اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى في توصيتها التي ناقشها مجلس الوزراء مؤخراً بشأن ارتفاع اسعار السلع والخدمات في المملكة، اعتبرت هذا الارتفاع ظاهرة، وبالتالي ليس وضعاً استثنائياً أو طارئاً، بل ارتفاع ملموس ومستمر في المستوى العام للإسعار، له أثره الواضح والمباشر على القوه الشرائية للمواطنين على مدى السنوات الأخيرة الماضية، مما يعني بموجب ذلك أن الاقتصاد المحلي يعيش حالة تضخم متزايد من عام لآخر، تستدعي التدخل الحكومي لمعالجتها بسياسات مالية أو نقدية، بناء على ذلك تم اتخاذ عدد من التوجيهات في هذا الصدد، كما أعلن في حينها، شملت تعزيز جهود الأجهزة الحكومية في مجال الرقابة والإشراف على اسعار السلع والخدمات، ومنع أي مغالاة في الاسعار تؤدي إلى ارتفاع الهوامش الربحية للتجار والمنتجين، ومنع أي ممارسة احتكارية في سوق السلع والخدمات، كما امتدت التوجيهات أيضاً إلى توفير قاعدة معلومات متكاملة حول تطورات اسعار السلع والخدمات في المملكة، والرصد المستمر لمدى مناسبة هذه الأسعار والتغيرات التي تطرأ عليها، ومدى استجابتها للتغيرات في الأسعار العالمية، مع اتاحة الفرصة للمواطنين للاطلاع على هذه المعلومات.. إن نظرة فاحصة للسكن والنفقات المنزلية، التي تشمل بشكل أساسي الإيجارات، وبعض الخدمات المرتبطة بالمساكن، من كهرباء ومياه وأعمال صيانة وترميم ونحوها، يوضح أن وزنها النسبي في حساب المستوى العام للأسعار أو تكاليف المعيشة يبلغ نحو 27 %، هذا بخلاف أنها تستهلك بحد أدنى 30 % من دخل الأسر المستأجرة، بالتالي هي تمثل العامل الأبرز في أسباب زيادة معدلات التضخم، وظاهرة ارتفاع الأسعار، بل وتمارس دوراً مضاعفاًً في هذا الشأن، وذلك بصورة مباشرة في رفع تكاليف مجموعة السكن، وبصورة غير مباشرة في المجموعات الأخرى المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، مثل الأغذية، والملابس، والأثاث ونحوها. إن أسباب غلاء السكن وارتفاع أسعاره يعود بلا شك إلى زيادة الطلب المحلي على المساكن تملكاً أو استئجاراً، إضافة إلى نقص العرض من المساكن الملائمة لهذا الطلب المتنامي، يدعم ذلك ارتفاع تكاليف بناء المساكن، سواء من ناحية اسعار الأراضي أو مواد البناء أو الأيدي العاملة كما أن هذا الارتفاع قد يكون مرتبطاً بالتضخم المستورد من خلال الأيدي العاملة الوافدة التي تمثل نسبتها 40 % من السكان، وبالتالي دفعها لمعدلات الطلب على هذه المساكن المتوفرة بشكل محدود. إن تعزيز جهود الأجهزة الحكومية في مجال الرقابة والإشراف على أسعار السلع والخدمات ومنع أي مغالاة في الأسعار قد لا يكون بذات القدر من الفعالية في خدمات الإسكان، ما لم يرتبط بما وجه من توفير قاعدة معلومات عن متوسط اسعار السلع والخدمات في المملكة والرصد المستمر لمدى مناسبة هذه الأسعار، ومن ذلك ما نأمل أن يتحقق، وهو وجود قاعدة معلومات عن متوسط أسعار تأجير وبيع الوحدات السكنية بمختلف أنواعها وفئاتها على مستوى الأحياء السكنية في كافة المدن وإتاحة الفرصة للمواطنين والمقيمين للاطلاع على هذه المعلومات لإحاطة من يرغب منهم في تلك الخدمات بالبدائل المتاحة والمتيسرة أمامه، ويمنح في ذات الوقت إمكانية الرقابة والإشراف على أسعار الوحدات السكنية بيعاً أو تأجيراً، واتخاذ الخطوات اللازمة للحد من أي مغالاة في تلك الأسعار.