×
محافظة المنطقة الشرقية

مع رودجرز.. سيطرة سيلتك في أسكتلندا تستمر بشكل جديد

صورة الخبر

محمدو لحبيب ثمة خيط رفيع يفصل الرواية كنمط سردي أدبي يطغى عليه الخيال، وبين الفكرة الاجتماعية الإصلاحية المندرجة بشكل عام في قالب السوسيولوجيا.وأحياناً يثور الجدل حول سؤال مهم وهو: هل بإمكان الرواية أن تؤسس لإصلاح اجتماعي، أم أن مهمتها تنتهي عند تشخيص الواقع الاجتماعي دون تدخل في اقتراح الحلول؟.يفضل البعض قصر الرواية على مجالها دون الإقرار بوجود شيء اسمه الروايات الاجتماعية، ويبرر قراءته تلك بأن الرواية كقالب درامي سردي لا بد أن تحتفظ بكمية مناسبة من التخييل حتى ولو كانت تكتب عن واقع اجتماعي معاش ومعاصر لكاتبها أحياناً، فالسرد عندهم قرين وفيّ للخيال ولا يستقيم أن يتماهى مع الواقع ويطابقه، ولذلك لا يرون أن الرواية تعتبر نقداً اجتماعياً جديراً بضمه إلى أدوات التحليل السوسيولوجي الرصينة.لكن وجهة النظر الأخرى ترى العكس إذ تعتبر أن الأدب الخيالي يمكن أن يكون له تأثير اجتماعي كبير، فعلى سبيل المثال فإن رواية «كوخ العم توم» عززت حركة النضال ضد العبودية في الولايات المتحدة، ورواية «رامون» التي كتبتها هيلين هانت جاكسون، أحدثت تغييرات في القوانين المتعلقة بالهنود الحمر، وكذلك رواية «الغاب» لابتون سينكلير مهدت الطريق لاستحداث قوانين جديدة تتعلق بالصحة العامة ومعالجة المواد الغذائية، ورواية «طفل من ياغو» لآرثر موريسون تسببت في جعل إنجلترا تغير قوانين الإسكان فيها.وقد كتب كلٌّ من جورج أورويل وتشارلز ديكنز مزرعة الحيوان وقصة مدينتين على التوالي، للتعبير عن خيبة أملهم من المجتمع والطبيعة البشرية، فروت حكاية مزرعة الحيوانات تمرد الحيوانات على أسيادهم البشر، واعتبرت مثالاً قوياً على النقد الاجتماعي والسياسي في الأدب. وعلى كل حال فإن الرواية في إحدى تجلياتها هي تمثيل من تمثيلات المثقف التي تهدف للتعبير عن وجهة نظره بشكل مختلف عن السياسي حين يعبر عن وجهة نظره الأخرى، وعن الاجتماعي حين يستخدم أدوات علم الاجتماع ليستطلع ويرصد الظواهر الاجتماعية، وعن الاقتصادي حين ينظر للتغيرات القادمة بناء على تأثير العرض والطلب على سلوك الأفراد والمجتمعات.إن الكاتب الروائي يعالج نفس تلك المشاكل المجتمعية وربما يغوص في الأبعاد الأنثروبولوجية عنها، لكنه يفعل ذلك وهو متمترس بخيالية معالجته، ربما لأنها تقيه من صرامة النظرية النقدية لتشخيصه للواقع، فتغدو النظرة النقدية لمعالجته للواقع من حوله، نظرة رؤوفة به، وآخذة في عين الاعتبار أنه ليس متخصصاً، وكأن الروائي حين يتعمد الكتابة عن الظواهر الاجتماعية أو النقد السياسي أو غير ذلك من المواضيع المتخصصة، يفعل ذلك انطلاقاً من لعبة الهروب من التصنيف التخصصي، ليغدو عمله أكثر قبولاً ومن دون رفض منهجي له. pechike@gmail.com