أرى حالتين تتجاذبان اقتصاد الاستثمار في العقار في بلادنا. فمرة يشتكي المالك بأنه هو الضحية والجلاد هو الساكن، نتيجة سوء قدرة المالك على تحصيل الإيجارات، نتيجة لمماطلة الساكن وغيابه .. !، عندما يحل الإيجار، ومرة يتبرّم الساكن من كثرة إلحاح المالك على رفع الإيجار بين آونة وأخرى، وأكثرها متقاربة. هناك ضحية وجلاد يتجاذبان الموضوع، مرة هذا ومرة ذاك، ولا ندري إلى أين ستذهب المنحنيات الاقتصادية في هذا هذا المجال . ذلك – فيما يرى الكثير وأنا واحد منهم – لغياب اليد التي تستطيع وضع الإنصاف موضع التنفيذ، وتفرض النظام وتُنصف الكل. هل قلتُ النظام ؟ شخصيا أرى أنه لا يوجد نظام ، وإن وُجد فهو لا يُنفّذ، وإن حاول مُتظلم تنفيذه فسيطول مسراه، وأكثر الخصوم تقنع من الغنيمة بالإياب، وبهذه الحال سيظل الحراك الاقتصادي يعرج إما لتلك الأسباب أو لغيرها. طالبتْ أعمدة الصحافة المحلية، وكرر العاملون في الشأن الاقتصادي بإيجاد معايير علميٍة لضبط الأسعار، تُدعّم بالمواصفات والشروط التي يجب أن يعتمد عليها السماسرة وأصحاب العقار في تحديد قيمة إيجارات الوحدات السكنية، والحد من الزيادات المتوالية في الإيجارات وتدعيمها بقوة نفاذ صارمة لا تعرف التخاذل والتهاون. أما يرون أن السكن صار يلتهم النسبة الأكبر من الدخول الفردية ؟ وأن النظام السائد بسداد الإيجار بشكل سنوي أو نصف سنوي يثقل كواهل أرباب الأسر؟ . حالات لا نتوقع منها أن تُحسّن نفسها، وعلى أهل النظم والتشريع وقوة تطبيقها أن يعملوا شيئا يُفرح الوطن وأهله . والحقيقة أن الحكومة أرادت أن تُنصف القوم في بدايات مشاريع التخاصم، لكنها من حيث لا تعلم ولا تنوي أوجدت منافذ لسيّئي القصد بالطعن والاستئناف وحق تأجيل جلسات الخصام ما يُذوّب الحجج ويُدمّر القرائن . أعلم عن مالك مضى عليه أكثر من سنة لم يستطع خلالها الحصول على حقه ولا إخراج المالك، لعدم وجود آلية ذات أنياب وأظافر ترغم المماطل على تنفيذ الحكم . ومن جانب آخر اشتكى صديق من صلابة مالك العمارة التي يشغل منها شقة واستمراره برفع الإيجار دون مبرر الا (السوق غالي..!)