في ريعان شبابه ينبض قلبه ويبتسم محياه وتشرق روحه عندما كنت ألقاه، استشاري طب وجراحة الشبكية في مستشفى الملك خالد للعيون بالرياض، لا يتجاوز عمره الثالثة والثلاثين، عرفته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، هو من المدينة المنورة، تربطني بوالده صداقة قديمة في المدينة المنورة، حيث كان والده من المميزين دراسيا في المرحلة الثانوية، وهو اليوم طبيب متخصص في الغدد الصم والسكري في جامعة الملك سعود، بل إنه رئيس الجمعية السعودية للغدد الصم وأمراض الاستقلاب، كان للابن الدكتور ياسر حضوره الطبي والعلمي المميز، كما كان على مستوى عالٍ من الأخلاق والتدين، وهذا ليس غريبا عليه، فهذا الشبل من ذاك الأسد، فوالده الدكتور عطاالله اتصف منذ نعومة أظافره بسمو الخلق ودماثة الأخلاق، وكان يجمعني به المسجد النبوي الشريف إما في الحصوة أو الروضة أو الرواق، حيث كنت أستذكر دروسي مع مجموعة من أبناء المدينة المنورة، منهم السيد أسامة خليفة والأستاذ جمال عامر والأستاذ عدنان مرسي والدكتور محمد سعيد مغامسي وغيرهم كثير من أبناء طيبة الطيبة، فكان ممن كنت أعرفهم وألقاهم في ساحات المسجد النبوي وكانوا يكبرونني سنا والد فقيدنا الدكتور ياسر ــ رحمه الله ــ وكذلك الدكتور عاصم حمدان والأستاذ نبيل حفظي. إن مما شدني في شخصية الدكتور ياسر ــ رحمه الله ــ من فترة ما كان يكتبه الدكتور ياسر ويغرد به في حسابه في التويتر، ومن ذلك تغريدته التي نصها «الجنة.. إنها نهايات الحدود وبدايات إشراق الوعود.. إنها استقبال الفرح ووداع المعاناة والحرمان.. الجنة زمن الحصول على الحريات فلا قمع ولا سياج ولا سجون، ولا خوف من القادم والمجهول.. الجنة موت المحرمات وموت الممنوعات.. الجنة موت السلطات.. الجنة موت الملل.. موت التعب.. موت اليأس.. الجنة موت الموت».. تذكرت تغريدته هذه عندما علمت أنه عانى كثيرا ــ رحمه الله ــ من مرض السرطان، إن مما عرف عن الأطباء وأكاد أجزم به أن معظم الأطباء يملكون حسا داخليا في اللغة العربية والأدب ومثال ذلك كثير في العالم العربي، فهم يعيشون التمتع بالحس الأدبي نثره وشعره، والابن ياسر ــ رحمه الله ــ ليس بعيدا عن ذلك، إضافة إلى تميزه في تخصصه الدقيق في طب وجراحة الشبكية... وأقدم في نهاية مقالي هذا العزاء لوالده الأخ والصديق الدكتور عطاالله ولأهله وذويه ومحبيه وزملائه وكل من يعرفه، راجيا من الله العلي القديـر أن يسكنه فسيح جناته.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.