من طبائع الفتن والاضطرابات أن حممها تصل إلى أجساد الدول المجاورة. هذا الذي يجري في دولة عزيزة على القلوب كالبحرين، التي ما إن دخلت أصابع إيران وحزب الله إليها إلا وهب الخليج كله لنصرتها من خلال قوة «درع الجزيرة»، هذه القوة التي تتدخل طبقا لاتفاقيات موقعة بين دول الخليج، بغية تأمين الحدود والمؤسسات والمجتمع، بلغ هوس المخربين بالبحرين لدرجة جعلتهم يتحرشون بالمستشفيات. ما أبشع ما حل بالبطل طارق الشحي، الضابط الإماراتي ذي الواحد والأربعين عاما. بيان الداخلية الإماراتية أوضح أن الاغتيال جاء عن طريق عبوة ناسفة استهدفته مع اثنين من زملائه البحرينيين، كل هؤلاء كانوا يبذلون الغالي والنفيس من أجل حماية البحرين، ومن لا يقف مع جاره وقت الضيق تصله الحرائق هذا هو مبدأ الخليجيين في الاتفاقيات المبرمة ضمن مؤسسة مجلس التعاون الخليجي. المبهج ردة الفعل الإماراتية، إذ سرعان ما هب الناس تمجيدا بهذه المهمة التي قضى من أجلها شهيد الإمارات طارق، والذي لم يكن يحارب بلدا آمنا، ولم يكن يقاتل في مناطق التوتر والإرهاب، بل كان جنديا يؤدي مهمة القسم، ويؤدي ما ائتمن عليه، حيث بادر مع زملائه البحرينيين لحماية البحرين، وهذه دلالة بليغة على عمق الأواصر التي تربط المجتمعات الخليجية مهما حاولت بعض أو إحدى الدول إضعاف مؤسسة التحالف الخليجي. أن يقتل إماراتي، أو يستهدف رجل أمن سعودي بالبحرين، فإن هذه دلالة على وحدة الشعور تجاه الأراضي الخليجية مهما نأت السبل وتعدد الجنسيات والحدود. كلنا نتعجب مع الفريق ضاحي خلفان، والذي أشار إلى احتفالات بالحلوى احتفالا باستهداف البطل طارق، وهذه «جريمة فوق الجريمة» ــ كما يقول ضاحي. المشكلة أن هذه الفئات المغالية المتطرفة صاحبة الصوت الأعلى تسيء للفئات المعتدلة، نعلم أن شيعة الخليج ليسوا سواء، بل ومنهم الكثير من المعتدلين، لكن المشكلة في «الإسلام السياسي الشيعي»، كما هو «الإسلام السياسي السني»، والمسألة ليست طائفية بقدر ما هي تشقيق وتشريح للتطرف بكل أطيافه. رحم الله طارق الشيحي، ونتمنى للخليج المزيد من التآلف والترابط أمنيا، وسياسيا، واقتصاديا. عكاظ