×
محافظة المنطقة الشرقية

الآسيوي يحدد مقاعد الأندية السعودية في دوري الأبطال

صورة الخبر

يُعد العمل التطوعي سمةً بارزة في حياة الأفراد الفاعلين والمجتمعات المتقدمة، ويمكن تعريفه بأنه جهدٌ اختياري يقوم به الفرد لصالح المجتمع دون مقابل مادي، ويشمل التطوع مجالات مختلفة، فيما عرف التطوع الثقافي بأنّه: كل الجهود التطوعية المبذولة لتطوير وتنمية الجانب العقلي والمعرفي في المجتمع. وفي محاولةٍ للحصول على نماذج تاريخية للتطوع الثقافي، وبعد تجاوز الصور التاريخية التقليدية التي كانت ولا تزال تشكل النسبة الغالبة من التطوع الثقافي، وهي المتمثلة في التطوع بتقديم التعليم الأساسي والدرس الديني، يمكننا البدء من الولايات المتحدة في مطلع القرن الماضي، حيث انهمك ويل ديوانت -الصحفي ثم المؤرخ- في تقديم خدمة ثقافية غير عادية إلى فئةٍ غير مستهدفة غالباً حين يخطر التطوع الثقافي، وهي فئة العمال؛ فقد أخذ على عاتقه تقديم تاريخ الفلسفة إلى عمّال نيويورك بطريقة مبسطة تمكن بها من توصيل المفاهيم الفلسفية الكبرى إلى الطبقة الكادحة من العمال البسطاء، الذين واظبوا على حضور دروسه، وكانت مادة تلك المحاضرات نواة كتابه الشهير قصة الفلسفة. جانب آخر من مبادرات العمل التطوعي تكشفه لنا المبادرات التي يقدمها بعض طلاب وخريجي القانون في المملكة، والمتمثلة في تقديم التوعية والاستشارات القانونية لطالبها دون مقابل مادي، وفي إحدى ورش تأهيل سفراء التطوع تقدم فريق من طلاب الحقوق بجامعة الملك فيصل في محافظة الأحساء بفكرة مشروع تطوعي يعتمد على استثمار الثقافة القانونية لطلاب كلية الحقوق في تقديم الخدمة القانونية للمستفيدين بشكل تطوعي. في نطاق مختلف، قدم طلاب من ثانوية المعتمد بن عباد في الرياض مشروعاً تطوعياً ثقافياً استهدفوا به تحبيب الكتاب إلى شريحة الأطفال، وذلك من خلال تقديم برنامج منوع للأطفال، قدموا فيه عدة فعاليات، منها القراءة على الأطفال من قصص مشوقة كتبت لتناسب مستواهم العمري، كما نفذ طلاب من ثانوية الشيخ محمد بن إبراهيم بمدينة الرياض مبادرة لننهل التي تهدف إلى تحبيب القراءة لطلاب المرحلة الثانوية. التطوع الثقافي والإعلام الجديد أتاحت التقنية الحديثة وفضاء الإعلام الجديد مساحات شاسعة للتطوع الثقافي، كأندية القراءة، ومجالس القراءة الافتراضية المتعددة، مثل مجلس نهم على موقع إنستاغرام، والذي يقوم عليه مجموعة من الأكاديميين السعوديين الشباب، يطرحون بشكل منتظم كتاباً للقراءة، ويتفاعل الجمهور بالقراءة ثم التفاعل من خلال التعليقات على الصورة المخصصة للكتاب المحدد.. من جهة يعدّ د.أبو بكر إدريس أنموذجاً حياً للتطوع الثقافي، حيث اختص بتقديم معلوماتٍ مركزة ومتخصصة في المجال التعليمي دون مقابل، وصار مرجعاً للشباب العربي الباحث عبر موقع يوتيوب عن معلومات ذات صلة بالتعليم الجامعي في دول العالم المختلفة، والمنح الدراسية التي تقدمها الحكومات والجامعات، إضافة إلى عقد المقارنات بين الدول المتشابهة التي يقصدها الطلاب للدراسة، كما تبنى فكرة تطوعية مختلفة، أتاح فيها للطلاب الذين يدرسون في دول العالم أن يتحدثوا عن تجاربهم الخاصة في الدراسة، بدءاً من اختيار الدولة التي يدرس بها راوي التجربة، مروراً بإجراءات القبول وتكاليف الدراسة ونفقة المعيشة، والجو الجامعي. كما يعمل د.خالد النمر في مجال مختلف، هو التوعية الصحية، حيث يقدم مع فريق متفرغ من الأطباء خدمة تطوعية مجانية من خلال التثقيف الصحي في مواقع التواصل الاجتماعي، والإجابة عن الأسئلة والاستشارات الواردة من الجمهور بكل خصوصية عبر البريد الإلكتروني. تحديات التطوع لا يزال مجال التطوع الثقافي رحباً، ورغم بروز عدد لا بأس به من المبادرات، فإنّ هناك تحديات حقيقية تواجه هذا اللون من التطوع، لعل أبرزها وأهمها: غياب المظلات الداعمة والمساندة، وقلة التنسيق بين المتطوعين أو انعدامه، نتيجة للتباعد المكاني وغياب الجهات الراعية، كما تواجه بعض مشاريع التطوع الثقافي تحدياً بالغ الأهمية يتعلق بمدى الاستمرارية والاستدامة، بحكم غياب الدعم أو عدم التفرغ، أو الانطلاق الفردي في المشروع والذي يجعل المشروع في مهب الريح عند أدنى طارئ يطرأ للقائم عليه. حلول وآمال مع بروز التطوع كواحد من مكونات رؤية المملكة ٢٠٣٠ يبرز دور المؤسسات الحكومية والخاصة والوسيطة ذات العلاقة بالثقافة والعمل الاجتماعي، كمظلات وقواعد تحتضن المتطوعين في المجال الثقافي، ويمكن تشجيع المتطوعين في الشأن الثقافي على تفعيل المكتبات العامة، ونفض الغبار عن الأندية الأدبية، واستثمار طاقات طلاب المرحلة الثانوية في تفعيل المكتبات المدرسية وتأسيس أندية للقراءة في مراكز الأحياء ولجان التنمية الاجتماعية في مختلف مدن ومحافظات المملكة.