تزدان جميع الصحف خلال هذه الأيام بصفحات تتحدث عن المنجزات التي تمت خلال عام.. ولن أذهب كثيراً لمنجزات «الصحة، البلدية، التجارة»، فليس لي فيها كثير من الأذرع كي أستطيع مدها على المنجزات الصحية التي لم تستطِع حتى نهاية هذا العام القضاء على «كورونا» العصر، بينما تصادر وزارة التجارة من يبيع «مخرجات البعير» التي تنتشر في بعض المجمعات وعلى قارعة الطرق السريعة، حيث فيها «شفاء عاجل» من الأمراض المستعصية والمزمنة، وربما تعالج حتى سرطانات «البحر» التي أصبحت تخرج علينا مع المراكب العابرة. لنذهب إلى ما نحن فيه ونتحدث عن منجزنا الثقافي خلال عام، بدءاً من الأندية الأدبية وانتهاء بالجمعية السعودية للثقافة والفنون، ونترك المنتديات الأهلية التي تغرد خارج السرب دائماً بمحاضرات وفعاليات مع الأسف لا يتم ذكرها في وسائل الإعلام، وذلك لغياب حالة التنظيم لها، فأصبحت في بعض المنتديات مجرد مجالس لمن يريدون أن «يتمجلسوا» أمام التشكيلة المزينة للمجتمع «المثقف»، الذي يزين الموائد، فيتم تحديد موعد الندوة بمواقيت الصلاة ومواعيد «المفطحات» التي تختتم استراتيجية صناعة العقل العربي. لنتوقف مع الأندية الأدبية التي ازدهرت قبل الانتخابات والمنح «المليونية» بفعاليات كادت تجعل الكتاب والمثقفين يعيشون حالة من الازدهار الثقافي حينها، فصدرت المجلات التي «توقفت»، وطبعت الكتب، وكانت المهرجانات التي كانت أشبه بحالة عرس ثقافي لم يستمر أكثر من ثلاثة أعوام حتى وقعت في فخ الانتخابات، وجاءت المنح التي اعتبرت الأندية الأدبية مدخلاً لمؤسسات مجتمع مدني، ولكن ماذا بعد الانتخابات؟ «موت» لجميع تلك المهرجانات وشراء عقارات تدر على اللجان شيئاً من المال ليستطيعوا حل أزمة الاجتماعات التي تقلص دخلها إلى «الربع». يعني نستطيع القول بأن المال يفسد الثقافة في «الأندية». وعلى صعيد جمعيات الثقافة والفنون لم يستطِع رئيس مجلس إدارتها رفع الدعم لأكثر من 50 ألف ريال سنوياً يتم دفعها حق «الشاي والقهوة»، وتتكدس فيها الفنون بكافة «أبصارها»، الثقافة بـ»سردها ونثرها»، المهرجانات التي تتعكز لإنجازها، ولكن كل فرع عليه أن «يدبر راسه»، ويأتي بالدعم الذي يريد لأي مهرجان وفعالية يريد أن يقدمها، لذا نجد أن بعض فروع الجمعيات أصيبت بحالة من الإحباط وأوقفت دورات «الخط العربي»، و «التصوير الفوتوغرافي»، فقد أصبح لدينا مصور لكل «بيت»، وخطاط في كل «شارع»، مع الاعتذار للغة العربية عن الأخطاء الإملائية. وعلى صعيد معارض الكتب نجد أن زائري هذه المعارض ينتظرون «الحفلة» اليومية التي يمكن أن تحدث في هذا المعرض أو ذاك، ولديهم استعداد لـ«التشمير» مع الفريق الذي يحبون كي يخرج «مصور» الدورات لتوثيق الحدث وبثه على وسائل التواصل الاجتماعي ليكون «نزهة» لمن لم يحضر المعرض ولكنه يتحدث عنه وكأنه يعيش الحدث عبر «الفضاء الإلكتروني». ومن بين هذا وذاك نجد أن أبرز ما حدث لدينا هذا العام هو صدور الموافقة على نظام الجمعيات الأهلية الذي يمكنه خلال العام المقبل أن يقدم رؤية استراتيجية وتنظيمية لكثير من الفوضى التي يعيشها وسطنا الثقافي.. ولكن على ما يبدو أن المتحمسين للنظام قبل صدوره فقدوا الحماس بعد الموافقة عليه، والخوف أن يتم استغلاله كما حدث مع انتخابات الأندية الأدبية.