النسخة: الورقية - سعودي يقول الخبر على صدر الزميلة «الشرق» قبل يومين: «كشف أمين عام لجنة السلامة المرورية في المنطقة الشرقية ورئيس لجنة السلامة المرورية في شركة أرامكو السعودية المهندس سلطان الزهراني عن توقيع اتفاقية مع وزير التربية والتعليم تقضي بتدريس سبع حصص أسبوعية دراسية خاصة بالتوعية بأهمية السلامة المرورية في المراحل الدراسية الثلاث بتكلفة 35 مليون ريال». للوهلة الأولى يبدو الخبر جميلاً، ولبقية «الوهلات» سيظل كذلك، حتى تتقافز الأسئلة: ماذا عن السلامة المنزلية؟ أو سلامة التعامل مع الناس خارج أسوار المدرسة وأبواب المنازل؟، عن النظرة إلى الأجنبي والمرأة والعامل المغلوب على أمره، عن النظرة للمهن ولاختلاف أفكار الناس، وأشياء كثيرة قد لا تبدو مترابطة لكنها جميعاً تقع تحت مظلة واحدة اسمها الأخلاق، المسمى الذي بعث سيدنا وحبيبنا ليتمم مكارمه. لا يمكننا أن نخصص سبع حصص، أو حصة لكل شيء نعتقد بأنه يجب تعليمه للنشء، سيكون ذلك مستحيلاً، وعلى رغم إعجابي بالمبادرة، إلا أنها تفتح الباب واسعاً أمام العلاقة الثنائية غير الواضحة بين التربية، والتعليم، وتشابكات الجهات التي يمكن أن تؤدي هاتين المهمتين، بدءاً بالمنزل والمدرسة والمسجد والشارع، ووسائل الإعلام والاتصال، بل وحتى الخيال الشخصي لكل شاب وطفل من الجنسين. المشكلة الأساسية أن أكثر ممارسات الواقع تناقض ما يمكن أن يندرج في الحصص أعلاه، ويؤسفني القول إن بعض ممارسات الواقع المعاش في الشارع تناقض ما يمكن أن يندرج في قائمة الأخلاق. كل الأخلاق الجميلة موجودة ضمن تعاليم الدين الجميل الحنيف المتسامح، لكن وبعد تجربة عقود من الزمن هل أثرت طريقة إيصال الدين، وأقصد هنا في مؤسسات التعليم، هل أثرت وانعكست على أخلاق الناس وهم يقودون سياراتهم، أو يتعاملون في ما بينهم تجارياً أو حياتياً في أي مجال؟ نلحظ أن هذا التأثير يتناقص بصورة مستمرة، وما كان منه في البدء لم يكن بسبب التعليم، كان بسبب التربية والفطرة وقيم المجتمع، التي تغيرت وتطورت سلباً وإيجاباً، وبقينا نلجأ إلى المدرسة فقط لننطلق منها للتصحيح التربوي. الأخلاق هي القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وإحدى أعمق مشكلاتنا أن من يمارسون الخطأ يعرفون أنه خطأ ويمارسونه، بل ربما فاخروا به، لأن المجتمع يتجاوز عنهم، ويسمي الأشياء بغير مسمياتها. السلوك الأخلاقي يتأسس على العلاقات مع الآخرين، والمعلمون ومعهم الآباء يجدون صعوبة في تكريس أهمية قيم الاحترام والمسؤولية وحقوق الغير في ظل نماذج كثيرة ناجحة وضاربة بمثل هذه القيم عرض الحائط، في ظل غياب دور النظام الاجتماعي الناقد الصارم. الخبر أعلاه تضمن نقطة لا علاقة لها بما قلت لكنها لافتة، إذ جاء في تفاصيل إضافية: «الهدف من تدريب الطالبات هو إيجاد جيل جديد من الفتيات الإيجابيات (المرافقات) حيث يمكن أن يقدمن النصيحة لقائد المركبة التي تقلهن»، وهذا يعني رسالة واضحة للمرأة السعودية تقول «انسي الموضوع». mohamdalyami@gmail.com