×
محافظة المنطقة الشرقية

صحافي مقرب من «سنودن» ينفي تعاونه مع الروس

صورة الخبر

هناك أيام وليال.. أحداث وموقف.. مرت على كل منا لم ولن يستطيع “هو أو هي” أن ينساها أو تنمحي من ذاكرته رغم توالي السنين ومضي الأعمار، يذكرها أحياناً ويستشهد بها سواء في مقام الشكر لله عز وجل أن منحنه فرصة الحياة من جديد، أو من أجل أخذ العبرة والعظة منها لمن هم ما زالوا في طور البناء والتربية والتكوين، ومن هذه الحكايات والليالي التي علُقت في الذهن ما قصه لنا الزميل العزيز والأخ الكريم والخل الوفي ولأكاديمي والإداري المبرز والمعروف الدكتور محمد بن عبد العزيز النافع، يقول “أبو عبد العزيز”: (ركبنا نحن خمسة من أساتذة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن البحر في رحلة صيد وترفيه، وما أن بعدنا عن الشاطئ بمسافة ليست بالقريبة -تقارب الثلاثة كيلو أو أنها تقل قليلاً- حتى تعطل المحرك الرئيس للقارب، واستعنا بعد الله بالاحتياطي الذي يشغل يدوياً، وأثناء الاصطياد تم إطفاء الماطور الاحتياطي كما هو معتاد في مثل هذه الرحلات البحرية وحتى نحافظ على المتبقي من الوقود المحدود.. دخل علينا الليل وعلانا الموج وهبت علينا الريح بشكل شديد، فكرنا جدياً بالعودة سريعاً، حاولنا تشغيل المحرك مرة تلو الأخرى ولكن دون جدوى.. تغيرت حركة الريح وازداد ارتفاع الموج وأظلمت السماء بشكل مخيف، والهدوء والسكون الموجع يلف المكان، والظلام الدامس يسربل كل ما حولنا، وما هي إلا دقائق حتى انقلب عالي القارب سافله، وصرنا الخمسة تحت الماء.. لحظات عصيبة مرت بنا ونحن نحاول أن نلتقط أنفاسنا ونبقي على توازننا ونرتفع بأجسادنا حتى لا نغرق، خاصة أننا غالبيتنا لا يجيدون السباحة ولا يعرفون الغوص وليس علينا ستر نجاة.. خرج منا ثلاثة ولا نعلم عن الزميلين الآخرين شيئا.. أمسكنا صندوق الثلج الذي كان معنا، وبدأت معركة الصراع النفسي والجسدي من أجل البقاء، ولما اشتد الوضع وتجمدت الأطراف وصارت الهلكة لا محالة.. حين أيقن الجميع بأن الموت أضحى قاب قوسين أو أدنى أوصى كل منا زميليه بما له أو عليه في الدنيا، وقلت لهما وأنا أستحضر حال أصحاب الصخرة “كل منكم يدعو الله عز وجل بصالح عمله”، لعل الله ينظر لحالنا نظرة عطف ورحمة ويفرج عنا ما نحن فيه، وبالفعل كان ذلك منا جميعاً في لحظة خوف ورجاء، وإن كان الخوف شديداً وبصيص الأمل لا مكان له إلا بفرج من الله أشبه ما يكون بالمعجزة أو الكرامة التي يرسلها الرب ويمنحها من شاء من عباده. لقد حججت لوجه الله عز وجل عن رجل لا تربطني به صلة قرابة لا من جهة الأم ولا الأب ولا حتى المصاهرة، فقلت “اللهم يا رب إن كنت فعلت ذلك ابتغاء ما عندك فافرج عنا ما نحن فيه”.. وما هي إلا لحظات حتى شاهدنا قارب خفر السواحل يقترب منا، ولكنه سرعان ما يعود ويبتعد عن محيطنا الذي لم نستطع أن نبرحه، فنحبس أنفاسنا من جديد، ويتلاعب بنا الموج كما كان من قبل.. مرة توال أخرى يقترب ثم يبتعد ولم يستطع أن يرانا أحد من طاقم القارب رغم كل المحاولات التي بذلناها ليصل صوتنا لهم.. وفي المرة الخامسة أو السادسة تمكن أفراده من رؤيتنا وكتب الله لنا النجاة بأعجوبة فتنفسنا الصعداء وتذوقنا طمع الحياة من جديد، ولكننا بقينا سنوات وتلك الليلة وذلك الحادث يتراقص أمام أنظارنا. قد يمر بك أخي القارئ الكريم موقف أو أكثر، مثل هذا أو أشد فبماذا ستدعو الرب، وما هو أصلح أعمالك الذي ستتقرب به كما فعل أصحاب الصخرة واستن بصنيعهم واقتفى أثرهم ركاب القارب؟. إن هذه الحادثة التي سقتها مختصرة بلا تفاصيل ودون مقدمات تعطي دلالة قوية على أن الأمر كله بيد الله فقد يحيا من كل إلى الموت أقرب، وقد يموت من هو متيقن البقاء، كما أن فيها دلالة واضحة على أهمية وجود عمل خاص بينك وبين الله تفعله خالصاً صوابا رغبة وطمعا بما عند الله عز وجل، يخرج هذا العمل -محل الحديث- عن دائرة الأعمال المعروفة التي يتعبد بها الكل دون تميز وانفراد، تحتفظ بهذا العمل لنفسك وتتكتم عليه بسرية تامة ولا تعلنه لأحد حتى لا يكون مظنة الرياء والسمعة لا سمح الله. بقي شيء.. ترى: - ما هو مصير الاثنين من الخمسة؟ - وكيف علم خفر السواحل بحال الثلاثة؟ - وما هي علاقة أبو عبد العزيز بالبحر منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم - وبماذا دعا الآخرون؟ - وما هي وصية كل منهم حين أيقن بالموت؟ - وما هي قصة أخذ شنطة الثلج؟ تفاصيل كثيرة أعرضت عنها وصولاً للشاهد في الحادثة ووجه الاستشهاد، وللقارئ الكريم أن يُعمل ذهنه محاولاً الإجابة عن الأسئلة الواردة أعلاه، مع العلم أن الخمسة جميعاً أحياء يرزقون.. أسأل الله لنا ولهم ولكم السلامة والعافية وطول العمر على عمل صالح.. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.