تعتبر أرباح الشركات السعودية عالية مقارنة بالشركات العالمية. أثبتت ذلك ميزانيات الشركات التي نشرت خلال الفترة الماضية، و كتب عنها عدد من الاقتصاديين. هذا على الرغم من أن هناك شركات لا تقدم ميزانياتها بشكل شفاف يكشف كل الأرباح لأسباب ضريبية أو قانونية أو للتمويه على المساهمين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالبنود الخاصة بالمكافآت والمصاريف غير الرأسمالية والمشتريات. تحقق شركاتنا الأرباح العالية لأنها تخفض المصروفات المتعلقة بالموارد البشرية، من خلال استيراد العمالة رخيصة التكلفة، وخفض نسب السعودة في الوظائف التنفيذية والمتوسطة ومحاولة طرد صغار الموظفين بتكتيكات معروفة أهمها "السعودة الوهمية"، وهو تكتيك يتطلب أن تعدِّل وزارة العمل تطبيقات برنامج "نطاقات". تعمل الشركات على حرمان الموظفين من الشعور بفرحة مكافآت الأرباح العالية. فهي تطبق نظام عمل محرما دولياً إذ تدفع بالعاملين للعمل 50 ساعة وأكثر أسبوعياً. بل إنني قابلت من يعملون 12 ساعة متواصلة يوميا. ومع ذلك تدفع رواتب أقل بكثير من الشركات التي تعمل في ظروف اقتصادية مشابهة، ولا تطبق في الغالب أنظمة مشاركة في الأرباح. تربح الشركات بنسب لا تقارن بغيرها لأنها تضع الأسعار التي تناسبها، وتغير الأسعار دون سابق إنذار. بل تتضامن في تسعير المواد بما يحقق لها أكبر نسب الأرباح التي لا يحمي المواطن منها سوى وجود بدائل مستوردة تمثل الكابح لجنون الأسعار. لعل اتفاق شركات الألبان على التسعير دليل واضح على غياب الرقابة وبقاء المواطن تحت رحمة "تسعيرة الشركات". تزيد نسب الربح بسبب الدعم المستمر من الدولة. القروض الحكومية تمنح دون فوائد. تحصل شركات على استثناءات جمركية، وأخرى على دعم لمجرد وجودها بغض النظر عن كفاءتها أو جودة مخرجاتها. ما دام الأمر كذلك فلماذا قرر رئيس غرفة تجارة الرياض أن "يأخذ الناس بالصوت" ويهدد بحتمية ارتفاع الأسعار عندما يطبق نظام 40 ساعة عمل في الأسبوع؟ ليس من سبب سوى أن القطاع الخاص يحاول إجهاض الفكرة، أو أن عملية رفع الأسعار المخطط لها ستكون بحجم كبير ومؤذ للمواطن البسيط. هنا لابد من وقفة من الجهات المسؤولة عن مراقبة الأسعار ومن المواطنين لمقاطعة كل من يضع مصلحته الذاتية فوق مصلحة موظفيه ومستثمريه واقتصاد الوطن بكليته.