جدد المغرب على لسان وزير خارجيته، صلاح الدين مزوار، التضامن الكامل والمطلق مع المملكة العربية السعودية في سعيها لصد أي تدخل في شؤونها الداخلية، ولدرء أي سوء قد يطال أرضها أو يمس، من قريب أو بعيد، الحرمين الشريفين، أو يهدد السلم والأمن في المملكة العربية السعودية وفي منطقة الخليج. وجاء الموقف المغربي أمس خلال مؤتمر صحافي مشترك، عقد عقب مباحثات سياسية شاملة ومعمقة، أجراها مزوار مع نظيره السعودي عادل الجبير، الذي حل أمس بالرباط في زيارة رسمية، تعد الأولى من نوعها له للمغرب منذ تعيينه الصيف الماضي وزيرا للخارجية، خلفا للأمير الراحل سعود الفيصل. وأشار مزوار إلى أنه جدد مع الوزير الجبير «رفض بلدينا التام والقاطع لاستعمال المغرب للدفاع عن مذهب أو طائفة معينة لادعاء تمثيل مواطني البلدان الأخرى، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول». في سياق ذلك، ذكر مزوار أنه والجبير جددا رفض بلديهما «للتطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله، أيا كانت مبرراته ودوافعه ووسائله»، مشيرا إلى أنهما وقفا على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذه الآفة الهدامة، واجتثاثها والقضاء على مسبباتها، وفق مقاربة شمولية ومندمجة، في بعدها الأمني والفكري والتنموي، كما أدانا كل الأفعال والأنشطة التي تسيء إلى الإسلام، دين التسامح والوسطية والاعتدال، ورموزه وشرائعه، وإلى كل الإساءات التي تطال الديانات السماوية. من جهته، جدد الجبير التأكيد على أن السعودية «مستعدة في حال قيام تحالف دولي إلى إرسال قوات برية لسوريا»، وقال بهذا الخصوص: «سنبحث تفاصيل المشاركة بقوات برية في سوريا مع الدول المختصة»، مشيرا إلى أن بلاده حريصة «على المحافظة على المؤسسات في سوريا ووقف القتل»، وقال في هذا الشأن: «نحن ملتزمون بتقديم كل ما يمكننا لتلبية مطالب الشعب السوري». وعزا الجبير فشل مباحثات جنيف إلى «تعنت وفد النظام وروسيا»، وشدد على القول إنه «لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا وهذا أمر محسوم». وردا على سؤال حول ما إذا كان قد أثار مع نظيره المغربي احتمال مشاركة الرباط في القوات البرية في سوريا، أعطى الجبير الكلمة للوزير مزوار الذي قال بهذا الخصوص: «لم يكن هذا الموضوع ضمن جدول أعمال مباحثاتنا»، بيد أنه قال ضاحكا: «ربما نتناوله بالحديث خلال الغداء». وفي الشأن العراقي، أكد الجبير حرص بلاده على أمن واستقرار العراق، بقوله: «نحن حريصون على ألا تكون هناك هيمنة على العراق، خاصة من إيران». وقال مزوار إن المباحثات المغربية - السعودية مرت في جو من التفاهم والتضامن المتبادل، وجرى خلالها استحضار توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والعاهل المغربي الملك محمد السادس، الرامية إلى توثيق علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين البلدين، وتكريس طابعها النموذجي المتميز وبعدها الاستراتيجي. وأعلن مزوار أنه جرى الاتفاق مع نظيره السعودي على جعل الدورة الـ13 للجنة المشتركة المغربية - السعودية، في شهر مايو (أيار) المقبل في المغرب، وقال إنها ستكون فرصة لإعطاء ديناميكية متجددة للعلاقات المغربية - السعودية، وذلك من خلال تحديد القطاعات التي أضحت، تبعا لتطور الاحتياجات، تكتسي أولوية بالنسبة للبلدين، وقادرة على جلب منافع متبادلة، بما في ذلك إحداث شراكات اقتصادية وتجارية جديدة، ومواكبة المشاريع التنموية الكبرى على الصعيد الوطني والمحلي، خصوصا دعم النموذج التنموي في الأقاليم الصحراوية المغربية، إضافة إلى تشجيع دور ومساهمة الفاعلين الاقتصاديين في هذه الشراكات. وتأتي زيارة وزير الخارجية السعودي للرباط بعد يومين من زيارة قام بها للرياض وزيرا الداخلية والمالية المغربيان محمد حصاد ومحمد بوسعيد، حيث استقبلا من طرف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ولم يتسرب أي شيء عن فحوى لقاء الوزيرين المغربيين مع العاهل السعودي. وأعلن وزير خارجية المغرب أيضا أنه جرى الاتفاق على وضع ترتيبات لتعزيز التشاور والتنسيق بين وزارتي خارجية البلدين، سواء على المستوى المركزي، أو على مستوى البعثات الدبلوماسية في الخارج، خدمة للقضايا ذات الاهتمام المشترك. كما أشار مزوار إلى أنه تطرق مع الجبير للكثير من القضايا العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وذكر أنهما جددا إدانتهما لأعمال العنف ضد الفلسطينيين العزل، والانتهاكات المتكررة لحرمة المسجد الأقصى، ووضعية القدس الشريف، وسياسة الاستيطان التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنهما اتفقا على التحرك في إطار جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لوقف هذه الممارسات، والعودة إلى المفاوضات في إطار معقول، يكون الهدف منها إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. وبالنسبة لليمن، قال مزوار: «لقد أكدنا أن عاصفة الحزم أتت دفاعا عن الشرعية في هذا البلد العربي العريق، ولإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعه، والدفاع عن أمن وسلامة دول المنطقة»، وتابع مزوار قائلا: «شددنا على أهمية الحل السياسي وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216». وبشأن تطورات الأزمة في سوريا، قال مزوار: «أكدنا أن الحل يبقى رهينا بتمكين الشعب السوري من قيادة مرحلة الانتقال السياسي، وفق ضوابط بيان مؤتمر جنيف1. التي تقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات، تحافظ على مؤسسات الدولة السورية، وتخرج الشعب السوري من دوامة العنف والإرهاب المفاوضين عليه، وتحقق تطلعاته إلى الحرية والتنمية».