لندن: مينا العريبي نيويورك «الشرق الأوسط»: أشارت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إلى أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (والتي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) قد أنهت اجتماعها المغلق أمس بعد ساعات من النقاشات، دون أن تتوصل إلى اتفاق حول مسودة القرار يطالب فيها بالتصرف تحت البند السابع ضد النظام السوري بعد إقدامه على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه بما يمثل جريمة ضد الإنسانية. وقد غادرت السفيرة الأميركية سامانثا باور والسفير البريطاني مارك ليال الاجتماع رافضين التعليق على ما دار بالاجتماع والإجابة عن أسئلة الصحافيين. وقادت بريطانيا الجهود الغربية للتحرك العسكري في سوريا للرد على استخدام الأسلحة الكيماوية فيها، متقدمة بمشروع قرار لمجلس الأمن يفوض هجوما محتملا. وناقش أعضاء مجلس الأمن مسودة القرار أمس في وقت أفادت مصادر في نيويورك بأنه من المتوقع أن يغادر المفتشون الدوليون دمشق مبكرا، إما غدا أو يوم السبت أو يوم الأحد على أبعد تقدير، بعدما كان متوقعا مكوثهم في سوريا فترة أطول، مما زاد التكهنات حول إمكانية هجوم عسكري وشيك. ودعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ مجلس الأمن الدولي أمس إلى العمل على وقف إراقة الدماء في سوريا من خلال اعتماد مشروع قرار تدعمه بريطانيا يقضي «باتخاذ ما يلزم من إجراءات» لحماية المدنيين. وقال هيغ للصحافيين: «حان الوقت لنهوض مجلس الأمن بمسؤولياته بخصوص سوريا وهو ما لم يقم به على مدى فترة العامين ونصف العام الأخيرة». وترغب بريطانيا في أن يسمح القرار باتخاذ «جميع الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين»، إلا أنه من المتوقع أن تعارض روسيا بشدة أي خطوات غربية باتجاه توجيه ضربات عسكرية ضد أهداف سورية ردا على استخدام أسلحة كيماوية في ريف دمشق الأسبوع الماضي. وأفادت مصادر دبلوماسية أوروبية «الشرق الأوسط» بأن مسودة القرار تشمل إدانة استخدام الأسلحة الكيماوية بموجب البند السابع، وتدعو المجتمع الدولي للتحرك لردع استخدام الأسلحة الكيماوية. وأضافت المصادر أنها لا تتوقع موافقة روسيا والصين على مسودة القرار، بل تتوقع استخدام حق «الفيتو» ولكن حينها «يكون الأمر واضحا أمام الرأي العام»، بحسب المصادر. واستبعدت التوجه إلى الجمعية العامة للمصادقة على مشروع القرار، وخاصة أن هناك تركيزا على أهمية التحرك السريع في الأيام المقبلة. وعلى الرغم من أن حلف الشمال الأطلسي (الناتو) لم يتخذ سابقا إجراء عسكريا من دون تفويض الأمم المتحدة خارج أوروبا، إذ إن العمليات في أفغانستان بتفويض مجلس الأمن، قد تطرح إمكانية عملية عسكرية مبنية على ائتلاف من أعضاء الناتو وأعضاء دول عربية حليفة. وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية: «إننا أوضحنا منذ الأول أن على مجلس الأمن أن يتمسك بمسؤولياته تجاه سوريا، ونحن نعطي أعضاء مجلس الأمن فرصة لذلك». وأضاف: «مسودة القرار تدين الهجوم من قبل نظام الأسد ويعطي صلاحية لاتخاذ جميع الخطوات الضرورية تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المدنيين من الأسلحة الكيماوية». وهناك وعي في لندن وواشنطن بوجود الكثير من التساؤلات حول دقة الأدلة والمعلومات المتعلقة باتهام نظام الرئيس السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية. وأفادت مصادر رسمية في واشنطن بأن التقرير الاستخباري الذي من المرتقب أن ينشر خلال اليومين المقبلين سيوضح تحديدا الأدلة الواردة والتي من شأنها أن تقنع الشعبين البريطاني والأميركيين بأي تحرك في سوريا. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أعلن في وقت سابق أمس أن لندن ستقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي «يدين الهجوم الكيماوي» الذي وقع في 21 أغسطس (آب) في سوريا و«يسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين». وأوضح مكتب كاميرون أن مشروع القرار «سيسمح بكل الإجراءات اللازمة بموجب الفصل السابع في الأمم المتحدة لحماية المدنيين من الأسلحة الكيماوية» في سوريا. والفصل السابع مخصص لأي «عمل في حال حصول تهديد للسلام وخرق للسلام وعمل عدواني». ويذكر أن مجلس الأمن القومي البريطاني أيد بالإجماع اتخاذ إجراء ضد سوريا ردا على هجوم مشتبه به بالأسلحة الكيماوية بعد يوم من طرح فكرة القيام بضربة عسكرية. وقال كاميرون على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» بعد اجتماع لأعلى هيئة أمنية في البلاد «وافق مجلس الأمن القومي بالإجماع على أن استخدام أسلحة كيماوية من جانب الأسد غير مقبول وأن العالم يجب ألا يلزم الصمت». وبينما كان مجلس الأمن يعقد جلسته المغلقة أمس، عقد المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري مؤتمرا صحافيا حذر فيه من تداعيات أي ضربة عسكرية ضد بلاده على دول المنطقة. وشدد على حق سوريا في الرد على أي اعتداء عسكري وقال: «إننا دولة في حالة حرب حاليا ونستعد للرد على أي ضربة»، واتهم المندوب السوري استخبارات أجنبية بتسليح الجماعات الإرهابية داخل سوريا بالأسلحة النوعية والتقليدية والأسلحة الكيماوية. وأكد الجعفري أن التحركات والتلويح بضربة عسكرية ضد سوريا تأتي دون الانتظار لنتائج تحقيق فريق التحقيق الذي قد يبرئ الحكومة السورية من مسؤولية الهجوم بالسلاح الكيماوي. وأعلن الجعفري للصحافيين بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، قيام الحكومة السورية بتقديم طلب رسمي إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن تطالب فيه بأن يقوم فريق التفتيش الموجود في سوريا حاليا بالتفتيش في ثلاثة أماكن تعرض فيها جنود الجيش النظامي السوري لاستنشاق غاز السارين يومي 24 و25 أغسطس الحالي في هجوم من «إرهابيين» بأسلحة كيماوية. وأوضح الجعفري أن سوريا قدمت 420 خطابا منذ بداية الأزمة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول تطورات الأوضاع في سوريا، وقال: «لا يوجد أي أعذار للأمم المتحدة ومجلس الأمن ليقولا إنهما لا يدركان ما يجري في سوريا». وشدد على أن سوريا تقف ضد أي استخدام للأسلحة الكيماوية، وطالب بمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وأن تستمر الأمم المتحدة في تحقيقاتها لتقديم المسؤولين عن تلك الهجمات باستخدام الأسلحة الكيماوية إلى العدالة، وقال: «كل ما نطلبه هو أن يتم إعطاء فريق التفتيش الوقت اللازم لإجراء التحقيق دون أي تأثيرات سياسية»، مشيرا إلى اتفاق بين الجانبين السوري والفريق الأممي أن تستمر مدة التحقيق لمدة أربعة عشر يوما قابلة للتمديد برضا الطرفين، وكرر الجعفري نفس اللفظ الذي استخدمه وزير الخارجية الأميركية جون كيري بأن استخدام الأسلحة الكيماوية هي «خطيئة أخلاقية».