×
محافظة حائل

اللبس المحتشم شرط لتغطية رالي حائل 2014

صورة الخبر

كتبتُ في هذَا المكانِ قبلَ شهورٍ قليلةٍ أشيدُ بالموقفِ الفرنسيِّ الأخيرِ من الجاليةِ المسلمةِ هناكْ.. وقلتُ فيمَا قلتُ، في المقالِ الذِي حملَ عنوانَ "التقريرُ الفرنسيُّ النبيلُ صفعةٌ للعربِ المتفرنسِينَ": إنَّ الحكومةَ الفرنسيةَ الجديدةَ تسعَى بدأبٍ لتمريرِ قانونٍ يدعُو إلى تعليمِ العربيةِ في أرقَى المدارسِ، ووقفِ قراراتِ منعِ الحجابِ، والاعترافِ بالمكوّنِ العربيِّ والإسلاميِّ والشرقيِّ للهويةِ الفرنسيةِ. لكنّي مع تواردِ الأخبارِ الواردةِ من جمهوريةِ إفريقيَا الوسطَى أخشَى أنْ تكونَ فرنسَا تُعطِي الإسلامَ والمسلمِينَ بيدٍ في الداخلِ، وتُسيءُ لهُ ولهُم باليدِ الأخْرَى في الخارجِ! وبعبارةٍ أوضحْ أخشَى أنْ تكونَ فرنسَا -شأنهَا شأن العديدِ من دولِ أوروبَا- تطبّقُ قيمَ العدالةِ والتسامحِ، وحقوقِ الإنسانِ على المسلمِينَ في الداخلِ الفرنسيِّ، وتتجاهلهَا وتتنكرُ لهَا في الخارجِ! وبشكلٍ أوضحْ وأوضحْ، وأصرحْ وأصدقْ أقولُ إنّني أشكُّ كثيرًا في أنّ الأخذَ بالقيمِ الإنسانيةِ هناكْ ليسَ حبًّا في حقوقِ الإنسانِ أيًّا مَن كانَ، وإنَّما اتّساقًا معَ النّفسِ في الداخلِ الفرنسيِّ فقطْ.. فإذَا مَا ابتعدتْ فرنسَا، والإنسانُ الفرنسيُّ عن بيئتِهِ، وراحَ يتدخلُ في شؤونِ المسلمِينَ بالخارجِ تحوَّلتْ فرنسَا إلى دولةٍ أخْرَى، وتحوَّلَ الإنسانُ الفرنسيُّ إلى إنسانٍ، ولاَ أقولُ إلى كائنٍ آخرَ! والحقُّ كذلكَ، ومن خلالِ زياراتِي العديدةِ لفرنسَا، بلْ وإقامتِي في أوروبَا بالسنواتِ بدأتُ أرجّحُ حقيقةَ انتفاءِ العنصريةِ ومحاربتهَا في الداخلِ الأوروبيِّ والتمحكِ، أو التمسكِ، أو التورّطِ فيهَا في الخارجِ! في باريس، وفي لندن، وفي بروكسل، وفي جنيف لا يستطيعُ إنسانٌ أنْ يتعرّضَ، أوْ يبوحَ بكراهيةِ "الآخرِ"! فإنْ حدثَ فمحاكمُ وقضايَا وصيحاتُ إنذارٍ وسيلٌ من التحذيرِ وندواتٌ ومؤتمراتٌ ونداءاتٌ تطالبُ بمنعِ أيّ دعاوَى، أو تصريحاتٍ، أو تلميحاتٍ عنصريةٍ! فإذَا مَا خرجتَ أنتَ، أو خرجُوا هُم إلى الدولِ الإفريقيةِ -تحديدًا- وجدتَ تعاملاً آخرَ ومختلفًا مع البشرِ، وكأنَّهم ليسُوا بشرًا بالمرّة! هلْ هِي التقابليةُ، أو المفارقةُ، أو التناقضيةُ -إن صحَّ هذَا الوصفُ- بينَ الفكرِ الفرنسيِّ والأوروبيِّ الراقِي، وبينَ السياسةِ الفرنسيةِ والأوروبيةِ الخارجيةِ التِي لمْ يرَ منهَا المسلمُونَ -تحديدًا- إلاَّ كلَّ مَا هُو معيبٌ وسلبيٌّ؟! هلْ هِي روحُ التشدّدِ والغلوِّ التِي تتلبسُ الفرنسيينَ والأوروبيينَ إذَا مَا خرجُوا في مهامَّ عسكريةٍ؟ أمْ هِي بعضُ النزعاتِ العنصريةِ التِي تذكّرُ البعضَ بالحملاتِ الصليبيةِ البغيضةِ؟! لنْ أذكّرهُنا بالاحتلالِ الفرنسيِّ، أو البريطانيِّ، أو الإيطاليّ لمصرَ والجزائرِ وليبيَا والسودانِ، ومَا كانَ منهُ، وبقيتْ آثارُهُ إلى الآنَ.. لكنّي فقطْ أودُّ الإشارةَ إلَى أنْ مَا يجرِي في إفريقيَا الوسطَى تحتَ سمعِ وبصرِ الجيشِ الفرنسيِّ، والخارجيةِ الفرنسيةِ يحتاجُ إلى مراجعةٍ سريعةٍ. إنّ كلَّ التقاريرِ الواردةِ من إفريقيَا الوسطَى تؤكّدُ أنَّ ثمةَ انحيازًا واضحًا، بل تعنّتًا أوضحَ ضدّ مسلمِي هذَا البلدِ الذينَ لمْ يكونُوا يومًا فقراءَ، ولمْ يكونُوا يومًا لاجئينَ، أوْ مشردّينَ.. فهلْ كُتبَ عليهِم أوْ أرادتْ لهُم السياسةُ الفرنسيةُ أن يصبحُوا كذلكَ؟! قريبٌ من ذلكَ.. من محنةِ المسلمِينَ الحاليةِ في إفريقيَا الوسطَى رسالةٌ إلى السيدةِ كاترين سامبا بانزا رئيسةِ الدولةِ، وقلتُ من خلالِ معرفتِي بهَا، ولقائِي معهَا إنّها تحظَى باحترامِ المسلمِينَ قبلَ المسيحيينَ في بلادِهَا؛ حتّى أنّهم أطلقُوا عليهَا لقب "الوالدة"! فمَا الذِي جرَى ويجرِي أيَّتُها الوالدةُ كاترين؟! هلْ تنتصرِينَ لقيمِ العدلِ والإنصافِ في بلادِكِ قبلَ أنْ تضيعَ منكِ، أمْ تنهزمِينَ أمامَ رياحِ العنصريةِ العابرةِ للقاراتِ؟! وأعودُ فأقولُ لكِ ولفرنسَا إنّ مسلمِي إفريقيَا الوسطَى لمْ يكونُوا يومًا ضيوفًا علَى هذَا البلدِ، فَهُم أهلُهُ، وهُم تجّارُهُ، ومزارعُوه، وصنَّاعُه، وهُم علَى غيرِ العادةِ نبغُوا، وتفوّقُوا، وأصبحُوا الأغنَى بأموالِهم، والأثرَى بقيمِهِم التِي تحضُّ علَى التعاملِ الكريمِ مع غيرِ المسلمِينَ.. فمَا ذنبُهم هذِه المرّة؟! كنتُ ضيفًا علَى فرنسيٍّ مِن أصلٍ عربيٍّ يقيمُ فِي العاصمةِ السنغاليةِ "داكار" فلمّا دخلتُ الدارَ وجدتُ شخصَينِ عاريينِ تمامًا إلاَّ من قماشةٍ ساترةٍ يقفانِ ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمالِ.. فلمَّا سألتُ عنهمَا قِيل لِي إنّهمَا "عبدانِ"!! كنتُ أتناولُ العشاءَ على المائدةِ، وأنَا أحملقُ في وجهَيّ الرجلَينِ، فلمّا لاحظَ امتعاضِي قالَ: أنَا أعاملهُمَا جيّدًا، والمسألةُ شكليةٌ فقطْ.. قلتُ محتدًّا: بأيِّ روحٍ وثقافةٍ جئتَ بهِمَا! بروحكَ العربيةِ، أمْ الفرنسيةِ، بالجهلِ الغربيِّ الحديثِ، أم بالعنصريةِ الأوروبيةِ التي تهبُّ هنَا فقطْ؟! عندَهَا تلغمت المائدةَ! sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain