أصبح الكثير من الاختراعات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، الهواتف المحمولة أجهزة الكمبيوتر الإنترنت الأدوات المنزلية باختلاف أنواعها وغيرها الكثير، حتى بتنا لا نتخيل أن نعيش يومًا بدونها. لكن أجدادنا لم يكونوا كذلك، وأيضًا تلك الأجهزة، فلكل اختراع نراه الآن قصة وتاريخ مختلف في الظهور والدخول لحياتنا، فمن الحجم الكبير والتقنيات القليلة، إلى الآلات متناهية الصغر والدقة. أحد الأمثلة على تلك الاختراعات هو آلات التصوير ()، فهي واحدة من الاختراعات الفريدة في عالمنا، إذ تسجل وتوثق اللحظات التي نعيشها والأشياء التي نراها لنحتفظ بها طوال الحياة. لكن هل تعلم قصة اختراع تلك الكاميرات، وكيف عانى المخترعون لتكون بالدقة والسهولة التي نراها حاليًا؟ وفيمَ فكر أول مخترع لكي يأتي لنا بهذا الاختراع العظيم؟ هنا نقدم لك أهم المحطات التي انطلقت ومرت بها الكاميرات حتى تطورت إلى الشكل الحالي: كيف جاءت الفكرة؟ بدأ استخدام الكلمة اللاتينية كاميرا camera كمختصر لكلمة أي الغرفة أو الكاميرا المظلمة، حيث كان الرسامون يستخدمونها لعكس الأشياء أو الأشخاص داخل غرفة أو صندوق مظلم ثم يقومون بنسخ انعكاس الصور على ورق. يُذكر أن اختراع أول كاميرا تعود لليونان القديمة، عندما اكتشف أرسطو كيف أن الضوء يمر خلال إحدى الفتحات في الحائط لغرفة مظلمة لتعكس الصورة في الخارج، فيما يعتقد مؤرخون أن فكرة الكاميرا تعود لأقدم من ذلك، أي للعصور الوسطى، وربما استخدمت في الرسوم الموجودة على جدران الكهوف. وفي القرن العاشر الميلادي استخدم الفيلسوف العربي الحسن بن الهيثم "الكاميرا المظلمة" ليوضح كيف أن الضوء يسافر في خطوط مستقيمة، ثم بدأ علماء الفلك في استخدام الكاميرا المظلمة لدراسة الشمس. إلا أنه ومع القرن السادس عشر لم يعد استخدام يقتصر على العلماء والباحثين بل أصبح الرسامون والفنانون أحد مستخدميها لنسخ صور دقيقة تعكس الأشياء بشكل متقن، ومن هنا اختُرعت الكاميرا المحمولة، وهكذا كانت بداية التصوير. أول صورة فوتوغرافية بالعالم.. كيف التقطت؟ ترجع أول صورة عُثر عليها لعام 1826 أو 1827 للعالم الفرنسي جوزيف نيسفور نيبس، وهي تعكس صورة الأشجار والمناظر الطبيعية من إحدى النوافذ، وفي الحقيقة إنها الصورة الوحيدة التي عُثر عليها من بين تلك الصور التي التقطها نيبس لتعد بذلك أقدم صورة فوتوغرافية. أول صورة فوتوغرافية وتعتمد عملية التصوير الشمسية أو الضوئية المستخدمة تلك بالأساس على النقش على لوح معدني مطلي بالفضة ثم تعريضه إلى بخار اليود ثم عرضه على الضوء، بعدها يُعرض اللوح المعدني على أدخنة الزئبق ما يساعد في تشكل الصورة. بعد ذلك يوضع اللوح في وعاء حمام ملح لتثبيت الصورة، إلا أن عملية التصوير تلك كانت تستغرق حوالي 8 ساعات، كما أن الصور كانت تبدأ في التلاشي تدريجياً بعد فترة من الوقت. التصوير في دقائق! ثم جاء لويس داجير الذي التقى بنيبس ليستمر في محاولاته لتطوير عملية والتقليل من عيوبها بعد وفاة نيبس، حتى تمكن عام 1837 من اختراع أول آلة تصوير فوتوغرافية محمولة نسبت لاسمه "الداجيروتايب" وهي تقوم بالتصوير في عدة دقائق فقط. وفي عام 1839 أعلن داجير عن اختراعه هذا، وقد اكتسب الاختراع الجديد شهرة عظيمة، حتى أنه في عام 1850 أصبح هناك أكثر من 70 أستوديو للتصوير في نيويورك وحدها، وبهذا أصبح بإمكان الجميع أن يلتقط صوره ويحتفظ بها بعد أن كان الرسم والتصوير حكراً على الأغنياء لتكلفته العالية. ظلت العملية الداجيرية هي الأساس التي قامت عليها آلات التصوير، حتى قام الإنكليزي وليم فوكس تالبوت في الأربعينات من القرن التاسع عشر بتطوير عملية التصوير وأُطلق عليها عملية الكالوتيب. وقامت تلك العملية بطلي طبقات رقيقة من الورق بمحلول ملح الفضة ثم عرضها على الضوء، وبهذا تخرج الصورة بالألوان السوداء والفضية، وقد قللت هذه العملية الوقت المستغرق في التصوير إلى دقائق معدودة تدريجيًا حتى أصبح التصوير يستغرق عدة ثوانٍ فقط. التصوير بالألوان بالتدريج أصبحت الصور تطبع بالألوان الطبيعية بعد أن كانت بالأبيض والأسود فقط، ورغم أن عملية التصوير تلك كانت أكثر تطورًا فإنها لم تشتهر في الولايات المتحدة، وظلت العملية الداجيرية الطريقة المستخدمة للتصوير هناك في الخمسينات من القرن التاسع عشر. لذا قام هاملتون سميث باختراع "عملية تين تايب" Tintypes عام 1856 في الولايات المتحدة لجعل الصورة أكثر نقاءً، وهي الطريقة التي اكتسبت شهرة كبيرة منذ ذلك الوقت أكثر حتى من التصوير بالألوان. صورة التقطت عام 1900 باستخدام عملية Tintypes التصوير الفوري في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، ومع اختراع لوحات الجلاتين الجافة، أصبحت عملية التصوير أكثر سرعة وسهولة، لدرجة أن التصوير أصبح فوريًا ولم يعد هناك حاجة لتحميض الصور حتى تصبح جاهزة. كان هذا الاختراع مرحلة فاصلة في تطور تكنولوجيا التصوير، حيث أصبحت الكاميرات أقل حجمًا، كما سهل الحصول على الصور الفوتوغرافية الفورية بجودة عالية، وأصبحت تلك الفترة بداية لما عرف بالسناب شوت أو اللقطات الفورية snapshot. اختراع الفيلم ومع تطور الكاميرا والتصوير الفوتوغرافي قام جورج ايستمان باختراع الفيلم الملفوف الذي كان الأساس لظهور الأفلام السينمائية عام 1888، فيما سُميت أول كاميرا فيلمية كوداك Kodak. تطورت فيما بعد لكاميرا كوداك براوني لتكون كاميرا لالتقاط الصور الفورية في بداية القرن العشرين. كاميرا لايكا وظلت كاميرات كوداك براوني مهيمنة على مجال التصوير حتى منتصف القرن العشرين، حتى ظهور كاميرا لايكا Leica التي كانت أول كاميرا صغيرة الحجم، حيث بلغ حجمها 35 ميلي. وذلك بعد قيام المهندس والمخترع الألماني أوسكار برانك باختراع كاميرا لايكا عام 1913 التي كانت طفرة في عالم الكاميرات، فيما لا تزال من أفضل أنواع الكاميرات في العالم من حيث الجودة. الكاميرا الديجيتال عام 1988، بدأت الكاميرات الديجتال في الظهور، وكانت الأولى هي كاميرا Fuji DS-1P، حيث كانت تلك الكاميرا تقوم بتحويل الضوء إلى كهرباء ومن ثم تسجيل الصور في الذاكرة الإلكترونية دون الحاجة لطبعها للنظر إليها. ومع ظهور الكاميرا الديجيتال، أخذت الكاميرات تتطور وتزداد دقة العدسات وسرعة التقاط الصور، كما أصبحت أنقى، وتعددت الألوان لدرجة فائقة، وتنافست العديد من الشركات على إنتاجها، كما زاد أعداد المالكين لتلك الكاميرات ولم يعد التصوير قاصرًا على المحترفين فحسب. كاميرا الموبايل لم تتوقف تكنولوجيا عند هذا الحد، بل أصبحت الكاميرات صغيرة جدًا لدرجة أنها أصبحت جزءاً من الهواتف المحمولة، وقد كان أول هاتف محمول يحمل كاميرا هو SCH-V200 الذي طُرح من قبل شركة سامسونغ عام 2000.