإن القادمين إلى أي بلد يحددون الجهة التي يتوجهون إليها وفترة الوقت التي يسعون للبقاء وما هي الموارد المالية التي في حوزتهم وهل لديهم تأمين صحي؟. ولكن هذه الشروط لم يتم منها شيء، فالمواطن الأرجنتيني لا يحتاج لتأشيرة دخول، أو حتى جواز سفر لزيارة البرازيل إذ إن بطاقة الهوية وحدها تكفي. وتحدث ميلو في المعسكر الذي تحول إلى مخيم بصورة مؤقتة للمساعدة في استيعاب موجات من الأرجنتينيين الذين وصلوا بالسيارات والحافلات للتنقل خلال نهائيات كأس العالم. الموقع تم إغلاقه الأسبوع الماضي، وتم طرد كل المعسكرين. وتقول تقارير إعلامية: إن مسؤولي القنصلية الأرجنتينية هرعوا إلى هناك للمساعدة في تنظيم عمليات إعادة الأشخاص الذين نفدت مدخراتهم المالية أو الذين فقدت أو سرقت هوياتهم أو وثائق سفرهم، ولكن العديد من هؤلاء لم يعربوا عن رغبتهم في العودة إلى حيث أتوا . ومعظم هؤلاء كانوا يرتدون سراويل شبه ممزقة وقمصاناً لاصقة ..وغالباً ما يستحمون في ينابيع المياه العامة أو في الهواء الطلق على الشاطئ. ولأن الأجواء في منطقة الريو دافئة ودرجات الحرارة تتأرجح حاليا حول 28 درجة مئوية فليست هناك حاجة لشراء الملابس الدافئة. والواقع أن تنافسا حادا يجمع البرازيل والأرجنتين في الكرة فقد كانت مدينة الريو والعديد من المدن الأخرى مسرحا لمعارك متفرقة في ريو وغيرها من المدن خلال كأس العالم بين شبان من كلا البلدين . ولكن وجود هذه الآلاف المتبقية من الأرجنتينيين لم يثر مزيدا من المشاكل. في الواقع.. تقول فاطمة سوزا دي أوليفيرا، وهي مدرسة لغة برتغالية في المدرسة الثانوية وتبلغ من العمر 60 عاما " إن الجماعات الأرجنتينية المتعصبة للكرة لا تختلف كثيرا عن نظيرتها البرازيلية. وتضيــف قائلــة "أعتــقد أنه من موقف الاسترخاء والتـــساهل، وشــواطئ ودفء المــناخ والمشــاعر الخاصة بالشعب البرازيلي شجعتهم على البقاء فكل الذين جاءوا لمشاهدة كأس العالم أحب هذه الأجواء الحميمية، ولذلك يحملون بالبقاء هنا ". والحقيقة أن الجماهـير الأرجنتينية ليست هي الوحيدة التي خططت للبقاء في البرازيل، ففي الأسبوع الماضي عثرت الشرطة في جنوب ولاية ريو جراندي دو على عدة المئات من جماهير غانا جاءوا للحصول على اللجوء بعد قدومهم بتأشيرات سياحية لمتابعة فريقهم الوطني. الآن فإن البرازيل تدرس كل طلبات اللجوء. ولكن يبدو أنها ستواجه مشاكل جمة في السيطرة على الأرجنتينيين، الذين دخلوا البلاد دون الحصول على التأشيرة. فبعد طردهم من معسكري سامبادرومز وبونتوني فقد انتقلوا إلى الحديقة المجاورة، يتسكعون على العشب مع حقائبهم المتضخمة. لقد صمموا عقودا وأسـاور الصداقة وغيرها من الصــناعات اليدوية يســتعرضونها على الشاطئ الرملي . يقول مارتن البالغ من العمر 25 عاما، " لا أعتقد أنني سأعود ". لقد جئت من أجل كأس العالم، ولكني سأبقى هنا للأبد".