تحت عنوان "أنا وبي بي سي نبحث عن طرفي نقيض" كتبت بشرى أكن دينجر الصحفية التركية المقيمة في لندن مقالاً لوكالة الأنباء التركية "الأناضول" سردت فيه قصتها مع أحد منتجي البرامج في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" والذي ظل يلهث وراء العثور على أتراك ينتقدون حكومة بلادهم لكن على ما يبدو أنه فشل بحسب كاتبة المقال بعد يوم جمعة حافل وطويل تلقيت بريداً إلكترونيّاً من صحفي زميل يعمل في صحيفة مقرها لندن نقل إلي فيه رغبة أحد منتجي البرامج في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" العالمية في العثور على أتراك ينتقدون حكومة بلادهم. ويذكر المنتج في رسالته أنه "يبذل جهداً كبيراً للعثور على البعض ممن ينتقدون الحكومة (التركية)". عندما قرأت الرسالة لم أتمالك نفسي من الضحك لأني أعرف تماماً ما يعانيه؛ فنحن الاثنان كنا نبحث عن طرفي نقيض؛ "بي بي سي" تبحث عمن يهاجم الديمقراطية، أما أنا فكنت أبذل جهدي للعثور على بريطانيين يدافعون عن الديمقراطية. ويبدو أن لا أحد في الغرب يكترث لتلك اللحظات، التي أطلق فيها العسكر النار على المدنيين العزل، أو التي سحقت فيها الدبابات المتظاهرين السلميين، لا أحد يبالي بتضحية الناس بأنفسهم من أجل الديمقراطية، وبتصويب الأسلحة إلى الصحفيين من أجل إسكاتهم. جل ما كانوا يحتاجونه هو "العثور على من ينتقد إجراءات الحكومة التركية". كنت في إسطنبول عندما بدأت المحاولة الانقلابية من جانب مجموعة عسكريين في الجيش تبين أنها تنتمي لمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية، واضطررت للعودة إلى لندن بعد عدة أيام. بحثت عمّن يمكن أن يعطيني رأيه بخصوص المحاولة الانقلابية الدامية في تركيا. بعثت رسائل إلكترونية إلى الكثير من الجامعات المرموقة في البلاد من أجل الحصول على تعليق، لكن أياً منها لم يُجب. ولم يكن من الممكن الحصول على تعليق من مراكز ومعاهد البحوث، لأنهم كانوا مشغولين بانتقاد أردوغان، الرئيس المنتخب بأصوات 52% من الشعب، وبرسم صورة سوداوية عن تركيا، رغم فشل المحاولة الانقلابية. كنت أود لو كان باستطاعتي القول إن موقف الإعلام الغربي مختلف عما ذكرت، لكن موقف الإعلام هذا، الخاطئ وغير المحايد واللامسؤول، هو السبب في موقف الغرب المخيب للآمال إزاء المحاولة الانقلابية في تركيا. فـ "بي بي سي" وضعت كلمة "انقلاب" بين قوسين في أول خبر لها عن المحاولة. ثم بدأت تتساءل "من يمكن أن يكون وراء الانقلاب في تركيا؟". وبعد ذلك ألمحت إلى أن المحاولة "مسرحية"، واتهمت أردوغان بإعداد مسرحية انقلابية لكسب المزيد من القوة. وعوضاً عن التركيز على الملايين، الذين تدفقوا إلى الشارع لمقاومة الانقلاب ولو كان الثمن التضحية بأرواحهم، اختارت "بي بي سي" نشر فيديو يزعم أن هناك الملايين من أنصار منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية. كما أنها تواصل بث برامج تنتقد أردوغان في مسعى لتشويه صورته. وبينما يواصل الملايين اعتصاماتهم في الشوارع للدفاع عن الديمقراطية في تركيا، تنشر "بي بي سي" أخباراً تحت عناوين من قبيل "البلاد مقسمة"، و"الحشود تهاجم الجيش" و"رجب طيب أردوغان: الرئيس التركي الظالم". واليوم.. أريد إخبار منتج البرامج في "بي بي سي"، الساعي للعثور على تركي ينتقد حكومة بلاده، أن السبب في عدم عثوره على ضالته هو وجود جميع الأتراك، من كل الآراء والأديان والمذاهب والأعراق، في الشارع حتى اليوم. أقول له "اذهب إلى تركيا وحاول الحديث مع الناس المعتصمين في الشوارع طوال الليل. سترى أن الجميع يد واحدة في مواجهة الأخطار المحدقة ببلادهم".