خلص التقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار، والخاص بدراسة حالة النفط الصخري الأميركي الحالي مع الارتفاع الطفيف الذي شهدته أسعار النفط الخام مؤخراً، إلى أن تراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي خلال العام الجاري 2016 سيساعد على توازن أسواق النفط العالمية، كما أنه لن يؤدي لانهيار في إنتاج النفط الصخري، خاصة وأن تلك الصناعة أظهرت تكيفاً كبيراً مع الظروف من خلال خفض التكاليف الكلية. حيث بين التقرير أن الارتفاع الطفيف في أسعار النفط مؤخراً شكل طوق النجاة لشركات النفط الصخري، كما أن هذا الارتفاع قد يؤدي إلى ارتفاع حالات التحوط، وزيادة رغبة المستثمرين في قطاع النفط الصخري. فبالرغم من تمكن قطاع النفط الصخري من التكيّف مع انخفاض أسعار النفط عبر اتخاذ تدابير خفض كبيرة في التكلفة ومن خلال استغلال التطور التقني وعمليات التحوط، مما سمح لإنتاج النفط الخام الأميركي أن يبقى إيجابياً عام 2015، إلا أنه من الصعب تكرار ذلك في عام 2016. حيث شهد الربع الأول من العام أول تراجعا سنويا لإنتاج النفط الأميركي في ثماني سنوات. فقد ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في أحدث تقرير شهري لها أن إجمالي النفط الأميركي انخفض للشهر السابع على التوالي إلى 8,98 ملايين برميل في اليوم في أبريل2016، متراجعاً بنسبة 7,4 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. عملياً، لفت تقرير جدوى للاستثمار إلى أنّ تراجع أسعار النفط أدى إلى انخفاض كبير في عدد الحفارات في الولايات المتحدة. لكن شركات النفط الصخري تمكنت من زيادة كفاءة إنتاجية البئر عبر اتخاذ تدابير كثيرة لخفض التكلفة (كاستخدام نظام الحفر من منصة واحدة ونظام التكسير المزدوج)، وتمكنت بالتالي من تفادي حدوث هبوط حاد في إنتاج النفط، إلا أن أحدث البيانات تشير إلى أن الإنتاج في جميع حقول النفط الصخري الرئيسية الثلاثة (باكين وإيجل فورد وبيرميان) بلغ ذروته، مما قد يؤدي لحدوث تراجعات أكثر حدة في المستقبل. ويمكن ربط الأسباب الرئيسية وراء التراجع الملحوظ في إنتاج النفط غير التقليدي (الصخري) مؤخراً بصعوبة ظروف التمويل التي تواجهها شركات تنقيب وإنتاج النفط الصخري. فقد أحدث انخفاض أسعار النفط خسائر كبيرة في التدفقات النقدية لتلك الشركات، حيث تشير البيانات التابعة لـ 20 شركة للتنقيب والإنتاج إلى أن التدفقات النقدية من العمليات التشغيلية هبطت بنسبة 21 بالمئة، على أساس سنوي، في عام 2015. مما أدى بالتالي لتراجع قيمة احتياطات النفط ومن ثم إلى هبوط كبير في قيمة أصول شركات التنقيب والإنتاج. من ناحية أخرى أدى الانقطاع الموقت لإمدادات الخام من كندا ونيجيريا إلى زيادة المكاسب في القطاع النفطي، خاصة وأن أسعار النفط كانت قد شهدت انتعاشاً طفيفاً خلال الفترة السابقة، كما أن أحد أسباب زيادة الأسعار يعود لتراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي. ومن المفارقة أن هذا الانتعاش النسبي للأسعار يشكل فرص بقاء لشركات النفط الصخري الأميركي تلك. وبشكل عام، فإن تجديد برامج التحوط وإعادة هيكلة الديون وتشغيل الآبار المحفورة لكنها غير مكتملة، قد يؤدي إلى انتعاش إنتاج النفط من المصادر غير التقليدية في المدى القصير. وبشكل خاص، فإن ازدياد عدد شركات النفط الصخري التي أجرت إعادة هيكلة لديونها بموجب الفصل 11 من قانون الإفلاس الأميركي سيؤدي إلى إطالة أمد إنتاج النفط، كما لوحظ تزايد في عدد الآبار المحفورة غير المكتملة التي يمكن إدخالها مرحلة الإنتاج. وينتهي التقرير إلى أنه في ظل جميع تلك التطورات، فإنه على الرغم من أن المؤشرات النفطية والمالية الحالية تشير إلى تراجع الإنتاج خلال العامين القادمين، لكن ليس من المستبعد تماماً أن يرتفع الإنتاج الفعلي ويأتي مستواه أفضل مما هو متوقع خلال السنوات القليلة القادمة.