لم يواجه أي جزء من العالم المعاصر طوال العقدين الماضيين من جرائم الإرهاب كما واجهته المملكة العربية السعودية، وأيضا لم يواجه الإرهاب بالدرجة الكافية من الحزم والعدل والاستعداد التام كالمملكة. بين هذين الجانبين؛ احتشد كم هائل جدا من الضحايا الأبرياء، وذهب أضعاف أعداد أولئك الضحايا ممن هم على قيد الحياة ضحايا للفكر الضال والمأفون، وانجرفت جماعات هائلة الأعداد من الأفراد خلف شعارات ومناهج للدمار والموت والفتك باستقرار المجتمعات والدول، أدت مع تراكمها وتعقد مشاربها إلى ما نشهده اليوم والعالم بأسره من فوضى عارمة، زاد من تجذرها وتصاعد أخطارها بصورة لم يسبق لها مثيل؛ تورط عدد من الدول خلف تمويل عملياتها الإرهابية والإجرامية، بعضها يصنف ضمن الدول العظمى، وأخرى تختبئ كالأفعى في الحدود الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط. اقتضى الثقل الحضاري والجغرافي للمملكة كونها جوهر العالمين الإسلامي والعربي، في خضم هذه الأمواج الهائلة من التغيرات والتحديات والحروب التي عصفت وتعصف بمنطقة الشرق الأوسط، وتمتد أحيانا إلى أبعاد دولية بعيدة المدى، أن تنتهج طريقا راسخا، ترتكز معالمه الرئيسة إلى الشريعة الإسلامية، فتنقذ مصيرها من الأهواء وتقلبات المصالح، وتضمن قبل ذلك حماية مقدراتها ومجتمعها ومستقبلها من الإرهاب والعبث والفوضى. لم يزدها المضي قدما في طريقها ذلك إلا رسوخها وثباتها على مبادئها، واكتسابها السلام والأمن والاستقرار داخلها، وتحقيقها ذلك أيضا مع شركائها الاستراتيجيين، في الوقت ذاته الذي شهدت غيرها من المناطق وتيرة من التقلبات الحادة، انتهت في بعض تجاربها إلى سقوط أنظمتها بالكامل، وفقدانها التام لاستقرار والأمن، وتورطها في حروب وفتن وهلاك للحرث والنسل، لا تزال تدفع ثمنه الباهظ جدا حتى تاريخه. إن ما قامت به المملكة العربية السعودية في شأن تنفيذ شريعة رب العزة والجلال في حفنة من الإرهابيين، لا يمثل مفاجأة إلا لمن لا يزال مخدرا تحت تأثير فكر شاذ منحرف، أو منقادا لأهواء شيطانه لا فرق إن كان ذلك الشيطان إنسا أم جانا! وماذا كان مصير من تسول له نفسه أو نفس غيره الأمارة بالسوء قبل هذا التاريخ العبث والإرهاب ونشر الخراب والدمار على أرض المملكة؟ إنه المصير ذاته منذ أن تأسست هذه البلاد على منهج القرآن الكريم وسنة رسوله الكريم - عليه أفضل الصلاة والسلام - وهو منهجها الذي ستمضي عليه إلى أن يطوي الله الأرض وما عليها، شاء من شاء وأبى من أبى، لا ولن يحيدها حكومة وشعبا عنه كائنا من كان. لا مجال بعدئذ، أن يتأكد لدى كافة الأطراف إقليميا ودوليا، أن المملكة العربية السعودية تمثل على الدوام المصدر الأول للاستقرار في العالم عموما، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وأن غيرها وفي مقدمتهم إيران تمثل الطرف المضاد للاستقرار والعبث بأمن وسلام شعوب المنطقة، ولم يعد خافيا على أي طرف مطلع على قضايا منطقة الشرق الأوسط، أن المملكة العربية السعودية هي الطرف الأول الذي سخر إمكاناته ومقدراته لأجل توطيد الاستقرار والسلام في كل جزء من المنطقة، وامتدت جهودها ودورها لأجل هذا الهدف إلى مختلف أنحاء العالم من خلال عضويتها في أكثر من منظمة وهيئة دولية. في المقابل لم تتأخر إيران أبدا عن ممارسة دور "جرثومة" الفتن والشغب وإثارة الحرب ونزع فتائل الاستقرار والسلام والأمن من أي موطئ يكون لها فيه حضور. إن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة من سخونة وعدم استقرار وعبث بأمن وسلام شعوبها، ليس فصلا جديدا في صفحات رؤية إيران الصفوية فحسب، بل إنه الرؤية والفكر والمنطلق ذاته الذي دفع بملالي إيران إلى سدة الحكم فيها، وهو ذاته الذي أفضى إلى تفجر الحروب ونزع السلام والأمن حتى داخل إيران ذاتها، دع عنك ما شهدته وتشهده شعوب المنطقة من حروب دامية، وتحول مقار سفارات إيران إلى المصدر الأول لزعزعة الأمن والاستقرار في أي مكان تستقر فيه! وللعالم ولشعوب منطقة الشرق الأوسط أن تتخيل أنه لم يوجد من يردع هذا الكيان الصفوي، ويقف بحزم وقوة في وجه مخططاته وأطماعه وأهدافه المدمرة طوال العقود الماضية. كيف لهذه المنطقة المهمة من العالم اليوم أن تبقى لها إرادة وجود وبقاء أو حتى ذكر بين العالمين؟ شأنها شأن الشعوب والأعراق التي ابتلعتها إيران داخل حدودها الجغرافية اليوم، وخارج حدودها الفارسية تاريخيا، منذ مطلع الثلث الثاني من القرن الماضي؟! والله ولي التوفيق. نقلا عن الإقتصادية