حمى الله الكويت فهي مبتلاة بشرر ونار الفرس حتى غزو صدام حسين كان من عقابيل، وتبعات حربه معهم.. لا يزال دوي أخبار المؤامرة الفارسية على الكويت يملأ الآذان ويهزّ القلوب بشاعة ورعباً، ولكن الله لطف.. ما أكثر المتآمرين، والحاقدين. والكارهين، والذين يريدون تحويل بلداننا إلى ساحة صراع لا تنتهي،.. ولكي تتحول إلى حاوية نفايات للأسلحة، والموتى، والأفكار الانقسامية التي يصارع بعضها بعضاً ويقع بعضها فوق بعض، وقع النصال على النصّال.. فمنذ الغدر بالشاه ومجيء الخميني من منفاه في فرنسا ليعلن الثورة وتصديرها إلى البلدان العربية والإسلامية، والمنطقة تنحدر من سيئ إلى أسوأ، ولم يكن ظهور الخميني حادثاً عرضياً، ولا نتيجة طبيعية للأحداث في إيران بقدر ما هو ظهور شخصية معممة غريبة على المسرح أعدت للصراع والاحتراب، وفقاً لمنهج مخطط ومدروس لتفكيك المنطقة، وتمزيقها، وتحويلها إلى بؤر للصراع بدلاً عن التنمية والبناء واستغلال ثرواتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي بين الشرق والغرب.. وهذا مالا تريده الصهيونية وأعوانها وأذنابها المخلصون في المنطقة.. وقد أظهرت إيران الفارسية المجوسية مالا تبطنه وتقنعت بقناع الإسلام والدفاع عن قضايا المسلمين. وأعلنت الحرب على الغرب، والشيطان الأكبر، بينما الغرب في الوقت نفسه يرميها وينعتها بأنها محور الشر في المنطقة.. فارتبكت المنطقة، وتعقدت الأوضاع وتشابكت والتبس الأمر على كثير من الناس، الذين لا علم لهم بالحيل، والألاعيب، والمكر السياسي، حتى زال اللبس واتضحت الأمور ولكن بعد تدمير المنطقة وخرابها،.. فقد حشدت أميركا جيوشاً أممية هائلة واستعملت سلاحاً فتاكاً دمرت به العراق، وأهلكت نسله وحرثه بزعم وجود أسلحة دمار شامل حيث ضحكت مع أعوانها على شعوبها وعلى العالم إذ لم يجدوا إلا أفران الخبز ومصانع حليب الأطفال!! ثم سلمت أميركا هذه البلاد العربية إلى مواليها في العراق من الحاقدين على العروبة والدين ومن المشوهين لصورة الإسلام النقي بالدجل والخرافة ودماء فلق الرؤوس والأجساد!! وفتحت الهجرة بل دفعت بملايين الإيرانيين إلى العراق ففي بغداد وحدها عاصمة الخلافة والثقافة العربية فيها اليوم أكثر من مليون ونصف فارسي.! وأصبحت اللغة الإيرانية تزاحم العربية هناك..!! كل ذلك على حساب العروبة والعرب السنة الذين أُخرجوا من ديارهم بعد أن أُبيد منهم أكثر من مليونين ونصف المليون، ومورست عليهم أفظع أنواع الجرائم الإنسانية، من السجن والسحل والاغتصاب..!! وكانت أميركا تلعب على محور العداء والتحذير من إيران ومفاعلها النووي، حيث أخذت تناور وتضحك على شعوب المنطقة من الخطر النووي الإيراني وذلك من أجل إشغال الرأي العربي والعالمي عن مكائدها من أجل تمكين الفرس في العراق وتقسيمه وفقاً للمخطط الأميركي حول تغيير خارطة المنطقة.. وهاهم المسؤولون الأميركيون يقولونها بصراحة ووضوح "اليوم حان تقسيم العراق.." وأخيراً كشف القناع عن هذه الألاعيب عن طريق الاتفاق الأميركي الإيراني حول إغلاق الملف النووي، والذي تم استغلاله واللعب عليه طويلاً بين الطرفين لصالح إيران، إذ اتضح أن كل ما في الأمر لا يتجاوز كونه مسرحية سياسية هزلية فلو كانت أميركا جادة لدمرت هذا المفاعل في ربع ساعة كما فعلت بالمفاعل العراقي عن طريق ربيبتها إسرائيل..!! في أحداث الكويت المجللة بالبشاعة والعتمة والسواد أصبحت الأمور مكشوفة كالشمس من أن المخطط الصهيوني الأميركي الفارسي، يسعى لتفكيك منطقة الخليج على حساب المدّ والهيمنة الفارسية ورفع لواء ولاية الفقيه..!! وذلك عن طريق إشغالها بالفتن، والصراعات الداخلية من خلال صناعة وتنشيط المنظمات الإرهابية كحزب الله وتنظيم داعش الذي صنعته الاستخبارات الأميركية - -باعتراف الأميركيين أنفسهم- ورمت به في المنطقة مزوداً بكل وسائل الفتك والمال، ليس للإرهاب والقتل فحسب بل لخلق الصراع حول وجوده، وأسباب نشوئه، ومصادر تكوينه الفكري، إلى درجة أن هذا الصراع والجدل وصل حد اتهام المناهج، بل تجرأ بعضهم على القرآن الكريم زاعماً بكل وقاحة وتحريض من أنه مصدر الإرهاب زارعة بذلك ألغاماً عقائدية خطيرة.. ومن ثم فإن البلبلة والافتتان والتصارع الفكري، وصل إلى ذروته مما أوغر صدور كثير من الناس حول غمز ولمز، مصدر عقيدتهم وهذا بكل تأكيد سوف يزيد من كمية الاحتقان والغليان في الصدور من هذا التجديف والاستفزاز، وهذا قد يكون سبباً لصراع وتفكيك فكري قد يتحول إلى صراع وتفكيك جغرافي لا سمح الله، وهو ما تسعى إليه إيران الفارسية، والمد الصهيوني وأذنابه.. فهل نتنبه إلى هذه المخاطر.. ونعي ما يحاك لنا، وننبذ خلافاتنا ونتعاضد سوية لإطفاء هذه الحرائق المحيطة بنا؟ أم نترك الحبل على الغارب للسفهاء، والحاقدين، والذين يريدون كيداً لبلداننا، مغلبين عواطف الكراهية على مصلحة الأمة والوطن، بكل سفاهة ورقاعة ومجانية واستهتار ويمارسون اللعب بأوراق الوطن وعقيدته كما لو كانوا يمارسون لعبة أوراق "الكوتشينة" في جلسة أنس خاصة..!! أدعو الله أن تصحا الضمائر، والعقول، وأن نتنبه للخطر المحدق بنا، وأن نعي أن الكارثة لو وقعت لا قدر الله فإنها سوف تطحن الجميع.!