×
محافظة المنطقة الشرقية

«فنون الدمام» تختتم ورشة «الحبر».. وتستعد لمسابقة الطفل المسرحي

صورة الخبر

في الوقت الذي تواجه فيه صناعة السيارات على الصعيد العالمي تحديات هائلة لم تعهدها من قبل، استطاعت 26 دولة في العالم منتجة للسيارات تحقيق أرباح من وراء هذه الصناعة قدرت بـ 430 مليار دولار سنويا. وتمثل تلك الصناعة واحدة من الصناعات الرائدة في تحديد معدلات النمو الاقتصاد العالمي، مثلها مثل صناعة الملابس والمنسوجات والحديد والصلب والإلكترونيات، حيث يقدر عدد العاملين فيها بشكل مباشر بنحو 9 ملايين عامل يمثلون 5 في المائة من قوة العمل الدولية، بينما يقدر عدد العاملين في صناعات ترتبط بصناعة السيارات بنحو 50 مليون عامل، ولا تتوقف أهمية الصناعة عند حدود التوظيف والعمالة، فهي تتطلب مراكز أبحاث وتطوير تقدر حجم الاستثمارات فيها بنحو 85 مليار دولار، بينما تحقق 26 دولة في العالم منتجة للسيارات مدخولات من هذه الصناعة تقدر بـ 430 مليار دولار سنويا. خلال العام الماضي دخلت الأسواق الدولية نحو 80 مليون سيارة جديدة للبيع، وكان الجزء الأكبر منها في بلدان القارة الآسيوية وأمريكا الجنوبية وإفريقيا. وإذا كان لمستويات المعيشة الآخذة في الارتفاع في تلك البلدان دورا رئيسيا في زيادة الطلب على السيارات بها، فإن الطلب الأوروبي والأمريكي يشهد على الجانب الآخر تراجعا جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها أوروبا، وعدم بلوغ معدلات النمو الأمريكية مستويات تسمح بزيادة الطلب على السيارات. لكن طبيعة التحديات لا تقف عند حدود تغيير المنظومة التقليدية للطلب العالمي، وتحوله من البلدان الرأسمالية عالية التطور إلى البلدان الرأسمالية الآخذة في النمو. فتغيير منظومة الطلب أحدث معه تغييرات هيكيلة تمس صميم مستقبل الصناعة ومراكزها الرئيسية في العالم. ويشرح ريمون فريمان المسؤول عن قسم المبيعات في شركة فيكسهول لصناعة السيارات في بريطانيا الوضع الراهن لـ الاقتصادية بالقول إن: صناعة السيارات تاريخيا صناعة غربية بامتياز، الولايات المتحدة وعدد محدود من البلدان الغربية في مقدمتها ألمانيا وإيطاليا، إضافة إلى اليابان كانت تتقاسم هذه الصناعة، والآن لم يعد الأمر كذلك، فالهيكل الأساسي لعملية الإنتاج ينتقل إلى الشرق وتحديدا الصين ونسبياً إلى الهند، وبغض النظر عما ينتج عن ذلك من تراجع في مستويات التشغيل في مصانع إنتاج السيارات في البلدان المتقدمة، فإن الأمر كان من الممكن قبوله إذا ظلت مراكز التكنولوجيا والتطوير حكرا على البلدان الغربية، ولكن ما يحدث الآن أن تلك المراكز التكنولوجية تواجه تحديات حقيقية من قبل نظيرتها في أمريكا اللاتينية كالبرازيل أو في آسيا مثل الصين، لكن هيبرت مولر رئيس قسم التطوير والتكنولوجيا في شركة رولز رويس لا يوافق كثيرا على وجهة النظر تلك، ويقول لـ الاقتصادية: إن التحديات التي تواجه صناعة السيارات تفوق تحول مراكز الإنتاج من البلدان الرأسمالية عالية التطور إلى البلدان الراسمالية النامية، وعلى الرغم من قناعته بأنه بحلول النصف الثاني من القرن الحالي فإن صناعة السيارات بمعنى إنتاجها على نطاق واسع سيتراجع، وقد يختفي تماما من البلدان الغربية باستثناء اليابان - على حد قوله - على أن يتركز أكثر في البلدان الآسيوية وأمريكا اللاتينية، فإنه يشير إلى أن مراكز التطوير والابتكار ستظل بالأساس في بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ويضيف أن: متوسط الاختبارات التي تجرى في الشركات الدولية الكبرى في صناعة السيارات مثل مرسيدس وبي إم دبليو تقدر بـ 120 ـ 125 اختبارا لضمان الجودة والسلامة، وهذا يرفع بلا شك من تكلفة الإنتاج، لكن الجودة النهائية للمنتج لا يمكننا التشكك فيها، أما الشركات الصينية فإنها تجري ما بين 20 ـ 25 اختبارا فقط. ويؤكد هيبرت مولر لـ الاقتصادية أن إنقاذ صناعة السيارات في الغرب يتطلب إحداث نقلة نوعية في مجال الأبحاث والتطوير للانتقال لإنتاج جيل جديد من السيارات، مشيراً إلى أن أحد أبرز التحديات التي نواجهها في الجيل المستقبلي من السيارات هي حل مشكلة الوقود من خلال الاعتماد المتزايد على الهيدروجين بدلا من الوقود الراهن، وعلى الرغم من أن شركة بي إم دبليو أنتجت ستة أجيال من السيارات بمحركات تعمل بالهيدروجين، فإن المستقبل يتطلب إنشاء وتطوير بنية أساسية تتلاءم مع هذه الاحتياجات. كما يجب التركيز على ضرورة الربط بين السائق والسيارة والبيئة حيث تسهم تكنولوجيا مثل الاتصال المباشر بين السيارات المختلفة، والاتصال بين السيارات والبنية الأساسية مثل محطات التزويد بالوقود خطوة أساسية في هذا المجال، كما يتطلب الأمر أيضا حل مشكلة الوزن الثقيل للسيارة، أضف لذلك أن عملية تصميم السيارات هي تقريبا احتكار للدول الكبرى التقليدية في مجال إنتاج السيارات. ويضيف أن الاستثمار في صناعة السيارات أمر مكلف للغاية فهي صناعة تطويرها يتطلب استثمارات بالمليارات لخلق أيدٍ عاملة ماهرة، إضافة لأساليب وأدوات إنتاج حديثة، والغرب لا يزال يتمتع بتفوق نسبي كبير للغاية في مجال الأبحاث وتطوير السيارات مقارنة بالبلدان النامية التي تقوم بتصنيع ما نصممه. ووفقا لبعض الدراسات الحديثة فإن صناعة السيارات يرجح أن تشهد نموا معتدلا هذا العام يقدر بـ 3 في المائة، لكن معدل نموها سيتحسن خلال الفترة من 2014 - 2018 ليصل إلى 4 في المائة، ويتوقع أن يصل الإنتاج العالمي من المركبات الخفيفية إلى لنحو 102 مليون سيارة عام 2018 مقارنة بـ 80 مليون العام الماضي، وستستهلك الصين بمفردها نحو 29 مليون سيارة من إجمالي المنتج المتوقع عام 2018، بينما ستكون مسؤولة عن نحو 50 في المائة من معدل النمو المتحقق عالميا في مجال صناعة السيارات، ويرجح أن تحتل الهند المرتبة الثانية بعد الصين في معدل الاستهلاك بحلول عام 2018 إذ يتوقع أن تستهلك 26 مليون سيارة. وكان إنتاج الصين من السيارت قد بلغ عام 2000 نحو 1.85 مليون سيارة، وسيقفز إلى 28.8 مليون بحلول عام 2018. وتتنافس الهند بقوة مع الصين في هذا المجال، إذ تحتل نيودلهي حاليا المرتبة السادسة على المستوى العالمي في إنتاج السيارات، لتصنع حاليا ما يقارب 3.7 مليون سيارة سنويا، كما يشهد سباق الإنتاج في عالم السيارات تقدم البرازيل التي ضاعفت إنتاجها من 1.6 مليون سيارة عام 2000 إلى 3.2 مليون سيارة هذا العام، لتحتل المرتبة السابعة على مستوى العالم والمرتبة الأولى في أمريكا الجنوبية. الدكتورة ربيكا جرانت أستاذة التصاميم الهندسية في جامعة بولميث البريطانية تربط مستقبل صناعة السيارات بمحورين أساسيين التكنولوجيا والشكل الخارجي، وتقول لـ الاقتصادية: في الدول المتقدمة تقدر عدد الساعات التي يقضيها المواطن خلف عجلة القيادة بنحو 100 ساعة سنويا في أقل تقدير، وهو ما يتطلب أن يكون خلال هذه الساعات على تواصل دائم مع العالم الخارجي، وكما أن الهواتف الذكية أصبحت وسيلة الإنسان المعاصر للارتباط بآخر التطورات وتلبية احتياجاته المعرفية يجب أن يكون الأمر كذلك في السيارة، شريطة ألا يكون ذلك على حساب الأمن والسلامة، وتضيف: إن إدراك كل من شركات صناعة السيارات وشركات التكنولوجيا لذلك جعلهما يتعاونان بشكل وثيق في هذا المجال، حيث تتعاون حالياً شركة انتيل للتكنولوجيا مع كل من تويوتا اليابانية وكيا من كوريا الجنوبية وبي ام دبليو الألمانية في هذا المجال، وتم تأسيس صندوق بقيمة 100 مليون دولار لربط سيارات المستقبل بالتطورات التكنولوجية، وتضيف: القيمة الإجمالية لهذا النوع من السيارات والتي يمكن أن نطلق عليها سيارات المستقبل بلغ العام الماضي 13 مليار جنيه استرليني، ويتوقع أن يقفز لـ 39 مليار استرليني بحلول عام 2018، ومؤكدا أن الشركات التي ستركز على هذا الاتجاه سيكون لها قصب السبق في المستقبل، أما الجانب الآخر فهو الشكل الخارجي للسيارة، حيث يسعى المنتجون لإضفاء اللمسة الشخصية للمستهلك على تصميم سيارته، لكن هذا المجال لا يزال في أوله وأمامه طريق طويل ليتحقق، لكن على أي حال الجيل المقبل من السيارات سيتبنى أشكالا أكثر حداثه في التصميم. وقد دفع إدراك الشركات الكبرى المنتجة للسيارات في البلدان الغربية حجم التحدي والمنافسة التي تواجهها من البلدان النامية في هذا المجال الذي تقدر أرباحة بالمليارات، دفعها لمزيد من التركيز على الجانب التكنولوجي، حتى وإن قادها لجوانب قد تبدو خيالية بالنسبة للبعض. ويتنافس عدد من شركات صناعة السيارات حاليا في مجال الأبحاث الخاصة بالسيارات التي تعمل دون سائق حيث يتم توجيهها أتوماتيكياً، وبالنسبة لعدد من المعنيين بصناعة السيارات فإن الأمر لم يعد يتعلق بمصاعب تكنولوجيا لإنتاج هذا النوع من السيارات بقدر عدم تقبل المستهلك بعد لهذا النوع من السيارات. ويعلق البروفيسور مارتن ليتش رئيس قسم الهندسة الإلكترونية في جامعة لندن وأحد المشاركين في أبحاث شركة فولكس فاجن الألمانية لتطوير سيارات بدون سائق لـ الاقتصادية على ذلك بالقول: لقد نجحنا في تطوير سيارات بدون سائق فلم يعد هناك تحديات تكنولوجية كبيرة تواجهنا، وأعتقد أنه في غضون السنوات العشر المقبلة ستشهد شوارع أوروبا وأمريكا نموا ملحوظا لهذا النوع من السيارات، وخلال 30 عاما ستكون هي السيارات السائدة، فقانونياً أصبح من الممكن استخدام هذا النوع من السيارات في ثلاث ولايات أمريكية بينها كاليفورنيا، وكذلك في بريطانيا ويضيف: لكن الرأي العام لا يزال متخوفا من هذا النوع من السيارات. وحول الآثار المستقبلية لذلك على اقتصاديات صناعة السيارات يوضح مارتن ليتش لـ الاقتصادية أن هذا النوع من السيارات في حالة انتشاره سيكون له آثار اقتصادية ضخمة على الصناعة، إذ سيؤدي لإحداث فصل تام بين عالمين، عالم تسيطر فيه الصين على إنتاج الأنواع التقليدية من السيارات وسيستخدم في بلدان العالم الثالث بالأساس، وأنماط أخرى من السيارات تنتج وتستهلك فقط في البلدان الرأسمالية المتقدمة، والسبب أن هذا النوع من السيارات يتطلب بنية أساسية من الطرق والكباري وربط للشبكة المرورية مع متابعة من قبل الأقمار الاصطناعية، وهو أمر لا يتوافر إلا في عدد محدود من دول العالم.