×
محافظة المنطقة الشرقية

موقع مصري يعترف: لولا السعودية لانهار اقتصادنا

صورة الخبر

قبل 11 سنة تقريباً وتحديداً في 2005، سجل بنك الكويت المركزي، بنك «إتش إس بي سي» في سجلاته كأول بنك أجنبي يفتتح فرعا له في السوق المحلي، في خطوة كان يعول عليها كثيراً في فتح المجال أمام الاقتصاد الكويتي والقطاع المصرفي الذي شهد تطورات عدة في الأعوام الأخيرة. وقتها تولد اعتقاد قوي بأن هذا الفرع سيغير في شكل المنافسة المصرفية بالكويت، باعتبار أنه سيكون لهذا الحضور الأجنبي انعكاساته في تحفيز المنافسة داخل القطاع، لما يترتب عليه من تقديم خدمات متنوعة ومتميزة وبتكلفة مناسبة، وهو ما سينعكس أيضاً في صالح قطاع الأعمال الكويتي، وعلى حصص البنوك المحلية السوقية. الآن، وبعد أن أصبح أعداد فروع البنوك الأجنبية في الكويت11 مقابل 11 محلية، مع الأخذ بالاعتبار أن البنك الصيني التجاري حصل على ترخيص لعمله في السوق المحلي ويحضر لبدء نشاطه، علاوة على طلب مقدم من بنك مصر لفتح فرع لم يبت فيه الناظم الرقابي حتى الآن، يتجدد السؤال، هل يصنف استمرار عمل هذه الفروع رغم ضعف حصتها من السوق المحلي من باب«الكشخة»أم المنافسة فعلاً؟ رقمياً، تظهر قراءة نتائج الفروع الأجنبية المالية في الكويت، أن عوائدها لا تشكل رقماً صعباً في ميزانيات بنوكها الرئيسية منذ انطلاق أعمالها في الكويت، لأسباب خارجة عن إرادتها، قللت من فرص مشاركتها في السوق المصرفي المحلي وفقاً للمخطط له، وأخرى تتعلق بخططها نفسها. وإذا كان لا أحد ينكر أن فكرة عمل الفروع الأجنبية في الكويت تأتي تنفيذا لإستراتيجيات البنوك الأم، سواء في ما يتعلق بالخدمات المصرفية الاستثمارية، وإدارة الأموال في الشرق الأوسط أو حتى لجهة الاتصال المباشر بالسوق الكويتي، وبالتالي إقامة علاقات جديدة مع كبريات المؤسسات في الكويت من خلال توفير مجموعة كبيرة من الخدمات المصرفية التجارية والاستثمارية المتميزة. إلا أن على أرض الواقع لم تستطع غالبية هذه الفروع إنجاز الهدف المطلوب منها أو حتى تقترب منه، ومن باب الموضوعية يمكن القول إن ذلك لم يكن بسبب تقصيرها في تنفيذ الأهداف المحددة لها، إذ لجأ بعضها إلى تغيير نمط الرواتب بدفع معدلات أعلى من المتداولة، بهدف استقطاب الخبرات، فيما خفضت أخرى رسومها وكلاهما أثر على ناتج أعمالها، إلا أن السبب الرئيسي في ضعف قدرتها على فرض التنافس معها، بروز العديد من المعوقات الخارجة عن إرادتها، علاوة على وجود أسباب أخرى من بينها تراجع القوة الدافعة من البنوك الرئيسية لفروعها الخارجية بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام 2008. مصرفياً، يمكن أن يفسر ضعف مساهمة الفروع الأجنبية في تنويع قاعدة الهيكل المصرفي المحلي، بأكثر من اعتبار لعل أبرزها، توقيت عملها، والذي جاء إما قبل أزمة 2008 بقليل وإما بعدها، وفي الحالتين لم يكن بإمكانها تقديم المجموعة الكبيرة من الخدمات المصرفية، التي كانت تنوي طرحها في السوق المحلي خصوصاً للشركات والخدمات المصرفية التجارية والاستثمارية، فشريحة واسعة من الشركات الاستثمارية المحلية المستهدفة تضررت من الأزمة، ولم تعد مغرية ائتمانياً للمنافسة عليها، بعد أن باتت منكشفة ائتمانياً، وبات التعامل معها يحمل معدلات مخاطر مرتفعة. كما أن الخدمات المصرفية الخاصة (الأوفشور) وخدمات إدارة الأموال فقدت وهجها لدى العائلات المحلية الغنية، فبعد أن كان هذا السوق رائجة، تأثرت كثيراً بفعل الأزمة، بحيث أصبح زبون هذه الصناديق أكثر تحفظاً على أمواله وفضل إعادة هيكلتها استثمارياً في نماذج عمل مختلفة بمخاطر أقل. علاوة على ذلك، تتباهى البنوك المحلية بأن لديها شبكة واسعة من الأفرع تخدم عملائها، مقابل فرع واحد لكل بنك أجنبي، فرغم التطور الكبير الحاصل في الخدمات المصرفية المقدمة«أونلاين»وتأثيره الإيجابي في تخفيف الحاجة لتعامل العميل مباشرة من الفرع، إلا أن اضطرار العميل للتعامل مع بنكه من خلال فرع واحد يفقد شهيته لتوسيع روابطه المالية مع هذه الفروع، خصوصاً وأنه ينبغي على عملائها أن يكونوا مستعدين لقبول بفكرة دفع رسوم أعلى من عملاء البنوك المحلية وتحديداً مع عمليات السحب النقدي من أجهزة السحب الآلي التابعة لبنوك أخرى. اعتبار آخر لا يقل أهمية عما سبق، فالسوق المصرفي الكويتي يتمتع بخصوصية كبيرة، لجهة توجهات عملائه، واختياراتهم للبنك الذين يفضلون التعامل معه، فبعيداً عن حسابات الخدمة والابتكار التي تستقطب العميل، لدى شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي، ارتباطات تاريخية وكذلك عائلية مع بعض المصارف المحلية سواء التي تعمل وفقا للشريحة الاسلامية أو التقليدية إذ يلعب بعض القياديين في البنوك المحلية ومعظم المواطنين دوراً تسويقياً كبيراً في«الدواوين»، ويكفيه في هذا الخصوص مجرد حرصه على الحضور في هذه الفعاليات بشكل دائم. وإذا كان هذا الارتباط تراجع في السنوات الأخيرة بحكم تأسيس بنوك جديدة، عملت على زيادة حصتها السوقية على حساب البنوك الكبرى بخدمات أفضل، إلا أن غالبية حالات انتقال العملاء جاءت في صالح بنوك محلية أخرى، ومن ثم لم تستفد الفروع الأجنبية كثيراً من حركة تغيير المراكز التي تمت في محافظ العملاء بالسنوات الأخيرة. ورغم سريان قرار ضمان الحكومة على ودائع الفروع الأجنبية، إلا أنها لم تستطع مسايرة البنوك الكويتية في استقطاب العملاء والذين يعتمدون في اتخاذ قراراتهم الادخارية على العلاقات الشخصية، ولذلك تتركز غالبية الودائع المحلية في المصارف الكويتية، إلى الحدود التي زادت معها مستويات السيولة النقدية لديها مقابل زيادة الطلب عليها من الأفرع الأجنبية، ما دفع بعضها إلى التحرك على مغازلة العملاء بزيادة نسبة عوائدهم. كما أن الخطط المطروحة عن تحول الكويت مركزاً للأعمال إقليمياً، كانت من ضمن عوامل التحفيز الرئيسية في تشجيع بعض البنوك الأجنبية في افتتاح وحدات لها بالسوق الكويتي، لكن وبعد كل هذه السنوات مازال الكلام عن تنفيذ المقومات الأساسية اللازمة لقيام المراكز المالية الإقليمية حتى الآن مجرد حديث يذكر من باب التندر. ويبدو أن المؤسسات الحكومية التي لديها فوائض مالية تودع فوائضها المقررة للسوق المحلي في البنوك الكويتية، بأسعار مميزة جداً لاعتبارات المصلحة الوطنية، كما أن التحركات الرسمية على طرح سندات محلية لتغطية عجز الموازنة العامة والتي تقارب نحو مليار دينار تمت تغطيتها من البنوك الكويتية. أما الصفقات التمويلية الكبرى فايضا تسيطر عليها البنوك المحلية، وآخرها صفقة الوقود البيئي التي تاجاوزت قيمتها 1.2 مليار دولار، وهذه التذكية أعطتها فرصة كبرى في توظيف الفوائض المالية الموجودة لديها بأسعار السوق وبمعدلات مخاطر معدومة تقريباً، بخلاف الفروع الأجنبية التي لا تملك تدفقات نقيدة واسعة تعزز من ميزانيتها، وتمكنها من السمساهمة بقوة في مثل هذه التمويلات النوعية مباشرة. وبالنسبة لدور هذه الفروع في خلق فرص التوظيف أمام العمالة الوطنية في مجالات العمل المصرفي والمالي، فهي لم تستطع تحقيق المستهدف منها، بسبب عملها من خلال فرع واحد، واعتمادها على موظفين كل منهم يقوم بأكثر من عمل تقليلا للنفقات، بخلاف الهيكل الوظيفي في البنوك المحلية الأكثر تنظيماً، والذي أكسبها شهرة أكثر في الضمان الوظيفي. ومن الواضح أن بعض هذه الفروع تحافظ فقط على مراكزها في السوق الكويتي، لأسباب إستراتجية تتعلق بتوجهات البنوك الرئيسية تتجاوز مفاهيم الربحية التقليدية، ومن باب تخفيف الأعباء هدأت من خططها التوسعية بالفترة الماضية، والشاهد أنها لم تستغل تخفيف القيود الرقابية على المصارف الأجنبية المرخص لها بالعمل في البلاد، وآخرها والتي اقرها البنك المركزي قبل عامين وتحديداً في 25 مارس 2014 بالسماح لها بافتتاح أكثر من فرع بدلاً من الاعتماد على فرع واحد، والموافقة على افتتاح مكاتب تمثيل للبنوك الأجنبية، فجميع هذه الأفرع«باستثناء واحد»؟ لم تتقدم بطلب فتح فرع إضافي لها حتى الآن.