نحن في بلد أنعم الله عليها بنعم كثيرة ومنها الأمن والأمان والرخاء مقارنة بما يحيط بنا من قريب أو بعيد. لا ندّعي الكمال في كل شيء ولكننا مجتهدون ونؤكد أن مسيرة التقويم والإصلاح والبناء سائرة في طريقها، والمستقبل إن شاء الله يبشر بالخير العميم. أبوابنا مفتوحة لسماع الآخر، وإعلامنا مفتوح لمناقشة كل ما يصلح البلاد والعباد في ظل مسؤولية منضبطة، وحرية مسؤولة. الإعلام ووسائله من مهامها الأساسية في كل بلد تلبية الاحتياجات والوقوف على مكامن الضعف والخلل، ومحاولة إصلاحها قدر الإمكان. الإعلاميون، وهم كثر، والقنوات والمحطات الإذاعية، والصحافة الإلكترونية والمقروءة لدينا منها أعداد هائلة تدفع لنا كل لحظة بآلاف الرسائل المتفاوتة في طرحها ومستواها. هذه في حد ذاتها سمة إيجابية لو أحسنّا استخدامها. البعض يرى أن من حقه أن يتجاوز الحدود في طرحه ونقده حتى لو اصطدم بمصالح الوطن، والبعض الآخر يرى أن في النقد والطرح (الجائر) غير المبرر الطريق الأقرب للشهرة، وأن استقطاب أشخاص معينين على طاولة الحوار للحديث عن قضايا مثار جدل هو التفوق والتميز. عندما يُوقَف إعلامي أو برنامج، أو تُحجَب صحيفة فحتما أن الأمر، والحال هذه، قد تجاوز الحد ووصل إلى مرحلة التعارض مع توجهات البلاد ومصلحتها العليا. هناك اعتبارات دينية ووطنية وسياسية واجتماعية لابد أن يَنْظُر إليها كل إعلامي ويجعلها نصب عينيه بعيداً عن الاندفاع والبحث عن الشهرة والنجومية. قد يقول قائل: وداعاً للقيود والحد من الحركة في ظل توفر وسائل إعلام وتواصل حديثة يستطيع المرء من خلالها أن يحلق في الآفاق بلا حدود، ويقول ويكتب ما يريد، ولكن هل يعني ذلك ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه؟ الجواب لا؛ فالجهات المختصة لابد لها أن تتصدى لكل ما فيه إضرار بمصالح البلاد والعباد في أي منحى من مناحي الحياة، ولو استلزم ذلك الحجب أو الإيقاف. ما يقال ويكتب في وسائل الإعلام لا يقتصر أثره على من قاله أو كتبه وإنما يتجاوزه إلى الآخرين في الداخل والخارج، ومن هنا يتوجب التعامل مع كل مخالف بما يحقق المصلحة العامة. المملكة، حفظها الله، لا تريد الإساءة إلى علاقاتها مع الدول أو الجهات الصديقة بما يُزعزع ثوابتها، وهي في الوقت نفسه تريد الخير والأمان والسعادة لمواطنيها، ومن هنا فهي لن تسمح لأيّ كان أن يتبنى فكراً، أو يروّج لمنهج يتعارض مع ذلك. الدعم والحرية المسؤولة المنضبطة ستبقى ثوابت في العلاقة بين الإعلامي ورجل الدولة. قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، كثيراً ما أكد على الأمراء والوزراء بتحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه الوطن والمواطن، وأنها أمانة في أعناقهم، وهو أيضا القائد الذي أكد على أهمية الكلمة وخطورتها عندما وصفها في تأثيرها ب (الرصاصة) التي متى ما انطلقت لا يمكن التحكم فيها ولا في حجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه بالآخرين. فهل من مُدّكر أو متعظ..؟