مشكلة العمالة سواء النظامية التي دخلت الوطن، أم غير النظامية، وما شكلته من ضغط على الوطن سواء في اقتصاده أو في الخدمات من طرق ومرافق وطاقة.. وما يتم من تحويلات كبيرة لخارج الوطن، لم توازها فكرة الاستثمار الأجنبي داخل الوطن. بل حتى الاستثمار الأجنبي لم يأت بالتقنية المتوقعة منه، ولا حتى بأفكار جديدة.. بل أدخل عمالة جديدة. التكاثر في العمالة بحيث لو ذهب أحدنا لوسط المدينة عصر الجمعة لظن نفسه غريبا في بلده.. أناس مختلفة الأشكال واللغات.. هذه العمالة التي باتت تهدد الكثير داخل الوطن ومنها وأكبرها بطالة أبناء الوطن، وحرفيتهم.. ولم تفد كثيرا أنظمة وزارة العمل، سواء في إحلال المواطنة في بعض المحلات التجارية، أو في إحلال المواطن في محلات ومواقع عمل كثيرة ضمن برنامج (نطاقات). رغم التكلفة التي يدفعها رب العمل بمقدار 2400 ريال سنويا، مرد ذلك غالبا لسهولة التعامل مع العامل الأجنبي، ومرونته في ساعات العمل، كما خلوه من المسؤولية الاجتماعية، فلا أسرة له ولا علاقات قرابة تربطه هنا، غالبا وقته ملك عمله، ويحفز ذلك العلاوات التي يحصل عليها نتيجة العمل الإضافي.. كما ان هناك أمرا مهماً هو العمل الجانبي الذي يحركه، وهو خارج عمله. من أفراد ومؤسسات، فهو مطلوب ومتواجد..عكس المواطن.. لذا كان لبعض العمالة المخالفة ملاجئ حسنة نوعا ما وعمل متوفر خاصة في الليل حيث تسكن عيون الرقابة وأيام نهاية الأسبوع.. تحديدا عمال البناء وبما يسببه ذلك للمجاورين من إزعاج. تكاثرت العمالة وملأت الشوارع، كما لاحت مشاكل بسبب ذلك، ليس المرور أولها ولا آخرها، ولا ما تسببه من ضغط وتكلفة على الوطن حيث بعض المعيشة مدعومة، مثل الدقيق والسكر والزيوت والرز.. ولا نختلف أبدا بالضغط على المياه والخسارة فيه، فنحن بلد يكلفه الماء الشيء الكثير، ويباع بثمن رخيص مقارنة بالتكلفة. في عدم وجود بطاقات تموينية للمواطن، ولا وجود لعلاوات اجتماعية أيضا يظهر لنا أن العمالة تأخذ حقوقا المفروض تقتصر على المواطن. بلادنا جاذبة للعمالة غير الماهرة وعديمتها بكل ما تحمله الكلمة، فحتى غسيل السيارات اليومي وجدت العمالة فيه مصدر رزق، في حين قبلاً كان المواطن يتسلى بغسل سيارته وحوش منزله، ويجد الصغار متعة المشاركة. لقد كان التساهل سواء من الحكومة والأهالي أن أصبحت البلاد مرتعا خصبا للعمالة، وكثر التهريب.. وتكاثرت البؤر كما البكتيريا.. ولابد من التنظيف وتطبيق نظام الجوازات وإبقاء العمالة النظامية فقط، لا مكان لمن لايملك إقامات نظامية للعمل.. ناهيك عن عملية المتاجرة بالإقامات والفيز، وفي حين نحن نتعامل مع النتائج يبقى المسببون أحرارا.. بل ويمارسون نشاطا ملحوظا في بيعها، وعلى عينك يا مواطن ويا جوازات. كبرت المشكلة وصعبت على الحل، خلال سنة كانت المهل تعطى وتنتهي ثم تمدد، حتى لم يبق مجال للتمديد. عندما استنفرت كل من الأمن والجوازات طاقتهما للتصدي للعمالة الوافدة، كلف ذلك الشيء الكثير وأيضا أدخلنا في صراع مع جيران نحن في غنى عن ذلك، ناهيك عما تسبب من خسارة معنوية ولا أبخس المادية، من سكن وإطعام وما اليه.إنما المعنوية هي التي تهمنا أكثر سمعة وطننا خاصة وقد تم فوز المملكة بكرسي في مجلس حقوق الإنسان. إن مواجهة أفراد أو جماعات صغيرة، أسهل بكثير من مواجهات جماعية، خاصة تلك الجماعات متعاضدة يسندها شعور الفقر والفاقة، لا ننسى أن تراكم المشكلة لسنين خلق وضعا صعبا للغاية، منه توالد العائلات، وتكوين جذور لها في الوطن مع من حصل منهم على الجنسية. لقد جرت محاولات عديدة لمعالجة الوضع بهدوء وروية، لكن استفحل الأمر، وكانت مواجهة المتخلفين، وعمل الأمن واجبة، ولكن بتدخل المواطنين بدا الأمر غريبا خاصة لم نتعود جيدا على مواجهة الأزمات، بل نحتاج جميعا للتدريب عليها، ونحتاج أيضا لفريق يعمل على مواجهة الأزمات والكوارث، فإذا كانت مشكلة العمالة أخذت منا هذا الحيز، وجاء المطر الذي نعشقه فكاد يكون كارثة، عطلت الطرق والمدارس والجامعات وكأننا في حالة حرب.. لا أدعي علماً، لدينا بيت شعر عربي قديم : تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّراً وإذا افترقن تكسّرت آحادا لذا كان من الممكن أن تقسم عملية ترحيل الأثيوبيين بترحيل الأفراد والجماعات الصغيرة، وعلى دفعات قليلة مما لا يسبب تصادماً لا مع العمالة ولا استثارة لمشاعر مواطنينا، وهم يرون العمالة تندفع باعداد كبيرة، وهي تقوم بالتخريب وانتهاك الأمن.. فخلقت سمعة نحن في غنى عنها..