كتبت قبل ثلاث سنوات تقريباً عن نظام الكفيل وبأنه آن الأوان للتفكير في إلغائه واستبداله بنظام أفضل لأسباب عدة شرحتها في حينه. وفي لقاء معالي وزير العمل تحت قبة جريدة الجزيرة أعاد الزميل الكاتب الدكتور عبدالعزيز السماري السؤال لمعالي الوزير متى يلغى نظام الكفيل؟ ومع تقديري لمعالي الوزير لم تكن إجابته مقنعة بالنسبة لي، لذلك أكرر الفكرة التي طرحتها قبل سنوات بأهمية إلغاء نظام الكفيل. نظام الكفيل هدفه تنظيم العلاقة بين العامل ورب العمل والتحكم في سوق العمل عبر التأكد من عدم استقدام غير السعوديين ما لم يكن لهم ارتباط عملي ولهم شخص مسؤول عنهم داخل المملكة. فهل تحقق ذلك الهدف؟ 1. هناك خمسة ملايين وافد غير نظامي موجود بالمملكة، وذلك وفق تصريحات متخصصين (جريدة البلاد 26 نوفمبر 2012م). بمعنى آخر نظام الكفيل فشل في استيعاب حوالي نصف الوافدين القادمين للمملكة بصورة نظامية. 2. هناك مئات الألوف الأخرى لديهم كفلاء على الورق لكنهم متسترون حيث لا يعمل مكفوليهم لديهم. الكل يعلم ذلك ويعلم أن الموضوع يصل حد التجارة حيث أصبح السعودي يقبض مبلغاً من المال نظير كفالته غير سعودي ويقبض مبلغاً ليسهل بقاء العامل أو الموظف غير السعودي في البلد يعمل بشكل مستقل. وأصبح الأجنبي يملك البقالة والمغسلة والمطعم وغيرها ويكتفي السعودي بالاسم والحصول على مبالغ مالية نهاية الشهر جراء ذلك. 3. هناك قسوة من بعض الكفلاء مع مكفوليهم مثل القسوة مع الخدم والعمالة بشكل يصلح حد حرمان العامل من حقوقه الإنسانية والنظامية. هذا الأمر أثار ولازال يثير جهات حقوقية عالمية على المملكة، حتى أصبح الموضوع من الأمور المزعجة التي تضر بسمعة المملكة على مستوى حقوق الإنسان وقوانين العمل وغيرها. إذاً نظام الكفيل فاشل ولم يحقق المطلوب منه. بل وأصبح مصدر إزعاج وقلق، فلم لا تفكر وزارة العمل في إيجاد نظام بديل له؟ في كثير من الدول يوجد ما يعرف بتصريح العمل ( ومثله تصريح الدراسة للطلاب، أو تصريح علاج، ...إلخ) وهذا التصريح يخول السماح للأجنبي دخول البلد طالما لديه عقد عمل أو فرصة عمل داخل البلد. وبالتالي لا حاجة لوجود الكفيل/ الوسيط الذي يتحكم في رزقه ويعامله وكأنه ملك له. البعض يتخوف من أن مثل هذا الأمر سيفتح الباب على مصراعيه لدخول الأجانب، وربما كانت هذه حجة وزارة العمل الظاهرة، وهذا تخوف غير مبرر لأن المملكة لن تكون جاذبة أكثر من دول أوربا وأمريكا وغيرها من الدول التي لا تطبق نظام الكفيل. حتماً لدى تلك الدول آلية للتحكم في حجم الأجانب لديها وإحدى هذه الآليات هي منح ترخيص العمل بناء على مدة عقد العمل واشتراط تجديد أو تغيير معلومات التصريح في حالة تغيير عقد العمل بالداخل خلال فترة محددة لا تزيد عن الشهر مثلاً. البعض يرى أن العمالة المنزلية والزراعية وما شابهها قد لا ينطبق عليها الأمر وهذا يمكن معالجته مرحلياً عبر تحرير العقود مع شركات الاستقدام نيابة عن المواطن، وتكون شركة الاستقدام مسؤولة عن توفير عقد عمل للعامل طيلة بقائه في المملكة. أيضا يمكن ربط الاستقدام ببورصة العمل في مجال معين بحيث لا تمنح تراخيص عمل في بعض المهن التي اكتفت من السعودة...إلخ. تلك مجرد أفكار وحتماً هناك تجارب عالمية عديدة يمكن دراستها لإيجاد نظام أفضل من نظام الكفيل الحالي. malkhazim@hotmail.com لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm