بطريقة ما بدا أن كتابة رسالة قد تساعد في درء هذا التعب، لذلك ها أنا أفعل، بلا هدف سوى الكتابة، وقد أندم قليلا أو كثيراً لكن هذا لا يهمّ أنا حزينة، تخطف قلبي هذه اللحظات القليلة، أمرّ بحالة عجيبة أختبرها للمرة الأولى، وكأني أدور في مجرّة لحالي وكل ما حولي ذرّات طائرة وغاز متماهي، كل ما حولي لا يصنع لنفسه قيمة وأظل أبحث عن قيمة تمنح دوراني هذا معنى. ** عن الأيام الرمادية ياصديقي أكتب لك: الأيام الرمادية تستمر بتجاهل إيقاظي، تمنحني ساعة وساعتين أخرى في فراشي، بمنتهى البرود والعادية تقدم لي إفطار السرير في الثالثة ظهرًا، تهمل تنبيهي على تغيير ملابس النوم حتى أباشر يومي، تحثني على الاختفاء والشعر المكوّم لأعلى واللامبالاة، تباشر في حثّي على المزيد من الأغنيات الحزينة والتقوقع في السرير، تجبرني على كسر القاعدة المهمة لا طعام في غرفة النوم، الأيام الرمادية تصبغني بصبغتها، فلا طلاء أظافر لأيام طويلة متتالية ولا أحمر شفاه ولا ملابس ملونة ومزخرفة أكثر من اللازم، اللازم الذي تقرره حالة الاكتئاب الواقعة بها بالطبع. هذا كله لا يتعلق بالعمل ولا بالإجازة ولا بمحيط الأصدقاء ولا بالمجتمع ولا بأي شيء آخر، ربما تسهم هذه الأسباب بشكل أو بآخر لكن الأيام الرمادية لا تهتم إذا ما كانت تحدث في منتصف الاسبوع أو آخره فالأحد والخميس سيّان، اللون واحد والروح واحدة ومسيّرات الحياة نفسها واحدة. الأيام الرمادية هي التي تحمل كوب الشاي عنك، ثم تقربه إليك، تعطيك وقتا مثاليا لتتأمل حياتك، ثم تشربه على عجل كأن الريح تحتك. في صدري أشباح وهناك خواءٌ رهيب وفي عيني الأشياء لم تعود نفسها إنها غير مجدية وبلا معنى مهم وهذا يخيفني، جد يخيفني لأن أحتاج أن أستحدث قاعدة الشغف لديّ. وهي إذ تبلى الأشياء وتموت، أعد إحياءها، ساهم في قيامتها. ولكني أفضل الحياة دفعة واحدة على محاولات الإحياء والإنعاش والترقيع المستمرّ. لماذا لا يبزغ حدَثٌ وحيد في حياتي ويقول ها أنا! ** هف سأتوقف هنا، لا طائل وقد أنقل إليك عدوى الشعور. فلا أقبح من أن ترى الأشياء التي لطالما شغفتك بعين عادية. بعين تغمض نصفها وتنام. ولا تشكل فرقا لديها الأشياء. ** بقلم / amany ahmad