×
محافظة المدينة المنورة

خبراء يناقشون حماية المنشآت الصناعية.. اليوم

صورة الخبر

عاصم عبدالخالق سؤال منطقى طرحته صحيفة هآرتس الإسرائيلية الأسبوع الماضي هو أين كان أوباما طوال السنوات الثماني الماضية؟ السؤال كان عنواناً لمقالة تحدثت عن المواقف العنترية المفاجئة لأوباما ضد الحكومة اليمينية المتطرفة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كثيرون غير هآرتس أدهشتهم أيضاً الصحوة المتأخرة لأوباما متمثلة في امتناعه عن عرقلة قرار مجلس الأمن 2334 الذي استنكر الاستيطان. تلا ذلك مبادئ التسوية كما صاغها وزير خارجيته جون كيري وركزت على حل الدولتين. ويخطط أوباما لسكب مزيد من الوقود على نيران الغضب الهستيري الذي انتاب نتنياهو واليمين المتطرف قبل خمسة أيام فقط من انتهاء رئاسته بدعمه مؤتمر السلام الذي تستضيفه باريس يوم 15 يناير الجاري بمشاركة 70 دولة. ومن المقرر أن يؤكد هذا التجمع العالمي الضخم تضامنه مع الرؤية الأمريكية لحل الدولتين ووقف الاستيطان. ولن تكون مفاجأة إذا سمح أوباما بصدور قرار جديد لمجلس الأمن يتبنى إرادة المجتمع الدولي التي عبر عنها المؤتمر. من الطبيعي أن يشعر كثيرون بالدهشة وأن يتساءلوا لماذا لم يفعل أوباما ذلك سوى في ربع الساعة الأخيرة من رئاسته وهو يستعد لحمل حقائبه وتسليم مفاتيح البيت الأبيض! الجواب ببساطة أن هذا هو التوقيت المثالي لنسج أساطير حول إنجازاته، وصناعة بطولات غير مكلفة وبلا عواقب يتحملها هو أو حزبه. لن يخوض أوباما انتخابات أخرى، ولن يكون مضطراً لاستجداء أصوات اليهود والمتعاطفين معهم. كما أن حزبه الديمقراطي خسر الانتخابات الرئاسية والتشريعية ولن يضطر بدوره لتسديد فواتير سياسية تركها الرئيس. وسيكون هناك متسع من الوقت أمام الديمقراطيين لكي يتبرأوا مما اقترفه بحق إسرائيل عندما يحين موعد الانتخابات القادمة للكونجرس بعد عامين. حقيقية مهمة يلتزم ويؤمن بها أوباما هي أن دعم إسرائيل وضمان أمنها وقوتها هدف استراتيجي ثابت للولايات المتحدة لا يمكن المساس به. ومواقفه الأخيرة لا تهدد أمن إسرائيل بل تنطلق من قناعاته بطريقة تحقيق هذا الأمن. غاية ما في الأمر أنه يثير حنق نتنياهو وهو هدف شخصي مهم. إنه الاشتباك الأخير في معركة طويلة بين الرجلين وفقاً لتعبير نيويورك تايمز. لذلك ليس غريبا أن ينتهز أوباما فرصة مغادرته منصبة لكي يوجه لحليفه اللدود الصفعة الأخيرة، أو بالأدق أن يرد له واحدة من صفعاته العديدة. لم ينس أوباما لنتنياهو أنه بعجرفته وتطرفه دمر حلمه الشخصي بأن يكون الرئيس الأمريكي الذي يحقق تسوية نهائية للقضية الفلسطينية. ولم ينس أوباما له أيضا أنه أحرجه مراراً برفضه إبداء أي مرونة في التجاوب مع الطلبات الأمريكية بوقف الاستيطان، وسعيه لنسف أي جهد تبذله واشنطن لتحريك عملية السلام. فوق هذا لم ينس أوباما الإهانة التي وجهها له نتنياهو عندما حضر إلى واشنطن دون دعوة منه ودون استئذان وتحدث أمام الكونجرس داعياً إلى رفض الاتفاق مع إيران. وإذا كانت المصالح هي ما تحكم العلاقات بين الدول، فإن التوافق بين القادة عامل قد يضيف إلى هذه العلاقات أو يخصم منها. وتقدم الحالة الأمريكية - الإسرائيلية، في وجود أوباما ونتنياهو، تجسيداً كلاسيكياً لهذا التداخل بين العام والخاص أو الموضوعي والشخصي. العلاقات الخاصة والمتميزة بين الدولتين بقيت راسخة، وتزداد قوة وعمقاً وترابطاً. في المقابل اتسمت العلاقة بين أوباما ونتنياهو بالفتور ثم النفور وأخيراً الخصومة الكاملة، ولم يكن ذلك سراً. استمر هذا التناقض طوال السنوات الثماني الماضية: ود مفقود بين الزعيمين وتقارب متواصل بين بلديهما. وانعكاساً لهذا التناقض أصبح أوباما الرئيس الأمريكي الأكثر دعماً لإسرائيل. وتجسد سخاؤه غير المسبوق معها في صورة اتفاق المساعدات العسكرية الأخير بقيمة 38 مليار دولار وهو ما لم تحصل عليه إسرائيل من أي رئيس أمريكي منذ قيامها. باختصار أوباما يعاقب نتنياهو وليس إسرائيل التي لن يضيرها أن يصدر مجلس الأمن قراراً جديداً لن ينفذ بل سيُقبر في ملفات التاريخ مع غيره من قرارات مشابهة طواها النسيان. assemka15@gmail.com