مهام سفارات المملكة في العالم معروفة في خطوطها العريضة، وأذكر أن الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين في لندن، قال عند مناقشتنا لمسألة ضم السعوديين ممن يدرسون على حسابهم الخاص ولا تنطبق عليهم شروط البعثة، في مقابلة حضرتها ومجموعة من الزملاء في نادي الإعلاميين السعوديين في بريطانيا سنة 2010م، إن هذا يدخل في اختصاص وزارة التعليم العالي ومخاطبتهم تكون عن طريق وزارة الخارجية وليس السفارة، وتعهد الأمير محمد بن نواف بإيصال المطالب لهم، والسفارة، لمن لا يعرف، تشرف على عمل الملحقيات مع ارتباط كل ملحقية بمرجعها الإداري في تعييناتها وإجراءاتها، والمعنى أن الملحقية العسكرية تتبع وزارة الدفاع، والملحقية الثقافية ترتبط بوزارة التعليم العالي، والملحقية الصحية بوزارة الصحة وهكذا. التفاصيل السابقة ضرورية، فقد نشرت صحيفة «الشرق» السعودية خبرا حصريا على دفعتين وفي الصفحة الورقية الأولى لمرتين، يومي الاثنين 22 يوليو والأربعاء 24 يوليو، جاء الأول باسم فوزية الشهري مراسلة الصحيفة في جدة، والثاني من مقر «الشرق» الرئيسي في الدمام، وأعتقد أنه رد رسمي من الجهة القانونية في السفارة، وربما أعيدت صياغته بمعرفة المحرر المختص، والخبران يتناولان قضية منظورة حاليا في هيئة الرقابة والتحقيق السعودية، طرفاها مبتعثة سعودية سابقة اتهمت بتزوير وثاثق رسمية ممهورة بختم السفارة، وذلك لرهن منزل أقامت فيه فترة دراستها مقابل الحصول على قرض من بنك بريطاني، وموظفان يعملان في سفارة لندن ساعداها وبصورة غير نظامية في تأمين الوثائق المذكورة، وبدون حضور صاحب العقار أو موافقته. المبتعثة أو المتهمة قالت بأنها أقامت في العقار أثناء الدراسة في لندن ما بين عامي 2000 و2007، ولديها وكالة من صاحبه، والقرض تم بمباركة من الملاك، وهم أقرباء لها، والغرض من وثائق السفارة تجاوز وضعها كطالبة، وإصلاح تلفيات تسبب فيها مقاول استلم المنزل ومبلغ 20 ألف جنيه إسترليني واحتال عليها، ولديها ما يثبت صحة كلامها بحسب المنشور، والموظفان في السفارة قالا بأنها طلبت فعلا وثيقة تفويض لصيانة البيت لا حيازته أو التصرف فيه، وإن التعريف الذي تم التوقيع عليه كان لهذه الغاية، والجهات البريطانية تطلبه دائما من الأجانب، وقدما مذكرتين لتبرير ما قاما به من تصرفات، وأجلت المحكمة المعنية نظر الدعوى إلى يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2013 بناء على طلب ممثل الادعاء. ما ذكرت ورد في خبر الاثنين وليس الأربعاء، والثاني كان خاصا بالسفارة وحدها، وفيه نفي لعلاقتها بعملية التزوير، وأشارت إلى تحقيق التفتيش الإداري في وزارة الخارجية، وقبل أكثر من ثلاث سنوات في القضية، وتطبيقه لعقوبات بحق موظفين في السفارة، تورطا في تنفيذ إجراءات لا تدخل في صلاحياتهما، وقالت بأن القضية عائلية والسفارة ليست طرفا فيها، وأقرت بأن المتهمة طلبت قرضا بضمان البيت، وترتب على تصرفها خلاف عائلي، لتعلن صحيفة «الشرق» السعودية وبمنتهى البساطة أن الملف قد أغلق. الملف في الحقيقة لم يغلق وطرح علامات استفهام لا يمكن إهمالها، والسفارة برأت ساحتها وأخذت الحق العام لوزارة الخارجية من المتجاوزين، طبقا لتصريح إدارتها القانونية، ويبقى حق المتضررين من التجاوز، والمشكلة في استلام هيئة الرقابة والتحقيق للموضوع، وما ينطوي عليه من تلميحات مزعجة، من بينها على سبيل المثال، أن الموظفين لا زالا على رأس العمل، وقد لا يكونا في سفارة لندن، وأن جزءا من الحق العام لم يؤخذ، ولا بد، لإزالة اللبس، من إحالة القضية لجهة مناسبة لا تهتم بالرقابة على عمل مؤسسات الدولة والموظفين الحكوميين، أو تقديم توضيحات كافية لأسباب إقحام هيئة الرقابة والتحقيق، والتوضيح أو التصحيح لا يطلب من مقام السفارة لأنها بطبيعة الحال ليست مرجعا إداريا للهيئة.