حين أصبح التيار الكهربائي هو الذي يضيء بيوتنا بدلاً من الشموع التي استخدمها الأجداد في الإنارة، اعتقد البعض أن الشموع أصبحت في طريقها إلى الانقراض وأن استخدامها سيقتصر على مناسبات رمزية مثل أعياد الميلاد. ولكن السنوات الأخيرة أعادت الشمع بقوة إلى البيوت ومخططات الديكور بعد أن تنوعت استخداماته وأصبح يسمح لخيال المصممين بالانطلاق بعيداً عن مستوى الشكل والحجم واللون والرائحة كذلك. منى مصطفى مهندسة من إمارة الشارقة، تقول: أهوى شراء الشموع باختلاف ألوانها وأحجامها، فهي تضفي طابعاً من الرومانسية والهدوء النفسي بالبيت، خصوصاً إذا وُضعت في وعاء خاص بها يحتوي على بعض المياه لتسبح فيه الشموع المضيئة وتضفي جواً راقياً من الاسترخاء والهدوء بالبيت، بالإضافة إلى الروائح المعطرة التي تنبعث منها لتجديد مناخ البيت فهي تحمل بالنسبة لي 3 فوائد: الرائحة العطرة والشكل الجميل بالإضافة للأجواء الرومانسية التي تهدئ الأعصاب وتقلل التوتر، وهي ديكور متعدد الفوائد يسر الروح قبل العين. وترى بسملة عبد الرحمن، ربة بيت بالشارقة، أن وجود الشمع وشمعدان الفضة ركنان أساسيان ومهمان في مقتنيات كل عروس، وتعتبرهما من أهم القطع التي يمكن أن تزين خزانة الفضيات، كما يستخدمها البعض كقطعة ديكور قيمة وبراقة لتزيين طاولة الطعام. تضيف: اقتناء الشمعدان كان في السابق يستعمل في الإنارة قبل انتشار الكهرباء، ولكن الآن أصبح يستخدم كنوع من الديكور الذي يوحي بالأصالة وعبق الماضي، خصوصاً أن الشموع أصبحت لها أشكال وأنواع وأحجام مختلفة ومتنوعة. وبالنسبة لي فلا أكتفي الآن بشراء قطعة واحدة وإنما أذهب للسوق كل فترة لأشتري أشكالاً منوعة من الشموع التي تتناسب مع قطع الشمعدان العديدة التي أمتلكها. وتوضح أن أشكال الشمعدان تختلف كما تضم الشموع عدداً منوعاً وكبيراً من التصميمات، فمنها ما يتخذ شكل الأزهار أو البجع أو الطيور أو الحيوانات، وتصلح كل قطعة أن تكون جزءاً من الديكور على حدة، من دون شمعدان. وتقول أماني نبيل، الموظفة برأس الخيمة: أهوى الشموع منذ طفولتي، وكان فانوس رمضان يرتبط في ذهني باستخدام الشمع، وكنت أشعر بسعادة بالغة وأنا أتعامل مع بقايا الشمع الذائب في فانوسي وأستطيع أن أستعيدها وأعيد تشكيلها. كما كانت معلمة التربية الفنية تجعلنا نشكل عدداً من التصميمات الفنية باستخدام الشمع المذاب في قوالب، ومع مرور الزمن تعلمت أشياء عديدة عن هذه المادة المدهشة وارتبط مزاجي بها خاصة بعد أن تنوعت أشكالها واستخداماتها وأصبحت أصنّع بعضها بنفسي وأستخدم القوالب الجاهزة لتشكيلها وتلوينها لتصير قطعاً فنية. وتضيف: كنت أستمتع حين تحظى منتجاتي بإعجاب بعض الصديقات، وهكذا تطور الأمر معي إلى ما يشبه العمل الإضافي. فأنا لا أبحث عن مكسب مادي كبير من هذا العمل ولكنني أستمتع فعلاً إذا طلبت إحدى الصديقات أن أصنع لها بعض قوالب الشموع الملونة بأشكال تحددها. وعادة ما يكون بيتي هو الميدان الذي أجرب فيه الأشكال الجديدة أو التي أريد ابتكارها. حسان المهدي، موظف بنك في إمارة دبي، يؤكد أن الشموع من أكثر الأشياء التي تحبها زوجته وتقبل على شرائها، ويقول إنها تضعف كلما رأت الشمع أو بعض قطع الشمعدان في أحد المحال، ولهذا يعج منزله بأعداد كبيرة في كل ركن وغرفة بالمنزل. يقول: تجد أكثر من قطعة من الشموع بشرط أن يتناسب لونها مع لون طلاء جدران الغرفة أو الأثاث الموجود بها، كما يمتد انتشار الشمع في بيتنا ليصل إلى تزيين الحمامات وتعطيرها لما تطلقه هذه الشموع الفاخرة من روائح عطرية مميزة. وتعدد شهد الشيراوي، الطالبة في جامعة عجمان، استخدامات الشموع، قائلة: تعددت استخداماتها وشملت مجالات كثيرة في الديكور ولم يعد دورها يقتصر على الإنارة فحسب حين ينقطع التيار الكهربائي، أو تزيين كعكة عيد الميلاد، بل تعدت استخداماتها إلى الديكور ككل. وبصراحة لم أكن أدرك أن الشموع يمكن أن تستخدم بشكل واسع بهذا الشكل حتى ذهبت في الآونة الأخيرة، إلى معرض للمصنوعات اليدوية ووجدت أشكالاً جميلة ومتنوعة من الشموع والمنحوتات الملونة التي تصلح لكثير من الاستخدامات. ويوضح ماجد غزاوي، مصمم الديكور، قائلاً: الشموع من العناصر القديمة، ولكنها لم تستخدم إلا مؤخراً كعنصر مستقل في الديكور، كقطعة إكسسوار. فقديماً كانت ديما تستخدم في الإضاءة، وكانت لها وقتها وظيفة محددة ومحايدة جمالياً وكان الديكور يستمد رونقه من الشمعدان الذي كان يُصنع بأشكال فخمة ومن معادن نفيسة، وكان كل جهد مصممي الديكور التقليديين وقتها منصباً على الشمعدان وليس الشمع. وحين أصبحت الطاقة الكهربائية هي الأساس في الإضاءة، اعتقد البعض أن الشمع أصبح من الماضي بينما بقي الشمعدان بلا شمع، كجزء من الديكور الكلاسيكي ليستخدم كتحفة قديمة تصلح لغرف المكتب أو الطعام أو أركان في قاعات الاستقبال، في حين انقرضت مهنة صانع الشمع من أسواقنا القديمة في الشام ومصر والعراق. ويضيف: التطور الكبير الذي شهده استخدام الشموع جاء في السنوات الأخيرة بسبب الانفتاح على ثقافات الشرق الأقصى، التي حافظت على استعمال الشموع حتى بعد دخول الكهرباء لأن استخدامها لم يكن قاصراً على الإضاءة فقط، وأجادت تشكيلها وتنويع ألوانها. كما أن استخدام الشموع المعطرة التي تضفي على المكان عبقاً خاصاً، وشيئاً فشيئاً بدأت شموع الشرق الأقصى تصبح عنصراً مألوفاً في إكسسوارات معظم نظم الديكور الحديثة، خصوصاً في الحمامات وغرف الاستقبال، كما يمكن الاستفادة من خفة وزنها لجعلها تطفو على الماء في أوانٍ خاصة، وبالتالي تستخدم كإكسسوار مكمل بحيث تتجانس النار مع الماء فتضفي لمسة مميزة على الديكور وبالذات في الحفلات والمناسبات. ويرى غزاوي أن أجمل ما في خامة الشمع أنها رخيصة الثمن ولا يوجد حدود لأشكالها نظراً لسهولة تشكيلها في حالتها الذائبة بمجرد وضعها في قالب على الشكل الذي تريده، وبالتالي يمكن عمل تصميمات غير محدودة بطرق سهلة وبسيطة.