×
محافظة المنطقة الشرقية

ستوريدج يقترب من العودة لليفربول

صورة الخبر

تلقي أزمات الإقليم بظلال عميقة على الاستحقاقات الوطنية في الأردن، الدولة المحاطة ببؤر صراعية متفجرة، ويخشى السياسيون والشعبيون – على حد سواء – انتقالها إلى واحة الأمن والأمان، وفق الوصف السائد في البلاد. تخوفات عميقة، لدى صانع القرار، من تأثير المجريات الإقليمية على الداخل الأردني، الذي استطاع تجاوز مأزق احتجاجات الربيع العربي بهوامش إصلاحية بسيطة، يعتبرها مراقبون شكلية، رغم أنهم يرون أن السير فيها ضرورة في ظل التوترات الإقليمية. مصادر في القصر الأردني قالت، لـ اليوم، إن توجهات الملك حيال العملية السياسية، داخل المملكة، تخضع لتطورات الملفات الإقليمية، ما يحيل اتخاذ القرار إلى عملية أشبه بالولادة المتعسرة. ثمة ضغوط كبيرة على صانع القرار، تقول المصادر، وتضيف: لا يمكن تجاهل الحرائق المشتعلة في محيط المملكة لدى اتخاذ أي قرار، نريد الحفاظ على الأردن. وتشير المصادر إلى ملفات ثلاث متفجرة، سوريا والعراق وفلسطين، تؤثر بشكل مباشر على صانع القرار، الذي ينأى بعيداً بقراراته عن إثارة المزاج العام في المملكة. ولا يخفي مطبخ القرار الأردني حساسية المرحلة وطنياً، خاصة في ظل تعهد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإجراء إصلاحات متدرجة، تتعلق بقوانين الانتخابات العامة واللامركزية والبلديات، التي يتوقع أن تنال من جوهر العملية السياسية في البلاد. ولكن، ثار جدل واسع في الأردن إثر دفع الحكومة، التي يقودها عبد الله النسور، بقانون اللامركزية إلى مجلس النواب، وهو القانون الذي سيقسّم المملكة إلى أقاليم، لكل منها مجلس منتخب وحكومة تنفيذية، ويعتبره العاهل الأردني بوابة القوانين الإصلاحية. اللامركزية تثير لدى الأردنيين مخاوف في عدة اتجاهات، أولها المخاوف القديمة – المتجددة من عودة الضفة الغربية إلى الحكم الأردني، وهي العودة التي تحمل معاني كثيرة، لعلها إعادة النظر في المركز القانوني للمكونات الشعبية الأردنية داخل العملية السياسية، وبما يرجح كفة الأردنيين من أصل فلسطيني، وهو ما تخشاه القبائل الشرق أردنية. ثاني مخاوف اللامركزية يتمثل في فتح الباب أمام خضوع الأردن لضغوط إقليمية ودولية تدفعه إلى التوسع شرقاً وشمالاً، باتجاه العراق وسوريا، لإنقاذ المناطق السنية، وهو التوسع الذي يرفضه الأردنيون على مختلف مشاربهم. وعلى الرغم من أهمية القانون في معالجة الفجوات التنموية التي يشهدها الأردن، إلا أن صانع القرار يبدو ليّناً حيال تمريره بالصيغة التي يراها عبر المؤسسة التشريعية، التي تعتبر واحدة من أدوات الصخب والمشاغبة على القانون، وفق مراقبين. يقول مراقبون، استطلعتهم اليوم، إن صانع القرار يبدي لينا حيال تمرير قوانين إصلاحية، كقانون اللامركزية، ولا يريد أن يثير حنق الشارع الأردني، خاصة في ظل ما يشهده الإقليم من تطورات، لكنه في المقابل يريد تجاوز المراوحة في ذات المكان. لا يمكن لعملية التطوير السياسي أن تتوقف، يؤكد مراقبون، ويرون أن الأزمات الإقليمية مدعاة للسير قدماً، ولكن ببذل جهود مضاعفة لإقناع الرأي العام بجدوى الخطوات المرتقبة. الحكومة الأردنية، التي جوبهت بانتقادات لاذعة وجهها رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة لها، باتت بين مطرقة النواب، وسندان الرأي العام، ما يجعلها تبذل جهوداً أوسع في ترويج خطواتها، وهو ما حاوله وزير الإعلام الأردني محمد المومني حين اعتبر قانون اللامركزية حلقة جديدة من حلقات الحكم الديمقراطي. الكاتب والمحلل السياسي لقمان اسكندر، الذي استطلعته اليوم، يرى أن مطبخ القرار الأردني يولي جل جهده إلى المحيط الإقليمي، ما يحيل العملية السياسية الداخلية إلى مرتبة ثانية على سلم الأولويات. يقول اسكندر: إن العملية الإصلاحية الداخلية يجب أن تسير قدماً، وألا تتأثر بالأوضاع الإقليمية، ما نشهده من صراعات هو في أحد أوجهه نتيجة غياب الإصلاح والحكم الرشيد. ويتفق اسكندر مع ما ذهب إليه المراقبون حول حساسية صانع القرار للملفات الإقليمية في تعامله مع الملف الوطني، وهي الحساسية الناجمة عن الحذر من أية خطوة. قبيل أيام، ظهرت بشكل جلي حساسية القصر الأردني حيال أي احتقان شعبي، إذ سارع العاهل الأردني إلى الاستجابة لمطالب شعبية - نيابية بتخصيص طائرتين طبيتين لنقل الحالات الطبية الحرجة من المناطق النائية إلى العاصمة لتلقي العلاج، وهي الاستجابة التي جاءت في اليوم التالي لرفض الحكومة الأردنية تلك المطالب، وهو الرفض الذي أثار حنقاً بين الأهالي. تفصيل كمسألة الطائرتين، على هامشيته، دفع العاهل الأردني عبد الله الثاني إلى التدخل مباشرة في عملية اتخاذ القرار، وتنفيس الغضب الناجم عن موقف الحكومة، التي لم تحظ حكومة في تاريخ الأردن بحجم انتقاد كما حظيت هي. قانون اللامركزية جاء تشريعياً بين قانونين مثيرين للجدل، الأول قانون البلديات وأقر ضمن معادلة سمحت بتأجيل الانتخابات البلدية، والتمديد للمجالس الحالية، في محاولة للنأي بالشارع عن أية استقطابات انتخابية، وفق قول مراقبين، والثاني قانون الانتخابات، وهو القانون الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المملكة. تأجيل الانتخابات البلدية، واستمرار عمل المجالس الحالية إلى 2017، فتح شهية المؤسسة التشريعية على استكمال مدتها الدستورية، التي خضعت لنقاش عميق في دائرة القرار المصغرة لحلها قبل أجلها، بيد أن القرار لم يتخذ للأسباب ذاتها المتعلقة بالإقليم. يقول أحد النواب المخضرمين، في تصريح لـ اليوم، إن أعضاء المؤسسة التشريعية تحسسوا رؤوسهم قبل أسبوعين، بيد أنهم الآن مطمئنون لاستكمالهم المدة الدستورية. ويعترف النائب، الذي طلب حجب اسمه، أن النواب يمتلكون أدوات متعددة لفرض شروطهم، من بينها حساسية مؤسسة القرار حيال الملفات الإقليمية، فلا شك هي واحدة من تلك الأدوات. ويضيف النائب المخضرم يمكن لصانع القرار تخفيف الضغط الشعبي بإقالة الحكومة، المسؤولة دستورياً عن اتخاذ القرارت، وتكليف أخرى أكثر شعبية، بما يسمح له بهامش حركة أوسع في الملفات الإقليمية. ويتفق النائب مع الكاتب اسكندر في حاجة صانع القرار الأردني لعملية سياسية هادئة داخلياً لصالح العمل على الملفات الإقليمية، بيد أن هذا يعني بالضرورة الحفاظ على تقليدية إدارة الحكم في المملكة. الحفاظ على تقاليد إدارة الحكم في الأردن هي مثار جدل أطلقه رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، الذي انتقد إخضاع تكليف رئيس للحكومة لإرادة مجلس النواب، ودعا إلى إبقاء الأمر بيد الملك، وهو ما يخالف توجهات العاهل الأردني ذاته. الطراونة قال: إنه يتمنى العودة إلى مربع صلاحيات الملك في عملية اختيار رئيس للحكومة، مخالفاً تصريحات متكررة، أطلقها العاهل الأردني ودعا فيها إلى حكومات برلمانية، تبدأ بـ اختيار رئيس الوزراء برلمانياً. صانع القرار يسعى إلى تسكين الداخل الأردني، وعدم إثارته، حتى يتسنى له التحرك إقليمياً بما يراه مصلحة عليا للدولة الأردنية، بيد أن الملفات الداخلية لا تقل إلحاحاً عن نظيرتها الإقليمية، خاصة في ظل الضغط الهائل على الاقتصاد الوطني، المستمر منذ نحو خمس سنوات. بيد أن التسويات الإقليمية لا تزال تراوح مكانها، فيما الأزمات تتعمق أردنياً على المستويين الداخلي والخارجي، ما يحيل تسكين الداخل إلى مغامرة غير محسوبة، وفق مراقبين.