على جدار إحدى الضواحي الشمالية للعاصمة التايلاندية بانكوك، يضع أسين أسيد اللمسات النهائية على لوحة رسمت بالرش (سبراي) لدجاجة ملونة عملاقة تمسك بمذياع مكسور. يقول أسين الذي يستخدم اسماً مستعاراً في رسوم فن الغرافيتي لحماية هويته: «المذياع يشير إلى وسائل الإعلام التي تحاول أن تقول شيئاً قبل مقاطعتها». وصرح بأن ملهمه هو «رسام غرافيتي برازيلي يدعى كرانيو، وألوان قوس قزح ترمز إلى الحرية». واستولى الجيش التايلاندي على السلطة قبل نحو سنتين تقريباً وفرض رقابة على وسائل الإعلام وأخضع مئات من منتقديه لجلسات «توجيه» وأخمد الاحتجاجات. وهدد رئيس المجلس العسكري برايوت تشان أوتشا بغلق وسائل الإعلام التي تنتقد حكومته، واعتاد توبيخ الصحافيين الذين يعتبرهم خارجين عن الخط الرسمي. ويقول فنانون وعشاق للفن إن قمع الدولة دفع كثيرين إلى التعبير عبر الفن فازدهر المشهد الفني في العاصمة رداً على الحياة تحت الحكم العسكري. وتوضح جيلي باك، وهي مالكة مقهى وصالة عرض في إشارة إلى فناني بانكوك: «لأنهم لا يستطيعون التحدث فهم يبدعون... سترى المزيد والمزيد من رسوم الغرافيتي وفن الشارع حيث يقول الناس كلمتهم على الجدران». كانت الأنظار مُنصرفة عن ساحة الفنون في بانكوك لمصلحة أماكن أخرى كهونغ كونغ، لكن في السنوات الأخيرة استقبلت الساحة عدداً كبيراً من الفنانين التايلانديين والمغتربين الذين حولوا المتاجر والمساحات غير المستغلة إلى صالات لعرض الفنون. وفي أمسية قريبة تجمّع حشد من الزوار في مقهى «دبليو.تي.إف» لمشاهدة معرض أقيم تحت عنوان «هذا ليس عملاً سياسياً» للفنان جيراووت أويسونجكومسات الذي خُصص لحالات الاختفاء القسري التي وقعت على مدار حكومات متعاقبة. وفي القاعة المظلمة تماماً، أضاء الزوار كشافات على صور رُسمت بالأبيض والأسود من ضمنها صور لناشطين حقوقيين بارزين اختفت آثارهم.