×
محافظة مكة المكرمة

بلدية جدة الجديدة تنفذ مشروع الإنارة بحي الروضة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي جاءت زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى الرياض في مرحلة ازدادت فيها المخاوف والشكوك من مواقف واشنطن من القضايا العربية الملحة والاستحقاقات المرحلية ومطامع القوى الإقليمية والدولية، بعد أن اتسم عهد اوباما بتدهور في العلاقات العربية - الأميركية. لقد مرت العلاقات السعودية - الأميركية بموجات من المد والجزر، أبرزها في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) التي واجهت فيها الرياض حملة إعلامية شرسة شنتها أبواق المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني، لكنها استطاعت بعد فترة قصيرة أن تتجاوز تلك المحنة من خلال الحنكة والاستيعاب، إضافة إلى ذلك إحرازها نتائج ملموسة في حربها على تنظيم «القاعدة». وبعد اندلاع النيران وانتشار بذور الفتنة داخل حدود كل دولة عربية أصبحت الصراعات الداخلية السمة الأبرز والظاهرة التي تؤرق مضاجع الجميع، شعوباً وأنظمة على السواء، والتي تنم عن أزمة اندماج وطني يشعر بها بعضهم تجاه الجميع. ولأن الإدارة الأميركية تتدخل في التفاصيل اليومية الدقيقة لكل دولة في العالم فقد أشارت بعض أصابع الاتهام إلى الرئيس أوباما بدعم جماعات ضد أخرى بهدف زعزعة الاستقرار وإثارة النعرات الطائفية والضغط على الأنظمة والحكومات لإعادة تشكيل خريطة العالم طبقاً للأجندة الأميركية. تلك الشكوك ارتبطت بالسلوك الأميركي حيال عدد من الدول العربية، أبرزها: - مصر: ترددت إدارة أوباما في اتخاذ موقف صريح مع بداية الثورة المصرية في 25 يناير 2011، الأمر الذي أصاب علاقتها بالشعب المصري بأضرار كبيرة. وعندما لاحت في الأفق ملامح انهيار نظام حسني مبارك سارعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف مؤيد للثورة، انطلاقاً من إدراكها أن وصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة يمثل خطوة إيجابية بالنسبة اليها، بخاصة أن العلاقات بينهما بدأت منذ عقود طويلة، بل إن إدارة أوباما شجعت ودعمت من خلال الضغوط التي مورست على المجلس العسكري لتسهيل وصول «الإخوان» إلى سدة الحكم، لكن سرعان ما أثبتت الممارسة فشل برنامج النهضة الذي تبناه «الإخوان» وفشل معه مشروع الإسلام السياسي برمته، فقد رفعت جماعة «الإخوان» مبدأ «المشاركة لا المغالبة» ، قبل الوصول الى السلطة، وبعد وصول الرئيس محمد مرسي إلى قصر الاتحادية تغيرت المعادلة إلى «مغالبة لا مشاركة»، وتم إقصاء كل القوى السياسية، بما فيها «حزب النور» السلفي حليف «الإخوان» في الانتخابات الرئاسية. ومع ازدياد وتيرة الأحداث وتطورات المشهد فإن ممارسات «الإخوان» عجّلت بخروجهم من الحكم الذي يستند الى شرعية وهمية تقوم على نتائج صندوق الانتخابات. وترافق ذلك مع ارتباك أميركي شديد، بخاصة مركز القرار في البيت الأبيض. وظهر الدعم الأميركي للإخوان من خلال اجتماعات السفيرة الأميركية باترسون مع خيرت الشاطر قبل ثورة 30 يونيو، كما ظهر في الوقت نفسه مدى اعتماد «الإخوان» على التأييد الأميركي في مواجهة المجتمع المصري برمته، ما أدى الى حصار السفارة الأميركية و تغيير السفيرة باترسون التي كانت تبدي تعاطفاً مع نظام «الإخوان». هذا الارتباك المستمر لإدارة أوباما والذي تمخض عنه تعليق المساعدات العسكرية الأميركية للجيش المصري، وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة لمناقشة الوضع المصري في تدخل سافر في الشؤون الداخلية المصرية. وأخيراً اهتمام إدارة أوباما اهتماما خاصاً بقيادات «الإخوان» الذين يقبعون في السجون بانتظار المحاكمات أو الفارّين من وجه العدالة، وهو ما كانت له تداعيات مباشرة على تدهور العلاقات المصرية - الأميركية. - سورية: دخل الصراع السوري عامه الرابع ولم تزل سياسة أوباما تجاه سورية تتسم بالتردد والارتباك، فقد قتل آلاف السوريين، وأصيب مئات الآلاف وأجبر الملايين على الخروج من وطنهم، بسبب الصراع الدموي بين النظام الحاكم والمعارضة، وعندما هدد أوباما النظام السوري مرات عدة بأن استخدام السلاح الكيماوي هو خط أحمر، لم يكترث النظام لتلك التهديدات وقتل المئات في الغوطة الشرقية والغربية بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمـــع المجتمع الدولي، وعندما هيأت آلة الإعـــلام الأميركية الرأي العام العالمي بتوجيه ضــربة عسكرية للنظام السوري كان خطأ أوباما الاستراتيجي هو انتظاره موافقة الكونغرس على الضربات الجوية على سورية، ما خفف الضغط على دمشق للتملص من الالتزامات الدولية. كان الخيار الثاني لإدارة أوباما تجاه سورية هو الاتفاق مع روسيا لإخراج الأسلحة الكيماوية من سورية بهدف إراحة إسرائيل، لكن هذا الطرح لم يحقق أي نجاح، إذ لم يتم إخراج سوى 4 في المئة فقط من المواد الكيماوية الخطرة التي كان من المفترض انتهاء هذه العملية في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. واستمر النظام في سياسة إضاعة الوقت الممنهجة. حاولت إدارة أوباما تحقيق أي اختراق سياسي ملموس يحفظ لها ماء الوجه أمام حلفائها من الدول العربية، وضغطت لجلب طرفي الصراع السوري إلى طاولة المفاوضات في جنيف، فذهب الجميع إلى «جنيف1» وفشل، ثم «جنيف 2» ولم يتحقق أي تقدم يذكر، وفشل الطرح الأميركي وعاد الطرفان الى الخيار العسكري. - إيران : ركزت إستراتجية أوباما على أن خيار الحرب ليس مضمون النتائج لوضع نهاية لمشروع نووي موزع في كل الأراضي الإيرانية، وأن تداعياته ستكون محفوفة بالأخطار في حال رد إيران على أي ضربة عسكرية، لذلك تفوق الخيار السياسي على الخيار العسكري، إلا أن الاتفاق الإيراني مع أميركا والغرب فجّر الكثير من المخاوف والهواجس الخليجية التي اعتبرت أن هذا الاتفاق هو صفعة من إدارة أوباما لحلفائها التقليديين في دول الخليج ، خصوصاً السعودية التي اعتبرت أن الاتفاق يمهد عملياً لحلف أميركي- إيراني بتفاهم روسي، ويعزز تمدد طهران في كل من البحرين والعراق ولبنان وسورية واليمن. وكانت المحادثات السرية قد بدأت في سلطنة عمان بين إدارة أوباما والجانب الإيراني، وتطورت إلى لقاءات نيويورك ومحادثات جنيف. وأسفرت عن اتفاق مرحلي يستمر العمل به ستة شهور، ثم الجولة الثانية من المفاوضات التي من المفترض أن تؤدي إلى اتفاق نهائي في حال التزام الطرفين شروط هذا الاتفاق. وعلى رغم أن الاتفاق أسفر عن إيقاف العمل في منشأة آراك، التي كان يتوقع أن تبدأ في إنتاج الماء الثقيل خلال عام والبلوتونيوم بعد ذلك بعام آخر، اعتبرت طهران أن نتائج الاتفاق تمثل نصراً ديبلوماسياً عظيماً بعد أن تراجع إنتاج النفط الإيراني أكثر من 50 في المئة، وانكمش الاقتصاد بنسبة خمسة في المئة، وارتفعت معدلات البطالة بما يزيد عن 20 في المئة، وبالتالي فإن الجانب الإيراني يجد أن الاتفاق سيرفع الحظر المفروض على إيران كما أنه قد يؤدي إلى اتفاق أميركي إيراني يتم بموجبه القضاء على التطرف السني في المنطقة، خصوصاً التنظيمات القريبة من «القاعدة» مثل «داعش» و»جبهة النصرة» التي تقاتل داخل الأراضي السورية. - وأخيراً كانت الشعوب العربية في السابق تعقد الآمال والأحلام وتعلق أهمية كبيرة على انتخاب شخص من أصل أميركي افريقي مسلم يدعى باراك حسين أوباما الى منصب الرئيس وهي حالة فريدة في تاريخ الولايات المتحدة، لكنها بعد سنوات أصيبت بخيبة الأمل بعد ارتباط هذا الاسم بمعاناة آلام العديد من الشعوب العربية، وعبثه في النسيج الاجتماعي للدول العربية وتحويل الصراع من صراع «عربي - إسرائيلي» إلى صراع «سني - شيعي»، يأمل بعضهم بأن تكون زيارة أوباما للرياض بمثابة بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم العربي استناداً الى الشراكة والاحترام المتبادل، وليس التبعية أو فقط مصالح الولايات المتحدة.